(باب الحارة) واالعودة إلى القيم الطالبانية خوفا من رياح التغيير
الجمل– أحمد خليل: في صباح كل يوم لابد لموظفي الدوائر الحكومية في سورية طيلة أيام شهر رمضان المنصرم من نقاش آخر ما شاهدوه في مسلسل باب الحارة ليلة أمس، ولا بد من رؤية البعض يتحسرون لعدم رؤية حلقة المسلسل الماضية، في حين يكون المسلسل حديث الساعة في جلسات النساء المعجبات بأبي شهاب (العكيد) ورجولة معتز وحلم أبو عصام...ووصل الامر أن بعض المتدينين يطلب من الائمة اختصار صلوات التراويح للحاق بباب الحارة مساء ...
والسؤال الان ما هو تفسير ظاهرة (جماهيرية) عمل فلكلوري من طراز هذا العمل؟!
يختصر العمل دمشق (أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ) الى مجموعة من القبضايات حاملي الخناجر ومجموعة من النسوة عملهن اليومي النميمة (الحماة والكنة والداية ) وأهم الاحداث في الحارة هي حين يغضب أبو عصام ويطلق زوجته فيصبح الحدث الشغل الشاغل للحي كما يثور ابنه عصام من حماته فيطلق زوجته نكاية بامها الثرثارة، كما نتابع حلقة بأكملها تدور حول حمل زوجة عصام فهل هو حمل كاذب أم صحيح وتضج الحارة بحادثة طرد حماة عصام للداية لانها مرسلة من قبل سعاد حماة ابنتها....هذا غير معارك تأديب الانذال أمثال أبو غالب وأبو بدر من قبل (الزكرت) معتز ...
حي مغلق بباب كبير تتنازعه سلطة الزعيم وسلطة المخفر في زمن الاحتلال الفرنسي لسورية (طبعا لانرى أي أثر للفرنسيين في حارة أبي شهاب الا العلم الفرنسي بجانب العلم السوري في المخفر!! وعلاقة (أبو شهاب) الغامضة مع ثوار مفترضين وغائبين...) خارج سور الحي يقطن الغرباء (أبو النار) والاخرين وهم جميعهم أعداء وكل من يدخل الحارة يجب الحذر منه فهو بالضرورة عدو مفترض أو مرسل من قبل الاعداء...
يعيد العمل طرح قيم الذكورة المفتقدة الان حيث المرأة جارية في بلاط الزوج هدفها الاول والاخير اطاعة الزوج وكسب رضاه بينما رجال الحارة عناصر مطيعة لما يأمر به زعيمها الذي لايأتيه الباطل من وراء أو أمام فحتى مخفر الشرطة لايتجرأ على معاداة الزعيم!! وبقدر ما يكون رجل باب الحارة عصبيا قويا سريع الطعن بخنجره يكون محترما ومهابا ومحط اعجاب الصبايا من خلف الابواب المغلقة...
هذه هي دمشق الثلاثينات والاربعينات القرن الماضي حسب صناع باب الحارة!! دمشق التي ضجت بالصالونات الادبية وبالحركات السياسية وبنساء بارزات وبمفكرين كبار...(عبد الرحمن الشهبندر- شكري القوتلي- نزار قباني- ثريا الحافظ - خالد بكداش....وأكثر من خمسين صحيفة وعشرات المطابع..) تتحول الى مدينة منغلقة مؤلفة من مجتمع أُمي فلا صحيفة ولا مدرسة .. هي عدة قبضايات تدافع عن انغلاقها وعدة نسوة مشغولات بالتآمر على بعضهن ..
باب الحارة يأتي في سياق هزيمة ساحقة على مستوى الامة والهوية وطغيان الاخر (العدو) وبالتالي لابد من العودة الى القيم (الطالبانية) وثقافة الانغلاق التي تحمي العشيرة من (غزو) الاخر القادم من (خلف الحدود-السور) فالحفاظ على الهوية والنقاء يقتضي تمتين الاسوار والابواب ومنع رياح التغيير من القدوم الى الحارة وزعزعة قيمها وايمانها وتخلفها..
فالجمهور يبحث ولو في الاوهام التلفزيونية عن قليل من الكرامة، فمعارك معتز ورجولة أبو شهاب وقلب أبو عصام الكبير تدغدغ مشاعره وتشعره بالنشوة وبوهم الانتصار كما تعزز شخصيات المسلسل قناعاته بضرورة بقاء المرأة في منزلها تخدم زوجها ولا تنكشف على الغرباء..
باب الحارة 2العمل الجماهيري والنسخة التايوانية من ليالي الصالحية وأيام شامية والخوالي...يوقظ من جديد قيم العشيرة ويعزز هوية الانغلاق، وجماهيريته تؤكد هذا التوجه الفكري في العمل وليس دليلا على رقيه الفني ...انها دراما المقهورين الذين استفاض في مناقشة سيكولوجيتهم مصطفى حجازي في كتابه الشهير (التخلف الاجتماعي- سيكولوجيا الانسان المقهور).
في مسرحية (عدو الشعب) لهنريك ابسن يحذر الطبيب من مشروع جر مياه شرب ملوثة الى السكان (تنفذه بلدية البلدة ورئيسها شقيق الطبيب) فيهاجم الاهالي منزله بالحجارة لكونه يقف في وجه المشروع الكبير، ويُوجه له السؤال التالي: هل كل هذا الجمهور على خطأ وأنت على صح: عندها يقول الطبيب كلمته الشهيرة: (ومتى كانت الأغلبية على حق)؟!!
الجمل
التعليقات
syria
انه وللمرة
للأسف.............
مسلسل جميل
فشيتلنا قلبنا
لا فض فوك
سحر { باب الحارة}
الامارات
الامارات
إضافة تعليق جديد