قانون العمل الجديد في أدراج الحكومة
انه القانون «العجوز» لم يزل على رأس العمل...ومع ان تسطير نعوته تصدر اجندة مواعيد «وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل» لسنوات طويلة إلا ان الافراج عن قانون العمل الجديد «المولود» المنتظر يبدو ملوحاً في الافق مع تأكيد الوزارة ان مشروع القانون اصبح في عهدة رئاسة الوزارة جـــــاهزاً للاقــــرار منــــذ 18 شباط 2006.
«الشؤون الاجتماعية» طبعاً عتمت على المحتوى ورفضت كشف النقاب عن هوية وملامح القانون الجديد بعد 45 عاماً على قانون العمل المعمول به حالياً والصادر عام 1959 وهو القانون الرئيسي فيما يتعلق بالتوظيف في القطاع العام ويتضمن الاحكام المتعلقة بقضايا عقود العمل وساعاته والعطل وانهاء الاستخدام....الخ
- اذاً، نحن امام قانون له من الخصوصية الكثير لجهة التشغيل والتوظيف..فالحكومة وعلى رأسها شركات القطاع العام تمثل اكبر رب عمل في سورية..ودائماً مهما توسعت وتفرعت القطاعات المرادفة «خاص، مشترك» تبقى «وظيفة الدولة» هي الاكثر اغراء لاكثر من اعتبار اخرها الدافع المادي لان المقابل المادي هنا اقل من الخاص ولكن ثمة ثقافة وتعود على الاحتماء تحت عباءة الحكومة لانها الاكثر اماناً وضماناً للمستقبل...لذا تكثر المساعي وعلى قلتها الآن للتمسك بخيط يوصل الى اي وظيفة مهما كان مستواها وصفتها دائم-متعاقد-مؤقت موسمي المهم علق نفسك بذلك الثوب الفضفاض الذي يتسع للجميع...؟
- سجلت احصائيات العام 2002 ان الحكومة والقطاع العام عموماً وظف حوالى ربع اجمالي العاملين علماً ان معظم موظفي الحكومة يعملون خارج مجال خبرتهم. ومع ذلك واصلت الحكومة استيعابها للوافدين الجدد وخريجي الكليات داخل «اروقتها» والتي توصف بالبيروقراطية إلا انها ولو كانت كذلك فهي مرغوبة هرباً مع رأسمالية «الخاص» وتسلطه حتى عندما لا تكون هنالك حاجة الى ذلك يبقى الدور الابوي يلبس الحكومة وان خلعته لن يرضى المواطن بحكم العادة وستبقى مسؤولة امام متطلباته وحقوقه.
وفي الوقت الذي وظف العام 4٪ من العمال عام 2002 وظف الخاص المنظم 52٪ ووظف الخاص غير المنظم 23.5٪ تقريباً مع التنويه بانه بين 1995و2002 زادت نسبة العاملين في القطاع الخاص المنظم من 39٪ الى 52.1٪ بينما انخفضت حصة القطاع الخاص غير المنظم من 34٪ الى 23.5٪.
وحسب دراسات هيئة تخطيط الدولة فإن نصف العدد الاجمالي للعمال في سورية يعملون بأجر، وشكل العاملون بأجر 47.7٪ من اجمالي العاملين في 2002 جاء بعدهم العاملون لحسابهم الخاص 27.6٪ والعمالة الاسرية غير المأجورة 16.1٪ واصحاب المشاريع 8.4٪ وعمال غير مأجورين اخرين 0.2٪.
وتجدر الاشارة الى ان عدد العاملين لحسابهم الخاص قد ارتفع بشكل كبير بين 1993-2002 وفي الواقع زادت نسبتهم من اجمالي العاملين من 21٪ الى 27.6٪ بينما انخفضت نسبة العمال المأجورين من 54.2٪ الى 47.7٪.
- وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ممثلة بشخص الوزير مسؤولة عن تطبيق قانون العمل بما يتضمنه كمستوى الحد الادنى للاجور في القطاعين العام والخاص، مع الاشارة الى ان الاجور مازالت لا توفر المستوى المعيشي اللائق مما يفسر الى حد كبير لماذا يقوم العاملون في القطاعين العام والخاص بعمل اخر.
هنا ثمة مفرزات ومنعكسات لمستوى الوظائف وللاجور حيث طغت على السطح اشكالية عدم التوافق بالمؤهلات اذ يعتبر حوالى 7٪ من العاملين في سورية وظائفهم لا تتوافق مع مؤهلاتهم وتصل هذه النسبة الى حوالى 7.3٪ بين الذكور مقابل 3.5٪ بين الاناث وعموماً يبرز عدم التكافؤ بين المهارات والمؤهلات ضمن حملة الشهادات الثانوية والجامعية وفي الواقع يعتبر غالبية العاملين على اساس الشهادة الثانوية والجامعية اعمالهم لا تتوافق مع مؤهلاتهم. بالاضافة الى ذلك فإن ظاهرة عدم التكافؤ تتباين بين المحافظات وحسب المسح تتواجد أعلى نسبة بين العاملين الذين يعتبرون عملهم بعيداً عن تحصيلهم في محافظات القنيطرة-درعا-الحسكة-حلب-دمشق.
- عدم التوافق هذا بالاضافة الى تدني الاجور يدفع العمال في القطاعين العام والخاص الى مزاولة عمل ثاني وفي الواقع يزاول 6٪ من العمال اعمالاً اخرى والعمل الثاني اكثر انتشاراً بين الذكور منه بين الاناث وهو اكثر انتشاراً في القطاع العام من الخاص ففي عام 2002 كان حوالى 6.6٪ من اجمالي العمال يزاولون وظيفة ثانية يقابلها 1.7٪ بين العاملات وفي القطاع الزراعي حوالى 13٪ عام 2003.
كما ان الظاهرة المثيرة للاهتمام هي التشغيل الناقص اذ يعتبر 27٪ من العاملين يعملون جزئياً حيث هناك اكثر من 600 ألف عامل فصلي وما يقارب 600 الف عامل غير دائم. وفي الواقع قد يكون التشغيل الناقص-حسب دراسات وابحاث معمقة-أعلى لان عدداً كبيراً من السكان يعتمد على الاستخدام الزراعي الفصلي علاوة على ذلك يعمل الكثير من العمال الحضريين بشكل جزئي.
علي بلال قاسم
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد