هل صندوق دعم الإنتاج الزراعي يلبي الطموح؟

18-11-2008

هل صندوق دعم الإنتاج الزراعي يلبي الطموح؟

أن تصل متأخراً خيراً من أن لا تصل، على ضوء اهتمام الدولة بالقطاع الزراعي اليوم وزيادة اعتمادات الزراعة بمقدار 24.8 % فإن ذلك مدعو لأن يشكل الدعم للقطاع الزراعي أكثر تشجيعاً أكثر مما هو متاح حالياً سيما أن الدعم الزراعي لا يلبي الطموح ويجب أن لا يتوقف الدعم عند بعض المحاصيل الاستراتيجية بل ضرورة التوجه إلى أمور ومسائل أكثر ضرورية للمزارعين تساهم في التنمية الزراعية وتوفر السلعة الغذائية بشكل أوسع وسعر مناسب يلبي أكبر الشرائح وأوسعها، إضافة إلى تلك المحاصيل الاستراتيجية المساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني...
* اعتراف متأخر...
شيء مريح جداً أن يكون هناك اهتماماً زراعياً حيوياً داعماً للقطاع الزراعي سيما في اعتراف الكثير من الجهات ومنها المالية كوزارة المالية بأن القطاع الزراعي يشكل دعماً أساسياً للتنمية الزراعية والاقتصادية، ولكن كان من المريح أكثر لو أن الدعم الزراعي سيكون لزراعات أخرى تشكل رافداً من روافد الدعم للاقتصاد الوطني تتجلى في ابراز أهم المشكلات التي تواجهها تلك المحاصيل ومعالجتها بتقديم الدعم في إيصالها إلى الأسواق الأخرى لتحقيق المنافسة والريعية والجدوى الاقتصادية المطلوب منها خاصةً أن سورية كما هو معروف بلد الاكتفاء الذاتي في الزراعة والمحاصيل الغذائية ويجب علينا هنا تحقيق جانباً من الدعم لمنافسة الزراعة خارجياً بعد أن تم الانفتاح الاقتصادي وتحرير المستوردات الخارجية بأبعاده الواسعة. مثلاً الحمضيات نتيجة ما يواجهه مزارعوها من أزمات ومشاكل بيئية وإنتاجية في زراعته سنوياً سيما الأعوام الأخيرة فضلاً عن ارتفاعات التكلفة الداخلة في الإنتاج مثل الأسمدة والأدوية والتكاليف الفرز والتوضيب والشحن والعبوات الفارغة وغيرها فإن زراعتها تلاقي اليوم ضعفاً كبيراً بالمنافسة بالأسواق المجاورة بسبب غياب النوعية والجودة وغياب المشجعات التصديرية المتمثلة بسياسة الحماية المتبعة في بلدان عدة كدول الاتحاد الأوربي هذا بالإضافة إلى ضعف المنافسة التسويقية وتأمين الاسمدة للمزارعين بأسعار مناسبة، حتى لا نبعد كثيراً هناك زيت الزيتون على الرغم من أنه يحقق مستوى قياسي مع العالم في زراعته إلا أنه يواجه معاناة كبيرة للدخول للأسواق المجاورة نتيجة غياب المنافسة وضعف العملية التصديرية القائمة عليه ولعل ذلك جاء باعتراف الاقتصاد لدينا بأن القطاع الزراعي وخاصة المنتجات الأساسية تتعرض إلأى المنافسة القوية في السوق المحلية والدولية ونتيجة الدعم الذي تقدمه الدول الأخرى وخاصة المتقدمة منها للإنتاج الزراعي من جهة وللتوجهات الاقتصادية العالمية القاضية بفتح الأسواق وزيادة الحرية والتجارية وتوقيع العديد من الاتفاقيات العربية والدولية التي تسمح بالتحرير التجاري بشكله الواسع...
دون المستوى المطلوب
التوجهات الحكومة طبعاً ركزت وتركز خلال الفترات الحالية على منح القطاع الزراعي الأولوية قبل القطاعات الأخرى من خلال تقديمها للمزارع كل الدعم الذي يحتاجه نظراً لما يتمتع به هذا القطاع الزراعي من مكانه بالغة الأهمية في هيكلية الاقتصاد السوري، لكن ما يواجهه المزارع اليوم من تحديات خطيرة أهمها انعكاسات الأحوال الجوية على المنتجات والمحاصيل يجعل الكثير من المزارعين أن لم نقول أغلبهم يحجم عن الإنتاج والزراعة، خاصة بعدما جاء في التقرير الذي صدر مؤخراً من قبل وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي للعام 2007 المتضمن التشريعات والقوانين المعدلة لتتبع تنفيذ خطة القطاع الزراعي والمتخذة عام 2008، الذي برر الاضطراب الحاصل في القطاع الزراعي بالظروف الجوية واضطراب أسواق الدول المجاورة وارتفاع الأسعار نتيجة لرفع الدعم عن المحروقات، وعلى الرغم من أن القطاع الزراعي من أهم القطاعات من حيث مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وفي توفير الأمن الغذائي الوطني، فإن هذا القطاع للأسف لازال دون المستوى المطلوب من الاهتمام، فالأسعار الممنوحة من قبل الدولة للمحاصيل الزراعية كما هو ملاحظ قليلة ولا تكف لاستمرار المزارع في متابعة محصوله تناسباً مع ما يواجهه السوق المحلية من ارتفاع عالمي ليس له مثيل، والدعم الذي أتى إلى الزراعة والمزارعين بشقيه النباتي والحيواني لا يسمن ولا يغني من جوع وكان الأجدر إيصال الدعم إلى مستحقيه الزراعيين أكثر من ذلك وليس التوقف على محاصيا ثلاثة منها الشوندر السكري والقطن والقمح فهناك مزروعات أخرى تشكل إيراداً قوياً للاقتصاد وأساساً لاعتماد الأيدي العاملة عليها خاصة بعد أن حققت سورية حققت الاكتفاء الذاتي في العديد من المحاصيل الاستراتيجية العدس والحمص وخضار فواكه مع توفر فوائض منها...
صندوق الدعم
طبعاً الزيادة في اعتماد الزراعة للميزانية الجديدة العام المقبل بمقدار 24.8 % و22.1% للري تعكس اهتمام الحكومة بالقطاع الزراعي الذي من شأن ذلك أن يساهم في تعزيز الأمن الغذائي ويوفر أسباب تطوير وتنمية هذا القطاع خاصة أن عشرة مليار ليرة هي رصيد الاعتماد الدولي في الموازنة الاستثمارية لعام 2009 الخاص بصندوق الدعم الزراعي هذا الصندوق الذي سيبدأ به عام 2009 بناء على توجيه للجنة الاقتصادية التي شملت المحاصيل الاستراتيجية للموسم الزراعي الصيفي 2008 – 2009  وتحديد المحاصيل الرئيسية التي سيتم تشميلها بآلية الدعم الحكومي ثم إدراج الصندوق في ميزانية العام فمن جهة وزارة الزراعة أوضحت لنا أن مهام الصندوق للدعم سيتولى تقديم مبالغ الدعم المخصصة لتحقيق السياسات الزراعية المقررة والتي يتم تحديدها من قبل مجلس الوزراء سنوياً ودعم مستلزمات الإنتاج وتتضمن البذار المحسن والغراس والأعلاف المخصصة للثروة الحيوانية والأدوية البيطرية والتلقيح الاصطناعي واللقاحات المستخدمة لتطوير الثروة الحيوانية والمكافحات العامة ضد الجائحات ودعم أسعار بعض المحاصيل الزراعية كالاستراتيجية (قمح- قطن- شعير- شوندر سكري) والمحاصيل والمنتجات الزراعية (نباتية- حيوانية) والتي ترى وزارة الزراعة ضرورة تشجيع إنتاجها مستفيد من هذا الدعم على حد قولها ( المنتجون الزراعيون) الذين ينفذون الخطة الإنتاجية الصادرة عن الوزارة والمقرة من مجلس الوزراء وتقوم مديريات الزراعة استناداً بالتنظيم الزراعي وبعد شطب المخالفين بموجب المرسوم 59 لعام 2005 بتجهيز القوائم الاسمية على مستوى المنتج الزراعي للمساحات والمردود المخططين والمنفذ منهما وإرسالها إلى فرع صندوق الدعم في المحافظة ولا يستفيد من دعم المنتجات الزراعية المنتجون المخالفون للخطة الإنتاجية الزراعية على مستوى المحصول أو المنتج. سيما أن مشروع الصندوق كما هو معروف يأتي في إطار التوجهات الرامية إلى تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي ودعم خطة إنتاج المحاصيل الزراعية الاستراتيجية بما يحقق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي ويهدف إلى تشجيع الإخوة الفلاحين على زيادة إنتاجهم وتحسين أوضاعهم المعيشية وخاصة من خلال دعم مستلزمات الإنتاج بأشكاله المختلفة ودعم أسعار بعض المنتجات الزراعية إضافة إلى دعم المكافحات العامة والغراس بأنواعها المختلفة وعمليات استصلاح الأراضي والأدوية البيطرية واللقاحات وغيرها. والأهم من ذلك كله حسب قول الحكومة هو تعرض القطاع الزراعي وخاصة المنتجات الأساسية إلى المنافسة القوية في السوق المحلية والدولية التي باتت واضحة للعيان اليوم.
محاصيل دون أخرى...
بالمقابل نجد الاهتمام الحكومي واضحاً بمحاصيل زراعية اعتبرت استراتيجية بنظرها مثل القمح والقطن على حين لا زالت بعض المزروعات الأخرة وهي كثير تئن من شدة الارتفاعات التي طالتها جراء مادة الوقود وأجور التكلفة الاخرى ولعل أبرز ذلك في التوصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة تحديد آلية منح الدعم للفلاحين المستحقين من زراعة القطن على الآبار التي تعمل على المازوت بناء على القرار الخاص رقم 31 الخاص بتحديد سعر القطن لعام 2008 المقرر شراؤه من قبل المؤسسة العامة للحلج وتسويق الأقطان وتحديد الدعم الذي سيقدم للفلاحيم بمبلغ 3000 ليرة للدونم القطن الواحد المزروع على الآبار أما دعم القمح فاكتمل نصيبه بالدراسة التي أعدتها مديرية دعم القرار في رئاسة مجلس الوزراء حين وضحت فيما يخص القمح بأنه ضرورة استخدامات الري الحديث واعتماد أساليبه لإتاحة الفرصة لإرواء المزيد من المساحات المزروعة بالقمح والاستمرار بدعم الفلاحين وتشجيعهم على زراعة محصول القمح بكل الوسائل الممكنة وخاصة المراجعة المستمرة لها في سعر شرائه على ضوء تكلفة الإنتاج والأسعار العالمية.
بهاء الدين حسن عضو مجلس الشعب رئيس مجلس الأعمال السوري التركي علق على ذلك في مجال الدعم الحكومي للمزارع عندما قال بأنه يجب إعداد الدراسات المستمرة والمراجعة الكاملة وتسعير شراء القمح من الفلاح حسب الأسعار المواكبة للأسواق الأخرى كل ذلك في سبيل المحافظة على هذه الزراعة المساعدة في تنمية الاقتصاد الوطني وتوفير الغذاء مضيفاً السيد حسن حتى يحافظ على هذه الاستراتيجيات الزراعية لا بد من تحسين الوضع المعاشي للمنتجين الزراعيين ونبني تعديلات هيكلية قادرة على مجاراة متطلبات التطوير الزراعي وتطبيق السيايات الزراعية المقترحة بكافة أبعادها والتي تتضمن الإشراف على القطاع الزراعي وتنشيط دوره بشكل كبير ضمن اقتصاد سوق اجتماعي يلبي الطموح...
ضعف في المنافسة
يبدو أن الحاجة أصبحت ماسة للتركيز على تصنيع المنتجات الزراعية لزيادة القيمة المضافة وتحقيق العوائد الأفضل من الإنتاج الزراعي بعد امتلاك سورية امكانيات مقبولة لتطوير الزراعة وتحقيق الأمن الغذائي بشكل أكبر خاصة في استخدام السياسات المستقبلية لتحقيق أهداف القطاع الزراعي وتحقيق التطور الزراعي الشامل منها استخدام الموارد الطبيعية والزراعية والمحافظة عليها (أراضي ومياه ومراعي طبيعية وبادية وحراج... الدكتور عادل سفر وزير الزراعة قال إن الإنتاج الزراعي حقق خلال السنوات المذكورة تطوراً كبيراً لعدة أسباب منها المساحات زيادة الجبلية والهضبية والمستصلحة وزراعاتها بالمحاصيل وبالأشجار المثمرة إضافة إلى اعتماد وإدخال أصناف نباتية وأنواع حيوانية عالية الإنتاج وتوفير مستلزمات الإنتاج في مواعيدها المحددة بالإضافة إلى الخبرة المتولدة عند المنتجين وزيادة المجالات الخدمية المقدمة وتطوير البنية التحتية للزراعة مؤكداً أن هناك زيادة في معدلات النمو الاقتصادية في القطاع الزراعي إضافة إلى الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية وتوفير حاجة الاستهلاك الوطني من السلع الغذائية الحياتية والأساسية والسعي إلى توفير حاجة الاستهلاك الوطني من السلع الغذائية الحياتية والأساسية والسعي إلى توفير السلع الزراعية بالكميات والنوعيات المطلوبة لمعامل التصنيع المحلي خاصة أن موضوع الزراعة في الناتج القومي شكل الناتج الزراعي فيها تطوراً نوعياً في القيمة وبالأسعار الثابتة، لذلك نحن نتساءل ما دام الاكتفاء الذاتي موجوداً وحاجة الاستهلاك المحلي – من السلع الغذائية الحياتية النباتية والحيوانية (القمح والبقوليات الخضروات والفواكه وغيرها من اللحوم الحمراء والبيضاء – مؤمنة فلم إذا الانطوائية في المنافسة أين تحقيق الذات في الزراعة؟ لا شك أن المنافسة كبيرة لقطع الشوط للوصول إلى سلع ومحاصيل في الجودة والسعر العالميين...
لا بد من القول إن القطاع الزراعي يعد من أهم القطاعات من حيث مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وفي توفير الأمن الغذائي الوطني والمواد الأساسية للصناعات المحلية الغذائية والتحويلية وغيرها هذا فضلاً عن تشكيله 30% من حجم القوة العاملة السورية وفرص العمل، وإذا كانت الزيادة في اعتماد الزراعة تشكل دعماً للزراعة واعترافاً للدولة بأهمية الزراعة في تنمية الاقتصاد الوطني فإنه يجب أن يكون هناك حدوداً مفتوحة للتعامل مع أشكال الدعم للمزروعات الأخرى وليس الاكتفاء بمحاصيل قليلة سيما أن الارتفاعات الأخيرة التي شهدتها الأسواق المحلية والعالمية جعل الزراعة تتوقف على القلائل من العاملين بها سيما بعد انسحاب أعداد كبيرة من الفلاحين وتحولهم إلى أعمال أخرى أكثر نفعاً على حد قولهم مما يدعو اقتصادنا إلى أخذ الحرص بهذا الجانب الذي يشكل خطراً جسيماً يحدق باقتصاديات الزراعة...


محمد جبر العمر

بورصات واسواق

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...