16 مليوناً من أصل سوري في أمريكا اللاتينية
يعد المغترب العربي السوري السيد روفائيل مبيض من أبرز المغتربين قاطبة، فهو ــ بالاضافة الى حضوره الأخّاذ والفاعل حتى اليوم ــ أحد مؤسسي فيآراب في فنزويلا عام 1977.
وأحد مؤسسي فيا آراب في فنزويلا عام 1977، شارك ويشارك في جميع الفعاليات الاغترابية، ويحضر المؤتمرات المتعلقة بها، مثل النادي السوري في كاراكاس، والمجلس الرعوي «كنيسة مارجوريوس»، عضو مؤسس في غرفة التجارة العربية ــ الفنزويلية، يحمل شهادة الدكتوراة في القانون التجاري، عمل مستشاراً للكونغرس الفنزويلي في مجموعة تعديل الدستور، يمارس مهنة المحاماة في أكثر من دولة أميركية لاتينية.
خلال زيارته الى سورية «الوطن الأم» التقته «تشرين» وكان الحوار التالي:
ہ كيف تنظر الى واقع المغتربين بعد التجربة الطويلة التي عشتها في هذا المجال؟
ہہ عندما أسسنا «فيا آراب» كان المغتربون يعانون من حالة ضياع، وكانت الهوية الثقافية والاجتماعية تواجه خطر الذوبان، وكان هدفنا الرئيس أن نقيم جسراً بين جميع المغتربين ووطنهم الأم.
كانت بدايات العمل الاغترابي المؤسساتي عام 1940 عن طريق الحزب القومي السوري الاجتماعي وهم يستحقون التقدير، لأنهم وضعوا اللبنة الأولى في هذا السياق، وفي السبعينيات من القرن الماضي ارتأينا أن الروابط الاغترابية والنوادي الأدبية بحاجة الى تطعيم ومنهجية تلائم الأجيال الجديدة، وتعمل على تعزيز مواقف الجاليات العربية في دفاعها عن القضايا العربية، وهناك عدد من الأشخاص لابد من ذكر أسمائهم احتراماً وتقديراً للجهود التي بذلوها في سبيل تطوير العمل الاغترابي ومنهم: رشيد سابا، البرتو شكور، محمد مراد، حنا يعقوب، اسكندر الياس، فيكتور أنانيا، جودت أتاسي، وغيرهم.
بدأنا العمل بعد أن قام وفد من المغتربين بزيارة الوطن الأم عام 1963، وبعد العودة بدأ التحرك والاتصال مع القائمين على النوادي والروابط، وتكللت جهودنا بعقد أول مؤتمر اغترابي مهم عام 1973 وفي 1979 انعقد المؤتمر الرابع في كاراكاس وهو من أكبر المؤتمرات الاغترابية التي عقدت في الخارج ومن أهمها، وللأسف انتقلت الأمراض في الحياة السياسية العربية الى بلدان المهجر بعد هذا المؤتمر، وتسللت الخلافات بين الأنظمة العربية، لتعبر المحيط، ما أدى الى شلل وجمود في عملنا الاغترابي ومنذ ذلك الوقت لم نستطع الخروج بشكل نهائي من تداعيات هذه الأمراض والخلافات.. صحيح أن اجتماعات كثيرة عقدت بعد ذلك الحين، لكنها لم ترق الى المستوى المطلوب ومع كل ذلك، فإن «فيا آراب» هي من أسست لفكرة القمة العربية ــ الأميركية اللاتينية.
ہ ما المطلوب الآن لتحسين أداء المغتربين؟
ہہ المغتربون بحاجة الى مدارس عربية، ومراكز ثقافية ومكاتب إعلامية فاعلة، وهذا غير متوفر، والمشروعات التي كانت في جدول أعمال وخطط «فيآراب» لم تتحقق، لأن التمويل لم يكن موجوداً، علماً أننا تقدمنا الى عدد من الدول العربية لتمويل هذه المشروعات، لكن سورية كانت الدولة الوحيدة التي ساعدت ــ وفق إمكاناتها ــ على افتتاح مراكز ثقافية.
أما الآن ومن أجل استقطاب المغتربين، فأرى انه من الضروري أن نخاطبهم بلغة يفهمونها، ونبتعد عن لغة الأمر والتوجيهات، لأن المغترب في أعماق قلبه متعلق بالوطن وبقضاياه، لذلك لابد من إعادة النظر بكثير من القوانين والطرق التي اعتمدت في السابق، وفي هذا الإطار توجهنا العام الماضي الى جامعة الدول العربية، وطلبنان عقد مؤتمر اغترابي استثنائي في القاهرة، تمت الموافقة الأولية عليه، وسيعقد في منتصف الشهر القادم، وستقوم جامعة الدول العربية والمسؤولون في «فيآراب» بدراسة ومراجعة كثير من المشروعات والخطط أملاً في أن تعود هذه المنظمة الى ألقها وفاعليتها.
ہ الى أي مدى أثّرت قمة برازيليا في دفع المغتربين نحو تطوير عملهم وتعزيز دورهم؟
ہہ بعد القمة قامت الغرف التجارية في دول أميركا اللاتينية بمحاولات عديدة لتفعيل التبادل التجاري والاقتصادي بين الطرف العربي والطرف الأميركي اللاتيني، وتم تحقيق بعض الخطوات، وعلى الجميع أن يدرك أن عدد المغتربين السوريين في أميركا الجنوبية يتجاوز 16 مليون مغترب، وفي فنزويلا لمفردها 38 منظمة عربية والكثير من الكنائس والجوامع والأندية، لكنها تفتقر الى التنسيق فيما بينها، لذلك أطالب وزارة المغتربين مع تقديري لجهودها، أن تبذل جهوداً مضاعفة في سبيل هذه الكتلة الاغترابية في أميركا الجنوبية، وأن تعطي الوزارة من وقتها وجهدها ما يتناسب مع عدد وثقل وفاعلية الجاليات، لأن من غير المعقول أن نساوي بين جالية عددها مئة مغترب وبين جالية ضخمة وفاعلة تتعدى الملايين.
ہ لكن الوزارة تقوم بجهود مشكورة، وهي حريصة على جميع المغتربين؟
ہہ صحيح وأنا أقدر ذلك، لكن أطالب بجهود أكثر تتلاءم ــ كما قلت ــ بالعدد والوزن والثقل.
ہ ما الطريق المناسب الذي تراه كفيلاً لاستقطاب المغتربين وتفعيل دورهم؟
ہہ أرى أن تبقى العملية الديمقراطية في الروابط الاغترابية هي الأساس، لأن المغتربين أدرى بشؤونهم، وعلى الجميع أن يحافظوا على الهياكل والمؤسسات التي تنظم عمل الجاليات ويحترموا أيضاً الانتخابات الديمقراطية في الروابط، وهذا يُسهل علينا القيام بدور سياسي عالي المستوى.
ہ وماذا عن منظمة البرلمانيين المتحدرين من أصل عربي؟
ہہ للأسف فإن هذه المنظمة مصابة بالشلل لأنها فقدت أي متابعة وأي دعم وتواصل وأنا كنت مستشاراً فيها وأبلغت المسؤولين العرب أن المتابعة والتواصل والدعم لا يتم عبر الهاتف فقط.. ويجب أن يكون التواصل على أرض المهجر، وأي نجاح لبرلماني متحدر من أصل عربي، هو نجاح لقضايا العرب، وهنا أحب أن أتوجه بالشكر الى الفضائية السورية التي يتابعها المغتربون السوريون في كل مكان، ونأمل منها المزيد من البرامج التعليمية والاجتماعية والثقافية التي تربط المغترب بوطنه الأم، وهذا الأمر نراه قريب التحقق، لأن السيد وزير الإعلام الدكتور محسن بلال يملك تجربة كبيرة مع المغتربين، ويعرف جيداً أهمية الإعلام ودوره في جعل المغترب أكثر حضوراً وأكثر تضحية في خدمة وطنه. وفي نهاية هذا الحديث أوجه أعطر التحيات الى السيد الرئيس بشار الأسد الذي يقود سورية بحكمة وشجاعة وشفافية، والذي ينظر إليه المغتربون بكل فخر واعتزاز ومحبة وتقدير.
سمير الشيباني
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد