هل انتقل الاسد من حالة الدفاع إلى موقع الهجوم بعد نفاذ المبادرات؟
تتسارع الأحداث في المنطقة بحيث بدأت التطورات تحتسب بالساعات وليس بالايام او بالاسابيع. فبعد أقل من يوم واحد على فرار الطيار السوري بطائرته الميغ 21 إلى الاردن، ردّت دمشق بإسقاط مقاتلة تركية من نوع فانتوم 4، موجهة بذلك رسالة استباقية شديدة اللهجة إلى المجموعة الغربية تحمل أكثر من عنوان وأخطر من مضمون.
وفي سياق الحديث عن حرب الطيران المستجدة، كشف عقيد طيار سابق عدداً من المعلومات تطرح أكثر من علامة استفهام حول ما جرى ويجري. فمن الوجهة التقنية الصرف، تحتاج طائرة الميغ 21 لقطع مسافة الـ200 كلم الفاصلة بين قاعدة الضمير السورية والحدود الاردنية، حوالي اكثر من خمس دقائق، خصوصاً أنّ الارتفاع المفترض لا يسمح بالطيران بسرعة عالية، ما يعني انها لم تخرج عن مراقبة الرادارات، وبالتالي فان المصادر الامنية السورية تؤكد بان القيادة لم تعط سلاح الدفاع الجوي علما مسبقا بطلعات تدريبية او حتى دوريات حراسة ومراقبة، ما يؤكد بان الفرار حصل فور الاقلاع ولم تنفصل الطائرة عن السرب في حال كانت هناك حقيقة اكثر من طائرة، مع الاشارة إلى أنّ المنطقة التي خرجت منها المقاتلة تعتبر منطقة عمليات للمروحيات السورية وليس للمقاتلات. وهذا ما يطرح اكثر من علامة استفهام حول عدم اتخاذ الدفاعات السورية اجراءات رادعة بحق الطائرة الهاربة.
وبدا ان الاجابة لم تتأخر طويلا، اذ شعر النظام وللمرة الاولى ربما بالخطر الحقيقي ما دفعه إلى لعب اكثر من ورقة في وقت واحد. الاولى داخلية من خلال تسعير الحملة العسكرية ضد المعارضة المسلحة من خلال الانتقال النوعي من حيث نوعية الاسلحة المستخدمة، والكفيلة بتسريع عمليات الحسم. والثانية رسالة نارية وشديدة اللهجة إلى كل الداعين للتدخل العسكري في سوريا. فاسقاط المقاتلة التركية حمل قدرا كبيرا من الاسئلة على غرار نوعية وماهية المهمة التي كانت تقوم بها المقاتلة، وهل كانت وحيدة ام من ضمن سرب، وبالتالي هل كانت تلك المقاتلة تقوم بعمليات مسح بالقرب من القاعدة الروسية المستحدثة في طرطوس، مرورا بالهدف الحقيقي من لجوء انقره إلى استفزاز سوريا بهذا الشكل.
اما الرسالة السورية المفترضة فهي موجهة بحسب المصادر إلى الناتو، ومفادها ان قرب انقره من سوريا لا يعني ابدا عجز الاخيرة عن استهداف المخاطر الجدية، وبالتالي فان الحدود السورية المعترف بها ما زالت في سلم اولويات الخطوط الحمر. ومن جهة ثانية فان المضمون الاوسع هو التشديد على قدرة الجيش وتماسكه في مواجهة محاولات التدخل اكان ذلك من البوابة التركية او الاردنية او حتى اللبنانية. فالامور وصلت بالنسبة للنظام إلى الذروة ولم يعد هناك اي امكانية للحلول السياسية في ظل تواجد المسلحين وتناميهم.
وفي ظل هذه الرسائل النارية، تكبر علامات الاستفهام حول ما اذا كانت سوريا انتقلت من مرحلة الدفاع إلى نقطة الهجوم الصاعق، وكذلك الامر حول امكانية نشوء ازمة دبلوماسية بين دمشق وعمان على خلفية استعادة المقاتلة السورية، وبالتالي دخول الاردن مباشرة في صفوف التحالف الداعي لاسقاط الاسد، واستطرادا ما اذا كانت خصوصية الاردن قادرة على التماسك بوجه الازمات الطارئة. اما السؤال الاكبر فيبقى حول مصير قائد الطائرة التركية ومساعده، وما هي الاحتمالات في حال تمكنت البحرية السورية من الوصول اليهما، وما هو الثمن المترتب على تركيا لاستعادتهما، وهل يكون قائد الجيش السوري الحر والطيار الفار ام انه سيكون اكثر من ذلك بكثير؟
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد