معارضة الداخل تنتقد اجتماع الدوحة ونتائجه: إعادة تشكيل للمجلس الوطني وإذكاء للحرب
شككت قوى معارضة سورية، أبرزها «هيئة التنسيق الوطنية»، بقدرة الكيان المعارض الجديد «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية» على تحقيق اختراق في مسار الأزمة السورية، معتبرة التجمع الجديد بمثابة إعادة «تشكيل للمجلس الوطني» أو «إذكاء للحرب الأهلية الدائرة».
ورأى المتحدث باسم «هيئة التنسيق الوطنية» المعارضة منذر خدام أن «ما توافقت عليه بعض قوى المعارضة في الدوحة يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن لا بد من دعمها بخطوات جديدة تتضمن العمل على تجميع قوى المعارضة الأخرى التي لم تشارك فيه والتحرر من سيطرة الأجندات الخاصة غير السورية والتفكير بعقلانية سياسية لا بعقلية البدوي حامل السيف».
هذا ما يقوله خدام مضيفاً: «على كل حال، الأيام والأشهر المقبلة سوف تبين لنا مدى صلاحية الائتلاف الجديد لقيادة الثورة السورية... الفشل سوف يكون مدمراً، وبذوره موجودة للأسف».
بعض بذور العنف، كما يشرحها خدام ، تتمثل بقيام الجهات المنظمة باستثناء قوى معارضة أساسية من المشاركة في النقاش أو الحضور، من بينها «هيئة التنسيق» و«تيار الغد» وقوى كردية ويسارية أخرى، فيما تجدر الإشارة إلى أن من دُعي من «هيئة التنسيق» قد دُعي بشكل شخصي لا من ضمن كيان الهيئة.
يوضح خدام أن الائتلاف الذي ظهر أشبه بـ«عملية إعادة تجميع للمجلس الوطني»، الذي سبق وتفكك وتعرض لانسحابات متكررة، بعد أن عادت شخصيات مختلفة عبر كيان الائتلاف الجديد. لكن المشكلة الكبرى، برأي المعارض السوري المقيم في مدينة اللاذقية، هي في التأثير الصارم لقوى خارجية متمثلة بتركيا والولايات المتحدة وقطر. وفي السياق، يذكّر خدام بما سبق وذكره مشاركون في الاجتماع من «إنذارات قطرية بمنع المغادرة قبل الاتفاق»، الأمر الذي «سمح بهذه الولادة القيصرية المتسرعة، والتي تحمل احتمالات فشل كبيرة».
صحيح أن خدام يكرّر في كلامه دوما: «ان أي توحيد لقوى المعارضة هو خطوة إيجابية، وان تشكل الائتلاف يأتي في هذا السياق»، لكن «النجاح الحقيقي هو في مراجعة نقدية ذاتية لقوى المعارضة وأسباب فشلها، لا في إعادة إنتاج القوى القديمة بشكل جديد»، والذي شبهه البعض بمثابة تشكيل «جبهة وطنية تقدمية للمعارضة تقودها حركة الإخوان المسلمين من وراء عباءة المجلس الوطني»، في تشبيه ساخر لـ«تحالف الجبهة الوطنية التقدمية التي يقوها حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا».
كما يبدي خدام خوفه من أن تؤدي الخطوة لانقسامات أكبر، ليس بالطريقة الاستعراضية التي كانت تجري في المجلس، وإنما بشكل جوهري في قوى أساسية كـ«لجان التنسيق المحلية»، التي انقسمت إلى قسمين: واحد داخل الائتلاف يقوده عمر إدلبي، وثان داخل المجلس يقوده منهل باريش.
من جهته، يعتبر رئيس «تيار الدولة» المعارض لؤي حسين أن ما جرى في الدوحة «لا يساهم بحلّ، لكونه مجرد محاولة لتشكيل قطب سياسي في مواجهة قطب آخر هو السلطة».
واعتبر، في تصريحات من مكتبه في دمشق، أن «الأمر يساهم بتذكية الحرب الأهلية التي تقوم على أسس تضارب أقطاب»، قائلاً إن «مشكلة سوريا ليست في وجود قطب يوازي السلطة فقط، وإنما في مسائل أخرى منها التدويل والحرب الأهلية القائمة، وهي مواضيع تحتاج لنقاش لا يستطيع القطب الذي تشكل مناقشتها».
وأضاف حسين: «إذا كان هنالك من يتصدى لهذه النقاط سنكون معه، لأننا حينها نكون في ائتلاف وطني جامع ولسنا عناصر في قطب لمواجهة النظام»، معلناً موقفاً مشابهاً ولكن أكثر حدة من فكرة تشكيل حكومة منفى، ما يعني أن تكون شبيهة بـ«حكومات فترات الاستعمار»، والتي كان اختيارها يتم عبر قوى خارجية.
وأظهر حسين أن «التيار» قد تلقى دعوة من الخارجية الإيرانية للمشاركة الأسبوع المقبل في مؤتمر حول «الحوار الوطني» السوري، منوها إلى انه لم يبلغ الجانب الآخر موافقته على الحضور بانتظار معرفة تفاصيل إضافية.
ووفقا لرئيس «التيار» فإن ما يجري الآن ميدانيا هو «تثبيت مواقع بانتظار اللحظة التفاوضية المناسبة بين واشنطن وموسكو» والتي يتوقعها خلال أشهر.
وفيما يتصاعد التحذير من كل ما يروجه قادة الائتلاف والمجلس الوطني من «حصولهم على ضمانات بتأمين السلاح» ، يزداد التأكيد وفقاً للقاءات الهيئة مع مسؤولين دوليين آخرهم المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي ألا حلّ سيحصل سوى الحل السياسي، فهل فعلا ما زال مسؤولو الائتلاف يصدقون أن موضوع الغزو الخارجي سيحصل؟
الإجابة تأتي في ملخص مقتطف من لقاء جمع السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد مع المعارض الإسلامي مطيع البطين بحضور مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية إليزابيث جونز خلال زيارة الأخيرة للمنطقة منذ أسبوع. حين سأل البطين الوفد الأميركي عما ستقدمه أميركا للشعب السوري بعد إعادة انتخاب الرئيس باراك أوبــاما، كانت إجابة فورد من دون تردد أن الولايات المتحــدة «لن تقدم دعما عسكريا، ولن يكون هــنالك حظر جوي».
وبينما أكد فورد أن «الأمر سيقتصر على المساعدات الإغاثية»، أشار إلى أن «تقييم السياسة الأميركية للمعارضة السورية يستند إلى أنها مرتهنة بقرار الشارع لا العكس»، طالبا من المجتمعين إلى جانب البطين أن «يؤثروا في الشعب حتى يخفض سقف مطالبه».
ويؤكد فورد في النهاية، وفقا للنص المسرب قوله بالعربية، أن «في الصراحة راحة»، ويختم: «الحل لن يكون عسكريا في سوريا، لا يوجد إلا حل سياسي».
زياد حيدر
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد