وديع يوسف أعطى السينما شبابه.. و رحل بعيداً عن الضجيج
بوفاة المخرج السينمائي وديع يوسف تفقد السينما السورية أحد المخرجين المخضرمين الذين واكبوا انطلاقتها الإنتاجية منذ أواخر الستينيات وحتى أواخر التسعينيات عندما أحيل على التقاعد.
عرفت المخرج الراحل وديع يوسف منذ ثلاثين عاما , وطوال الأعوام الثلاثين لم يغير تعامله مع الناس , وكان اسمه متناغما مع سلوكه وعلاقته بالآخرين , فكان وديعا لطيفا هادئا , لا ينم على أحد كما كان الحال السائد في الوسط السينمائي , ورغم أن كثيرين كانوا يتحدثون عنه ويحسدونه بسبب حيويته ونشاطه السينمائي كان يقابل ما يصله عنهم بالمسامحة .
المخرج الراحل من مواليد الغسانية في 7 / 9 / 1937 , درس الإخراج السينمائي في المعهد العالي للسينما بموسكو وتخرج منه عام 1969 , ويفخر أنه تتلمذ على يد المخرج السوفييتي الكبير غريغوري تشوخراي صاحب أفلام ( الطلقة 41 والسماء الصافية وأنشودة الجندي ) , وهو الوحيد بين المخرجين السوريين الذي درس السينما المعهد المذكور على حسابه الخاص وليس عن طريق الإيفاد أو المنحة , و كان أول مخرج سوري يتخرج منه , وأخرج هناك فيلمين كمشروع تخرج وهما الفيلم الروائي المتوسط الطول ( المتهم ) والفيلم القصير(النزهة ).
وأنجز خلال رحلته السينمائية أكثر من خمسين فيلما قصيرا , وكان أولها في عام 1969 بعنوان ( مقابلات ) وقد صوره بطريقة الكاميرا الخفية حيث يتحدث الناس عن أحلامهم وطموحاتهم بتلقائية , واهتم بالمبدعين الشعبيين فصور فيلما عن الرسام أبي صبحي التيناوي وعن أمير البزق محمد عبد الكريم , وكلها من إنتاج المؤسسة العامة للسينما
ومن أهم أفلامه التسجيلية مجموعة أفلام سينمائية رصدت زيارات الرئيس حافظ الأسد إلى الدول الصديقة , وثلاثية تشرين وهي أفلام ( وجاء تشرين عن وقائع المعارك و( الصمود( عن الجبهة الداخلية و( القتلة ) الذي يكشف التصميم الصهيوني المسبق على قتل الأبرياء من خلال مقابلة مع طيار صهيوني أسير قصف مدينة دمشق .
وأخرج وديع يوسف عددا من الأفلام الروائية الطويلة العديد من الأفلام السينمائية , فشارك في عام 1974بفيلم ( العار ) المكون من ثلاثة أجزاء , وأخرج أول أفلامه الروائية الطويلة في عام 1980بعنوان ( المصيدة ) بطولة سمر سامي وعبد الهادي الصباغ , وحقق حضورا جماهيريا عند عرضه في الصالات السورية , وقد عرض لمدة ثمانية أسابيع في عرضه الأول بدمشق , وحازعلى الجائزة الأولى في مهرجان طهران السينمائي.
الفيلم الروائي الطويل الذي وقعه وديع يوسف كان ( الانتقام حبا ) من إنتاج القطاع الخاص في عام 1986 وقام ببطولته أديب قدورة وغادة الشمعة , وتلاه فيلم ( باسمة بين الدموع ) عن رواية بنفس الاسم لعبد السلام العجيلي , وقام ببطولته ناجي جبر ونبيلة النابلسي , وأخرج في عام 1990 فيلم الابتسامة بطولة ممدوح الأطرش ومنى بيطار .
وشارك وديع يوسف في عدد من الأفلام المشتركة السوفيتية العربية , فكان المخرج عن الجانب العربي ومنها معروف الاسكافي , والحسناء والمارد , وكان الجانب السوفييتي المخرج طاهر مختار , وشارك بعد ذلك في إخراج فيلم الظاهر بيبرس من بطولة نور الشريف , وكان عن الجانب السوفييتي بولات منصوروف .
وللمخرج الراحل مساهمات درامية وبرامجية في التلفزيون , ولكنها قليلة جدا , ولذلك توقف عن العمل التلفزيونية .
وقد نال وديع يوسف جوائز عديدة لقاء أفلامه الروائية والوثائقية بلغت ثمانية جوائز في مهرجانات موسكو وطشقند وكارلو فيفاري وطهران .
ويرحل وديع يوسف بصمت بعيدا عن الضجيج الاعلامي كما كان في حياته , فسلاما عليك أيها المخرج الوديع .
محمد قاسم الخليل
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد