ومازال النقاش محتدماً حول ورقة اللوبي الصهيوني في أمريكا
الجمل : بعد أن نشر بروفيسران أمريكيان بارزان بحثهما حول علاقة الولايات المتحدة مع إسرائيل، فقد أدت استنتاجاتهما إلى عاصفة من الحوار الساخن .
جون ميارشايمر (John Mearsheimer) من جامعة شيكاغو ، وستيفن والت (Stephen Walt) من جامعة هارفرد ، قاما بنشر بحثهما الأخير على موقع جامعة هارفرد على الشبكة ، ثم قاما بنشر ملخص مختصر له على موقع عرض لندن للكتب . هذا وكان عنوان الورقة البحثية : اللوبي الإسرائيلي وسياسة الولايات المتحدة الخارجية . وقد تضمنت عملاً مكثفاً ، أدى إلى إثارة الكثير من الصخب ، والاشتعال الذي قد لايتوقف بسهولة .
يمكن تلخيص النقاط الأساسية والرئيسية التي تضمنتها الورقة البحثية على النحو الآتي :
لقد ظل تأييد ودعم الولايات المتحدة لإسرائيل ثابتاً وارسخاً لا يتزحزح ، إلا أنه في بعض الأحيان لايتلاءم مع مصالح أمريكا .
هذا ، وقد تساءل البروفيسران : لماذا ظلت الولايات المتحدة مستعدة لقبول أن تضع أمنها جانباً من أجل دعم وترقية مصالح دولة أخرى ؟ وقد تمثلت إجابتهما فيما أطلقا عليه تسمية " سطوة القوة المتفردة للوبي الإسرائيلي".
وقد أشار البروفيسران ، إلى أن اللوبي ظل يتضمن عدداً من الأمريكيين في إدارة الرئيس كلنتون ، وبقدر أكبر في إدارة الرئيس بوش ، إضافة إلى الدوائر البوتستانية الانجليكانية ، ولجنة الشؤون العامة المشتركة الأمريكية الإسرائيلية والإيباك (AIPAC) ، وأيضاً عدداً من المحررين في الصحف الأمريكية الكبيرة .
لقد أحدثت الورقة البحثية ، خلافاً حاداً متنامياً ، وصل إلى حد الشتائم والإساءة ، هذا وقد قال البروفيسران مارشايمر و والت ، بأنهما لم يتوقفا عن التعرض للنقد ، ومايثير دهشتهما واستغرابهما هو أن الانتقادات الموجهة إليهما أخذت طابعاً شخصياً . وقد أفاد كلاً من الرجلين ، بأنهما غير راغبان في التعليق على الهواء حول بحثهما ، وإنما سوف يردان على ذلك كتابةً .
اتهامات بالتعصب الأعلى ، والبحث القذر :
ومن جملة الانتقادات التي اتهمت الورقة البحثية ، بأنها تمتلىء بالفكر القذر والتعصب الأعمى المجافي للحقيقة ، وقد قال إليون كوهين – اليهودي – والبروفسير بمدرسة الدراسات الدولية العليا بجامعة جون هوبكنز ، بأن مضمون الورقة البحثية معادياً للسامية : " إن مضمونها مثيراً للجدل ، وإنني سوف أقف ضده .. " كما وصف كوهين أيضاً الورقة بأنها تهدف إلى الهجوم والاعتداء على اليهود الأمريكيين : " هذه ليست دراسة حول ما يجب أو ماينبغي أن تكون عليه السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط . وبالتالي فإن هذه الورقة ، ليست سوى هجوماً موجهاً بشكل رئيسي ضد وطنية اليهود الأمريكيين "
وأضاف كوهين بأنه قد أرسل آراءه إلى صحيفة الواشنطن بوست " أنا مستاء وممتعض من هذه الورقة بمراره ، .. ، لأن ابني الذي يعمل جندياً في العراق يعرض نفسه لخطر القنابل من أجل بلدنا ، وكل من يطعن في ولاء وطنيتي ، لن يكون سوى معتدي على الذوق العام ، ومثيراً لحفيظتي "
أيدت كل من جامعة هارفارد ، وجامعة شيكاغو حق البروفسيران مارشايمر و والت في الكتابة والنشر ، وذلك على أساس اعتبارات أنه يتعلق بالمسألة الكلاسيكية للحرية الأكايمية ، وقال مسئولو جامعة هارفرد ، إن ذلك يعتبر سارياً حتى إذا قامت مدرسة كينيدي التابعة لجامعة هارفرد بإزالة اسميهما من صفحة غلاف الورقة البحثية المعروضة على موقع الشبكة .
وجهت مدرسة كينيدي الدعوة لكلية هارفارد لكي تعلق على الورقة ، كان من بين التعليقات ، ثمة أربعين صفحة توجه نقداً نارياً غاضباً ، قام بإعدادها وكتابتها بروفيسر القانون آلان ديرشوفيتز – اليهودي – وقد ركز على وصف الورقة البحثية بأنها استخفافاً تاريخياً معادياً للسامية ، ومشابهاً لبروتوكولات صهيون .
كذلك ، فقد كان هناك ، جدلاً وخلافاً أكبر حول أبرز الأفكار التي طرحتها الورقة البحثية ،فحول موضوع "الإرهاب " أشار البروفسيران إلى أن : " لدى الولايات المتحدة مشكلة مع الإرهاب والسبب في ذلك يرجع بوضوح وبقدر كبير إلى تحالفها الوثيق مع إسرائيل " وحول موضوع العراق قالا" إن الضغوط بواسطة إسرائيل واللوبي الإسرائيلي لم تكن هي السبب الوحيد وراء قرار مهاجمة العراق في مارس2003م وحسب ، بل ورئيسية "
ردود فعل متباينة من صانعي السياسة الأمريكية :
قال لاري ويلكرسون ،بأن الجنرال كولن باول رئيس هيئة الأركان السابق ، ووزير الخارجية السابق أيضاً ، وصف الورقة البحثية بأنها تتضمن بعض العيوب ، ولكنه برغم ذلك ، وضعها ضمن المقرر الدراسي لطلابه في جامعة جورج واشنطن وكلية ماري ووليم ، وذلك من أجل المزيد من النقاش وتسليط الضوء عليها .
كذلك قال ويلكرسون أعتقد بأن الورقة تتضمن مايمكن أن أطلق عليه تسمية الإضاءات العمياء لما هو واضح ، والقول بالإضاءة العمياء لما هو واضح ، يمكن فهمه على النحو الآتي :
ما هو واضح وبارزٌ أن الناس يهمسون بشكل منخفض في أمريكا حول اللوبي الإسرائيلي ، ولا يستطيعون المجاهرة بذلك علناً في الحفلات ، خوفاً من أن يسترق السمع ، أحد ما .. والآن ، بفضل الإضاءة التي قدمتها الورقة ، فإن باستطاعة الذين كانوا يهمسون ، أن يتحدثوا ملء الفم وعلانية وصراحة ..
نيد ووكر ، رئيس معهد الشرق الأوسط ، والسفير الأمريكي السابق في مصر وإسرائيل قال بأن الورقة تضمنت " عدداً من الثغرات " وقال بأن التحليل حول خطر تهديد الإرهاب لم يكن موفقاً : لم يكن دعم إسرائيل السبب المحفز لأسامة بن لادن لكي يستهدف الولايات المتحدة ، .. بل إن السبب هو بالأحرى تأييد ودعم الولايات المتحدة للحكومة السعودية ، .. كذلك فقد تصلب ووكر حول الفكرة القائلة بأنه هو أو أي دبلوماسي أمريكي آخر ، سوف يضع إسرائيل فوق مصالح الولايات المتحدة : " لقد عايشت لفترة طويلة ما كتب هؤلاء الرجلان عنه ، وأنا لا أقر بصحة هذا المكتوب ، ولا بالطريقة التي كُتب بها ، فقد كانت في الحكومة طوال هذه الفترة "
أما ميشيل شيوار فقد ذكر قائلاً، بأن مارشايمر ووالت على حق وصواب ، والجدير بالذكر أن ميشيل شيوار هذا ، كان مسئولاً رفيعاً بوكالة المخابرات المركزية ، ويعمل الآن محللاً لشؤون الإرهاب في محطة أخبار سي بي إس (CBS) ، وأيضاً في موقع مناهضة الحرب على الشبكة ، وإضافة لذلك فقد كتب " شيوار قائلاً إن مارشايمر و والت ، في ورقتهما البحثية استطاع أن يصف ويفسر واحداً من أكثر الحملات الدعائية التي ظلت " تحقق نجاحاً من الولايات المتحدة .. ومن ثم الواجب الثناء عليهما على الجهد والعزم الذي بذلاه حتى استطاعا أن يقدما ورقة بحثية حول هذا الموضوع .. وأتمنى أن يستمر البروفسيران في ذلك .. "
الحوار المرتفع السخونة :
لايعتبر البروفسيران مارشايمر ، ووالت من الخبراء في شؤون الشرق الأوسط ، فهما محللان بارزان ومنظران في السياسة الخارجية ، ومدرجان ضمن قائمة المفكرين في أمريكا . وتخصصهما حصراً في مجال تفسير كيف تعمل السياسات الدولية ، كان السبب في جعل ورقتهما البحثية الأخيرة تتلقى انتباهاً متزايداً ، وحواراً مكثفاً لافي أمريكا وحسب ، وإنما في وسائل الإعلام الأوروبية والإسرائيلية .
كذلك كان من بين الذين علقوا ، بول فندلى ، عضو الكونغرس السابق عن الحزب الجمهوري ، ونائب ولاية ألينوى ، وقد قال واصفاً الحوار بأنه كان يجب أن يأتي قبل فترة طويلة " بإمكانكم أن تتصوروا ، إلى أي حد أنا مسرور بهذا ، وأعتقد أن بإمكاني أن أتخذ موقفاً .. طالما كنت خبيراً في شؤون اللوبي الإسرائيلي .. على النحو الذي جعلني أصبح مستهدفاً بواسطة هذا اللوبي طوال الثلاث سنوات الأخيرة التي أمضيتها في الكونغرس.. "
هذا ، وقد كان بول فيندلي ناقداً عنيفاً متشدداً لسياسة إسرائيل ضد الفلسطينيين ، والجدير بالذكر أن فندلي قد استطاع تكوين لوبي خاص به ، لدعم انتقاداته ضد إسرائيل ، وهو " مجلس المصلحة الوطنية " وقد نشر صفحة كاملة في صحيفة أمريكية مطالباً بفرض الرقابة والسيطرة على اللوبي الإسرائيلي .
هذا ، وقد وصف جدعون روزى ، مدير تحرير مجلة فورين أفيرز ، أن الحوار الذي أشعله البروفسيران مارشايمر ووالت لايمكن أن يكون على شاكلة نمط الأفكار والآراء الساخرة التي يسعى من أجلها فندلي وجماعته : " لسوء الحظ أن مارشامير ووالت قد حددا بقوة مادرساه .. فهما يوجهان اتهاماً .. بازدواجية الولاء .. بينما آخرون يوجهون لهما اتهاماً بمعاداة السامية .. "
هذا ، والجدير بالذكر أن الورقة البحثية التي قام بإعدادها البروفسيران مارشايمر ووالت ، سوف تأخذ أبعاداً كبيرة .. ولكي تعرف مدى صحة ذلك ، فإن كبسة واحدة على محرك البحث ( غوغول ) ، يمكن أن تكشف لنا مئات .. ومئات التعليقات حول هذه الموضوع
الجمل : قسم الترجمة
المصدر : إن بي آر
إضافة تعليق جديد