لقاء أولمرت عباس مجرد أعمال صيانة
لم يكد لقاء اول امس الثلاثي الذي ضم ايهود اولمرت ومحمود عباس، ووزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس، ينتهي حتى سارعت وسائل الاعلام الاسرائيلية الى وصفه باللقاء الفاشل، او لقاء العلاقات العامة وأسهبت في عرض جوانب من المشاهد والنقاشات التي جرت، وخاصة بين اولمرت وعباس، والتي كانت حافلة بتبادل الاتهامات بين الطرفين.
وإذ تسابق المحللون على كشف ما قاله أولمرت لعباس، فقد اجمعوا في ذات الوقت على القول ان عقد اللقاء كان مضيعة للوقت، بل كان حسب مصدر سياسي بمثابة أعمال صيانة، ومحاولة لإظهار الدعم لـ أبو مازن، على امل ان يجلب البضاعة المطلوبة من حماس، في إشارة إلى شروط الرباعية الدولية.
على ان أخطر ما كشف عنه اللقاء، هو ان اولمرت، كما قال ألوف بن في هآرتس، اعتبر ان مجرد توقيع عباس على اتفاق مكة، مع حركة حماس، هو "خيانة" له. اضف الى ذلك، ان أولمرت كان يرد بغضب على وجهات النظر الفلسطينية، وخاصة ما يتعلق منها بحكومة الوحدة الفلسطينية، إذ أصر على ابداء مواقف متشددة، رافضا حتى التعامل مع الفلسطينيين، ما لم تلتزم الحكومة المقبلة بما اسماه، شروط الرباعية الدولية، وهي الشروط التي تستخدمها الحكومة الإسرائيلية، ذريعة للتنصل من خريطة الطريق، ووسيلة لذر الرماد في العيون وتحويل الأنظار عن حقيقة الصراع المتمثل بالاحتلال، ولم يقف اولمرت عند هذا الحد، بل رفع سقف شروطه واملاءاته، لدرجة انه أعلن رفضه أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية، التي ستعترف وستلبي شروط الرباعية الدولية، ممثلة لكافة الفلسطينيين في أي مفاوضات مع إسرائيل. قائلا ان إسرائيل لن تجري اية اتصالات حتى مع "معتدلين" كوزير المالية المرتقب سلام فياض، إذا كان عضوا في حكومة لا تقبل مبادئ الرباعية، على حد قوله.
وأمام تمسك الوفد الفلسطيني باتفاق الوحدة الفلسطينية، باعتباره صمام الأمان للوحدة الوطنية الفلسطينية، والوسيلة الوحيدة لإنهاء الصراع الداخلي. عاد اولمرت الى تكرار شروطه، وطالب بإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ووقف ما اعتبرها "عمليات تهريب السلاح من سيناء" وطالب بنشر قوات أمن فلسطينية في شمال قطاع غزة لمنع إطلاق صواريخ المقاومة. ولم يشأ ان يتطرق الى وجود احد عشر ألف سجين ومعتقل فلسطيني في السجون الاسرائيلية.
وحين بدا ان اجواء اللقاء، اصبحت مشحونة ومتوترة اكثر من اللازم، حاول اولمرت ترطيب الاجواء، قائلا انه مستعد لمواصلة الاتصالات مع عباس فقط، لكنه حصرها في مجالين فقط: "الحرب على الإرهاب، حسب المرحلة الأولى من خارطة الطريق، ومنح التسهيلات للسكان الفلسطينيين". ولم يشر، تصريحا او تلميحا، الى بند في مطالب الرباعية يدعو إسرائيل الى تجميد الاستيطان. وفي محاولة للهروب الى الامام، قالت مصادر سياسية إسرائيلية عقب اللقاء، ان إسرائيل تدرس إمكانية عقد قمة خماسية يشارك فيها الأردن ومصر لمواصلة الحوار السياسي.
في المحصلة، انتهى اللقاء دون إحراز تقدم يذكر على مستوى قضايا الحل الدائم. كما انه لم يسفر عن اضفاء أي جديد على المشهد السياسي الإسرائيلي/الفلسطيني.وكل ما صدر عن اللقاء، لخصته رايس بالقول انها ستعود مجددا الى المنطقة، من أجل "الدفع بعملية السلام"، وان اولمرت وعباس اتفقا على عقد لقاء جديد في وقت قريب، اضافة لتعهد غامض يتحدث عن الالتزام بالاتفاقات السابقة، وبضمنها خريطة الطريق، وبالتوصل إلى تسوية تستند إلى مبدأ "دولتين لشعبين"، وأن الدولة الفلسطينية، لن تقوم، على حد قول رايس، بواسطة "العنف والإرهاب". فضلا عن رغبة الطرفين بالمشاركة الأمريكية في العملية السياسية من أجل التغلب على العقبات، وتجنيد الدعم الاقليمي والدولي.
غسان محمد
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد