كوشنير والمعلم يصوغان ورقة توافقية حول مسألة الرئاسة اللبنانية
قالت مصادر سورية رفيعة المستوى أمس إن الاجتماعين، المغلق والموسع، بين وزيري الخارجية وليد المعلم والفرنسي بيرنار كوشنير أسفرا عن صوغ «ورقة توافقية» في شأن حل الأزمة اللبنانية تتضمن ست نقاط بينها «دعم البلدين اي رئيس جديد ينتخب بالغالبية وبموافقة معظم الاطراف» ورفض «أي فيتو يمنع التوافق» اضافة الى استعداد باريس لدعم رئيس «يؤمن بعلاقة طبيعية» مع دمشق.
وقال المعلم رداً على سؤال إن «المشكلة ليست في دمشق، بل في واشنطن التي تقف ضد مرشح توافقي وضد الحوار بين اللبنانيين وضد المبادرات الخيرة بما فيها اللقاء» بين رئيسي كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري وتكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون في باريس. وذلك في رد غير مباشر على تحذيرات وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس من «أي خطوة ديبلوماسية من شأنها ان تقدم تنازلات للمعارضة اللبنانية الموالية لسورية من أجل حل الأزمة السياسية في لبنان».
وكان موضوع لبنان احد المحاور الاساسية في «الاجتماع المغلق» بين المعلم ووزير الخارجية الالماني فرانك شتاينماير واللقاء مع الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط كيم هاولز. كما كانت الأزمة اللبنانية، أحد المواضيع في اللقاء السريع بين معاون وزير الخارجية السوري أحمد عرنوس وديفيد ساترفيلد مستشار الوزيرة الاميركية لشؤون العراق الذي تناول «توقعات» اميركا من دمشق في الأزمات العراقية واللبنانية والفلسطينية.
وعقد المعلم وكوشنير بعد ظهر أمس «جلستي عمل»، في أول لقاء بين وزيري خارجية سورية وفرنسا منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في شباط (فبراير) 2005، وذلك على هامش المؤتمر الموسع لوزراء خارجية دول جوار العراق. وعلم ان الأيام المقبلة ستشهد «ديبلوماسية هاتفية مكثفة» بين المعلم وكوشنير.
بدأت محادثات الوزيرين بجلسة مغلقة استمرت 40 دقيقة، وانضم اليها المبعوث الفرنسي جاد كلود كوسران والسفير السابق في بيروت برنارد إيميه وعرنوس ومديرة ادارة الاعلام في الخارجية السورية بشرى كنفاني ومدير المكاتب الخاصة بسام الصباغ. واستمرت الجلسة الموسعة حوالي ثلاثة ارباع الساعة.
وأوضحت مصادر رفيعة المستوى ان المعلم ابلغ كوشنير، في ختام اللقاء، انه سيخبر الصحافة بالنقاط التوافقية بينهما التي تنص على الآتي: «أولاً، مرشح توافقي يجري انتخابه في موعده ووفق الأصول الدستورية. ثانياً، وجوب عدم قبول أي فيتو يمنع التوافق. ثالثاً، لا سورية ولا فرنسا لديهما اسماء لمرشحين للرئاسة. رابعاً، الحل يجب ان يكون لبنانياً من دون تدخل خارجي. خامساً، أي طرف في لبنان أو خارجه يقف في مواجهة أي مرشح توافقي يعني انه ضد وحدة لبنان ولا يريد الاستقرار والأمن فيه. سادساً، الرئيس الجديد الذي سيتم انتخابه بالغالبية وبموافقة معظم الاطراف، سيتم دعمه من سورية وفرنسا». وزاد المعلم اليها ان باريس ستدعم «رئيساً يوحد اللبنانيين ويؤمن بعلاقات طبيعية مع سورية».
في المقابل، قالت مصادر فرنسية ان كوشنير كان «حازماً إزاء لبنان وضرورة عدم عرقلة سورية لأي توافق»، وان استمرار الحوار مرتبط بالهدوء في لبنان. وأوضحت المصادر ان المعلم «كان حازماً ايضاً بوجوب عدم توجيه أي اتهام في شأن الاغتيالات من دون توفر دليل ملموس». وقال المعلم: «كانت هناك أزمة بين البلدين. والآن، كل طرف يراقب الآخر ليراقب تطبيق ما يتفق عليه».
وأجاب المعلم على سؤال فيما اذا كان كوشنير طلب منه الضغط على المعارضة لقبول رئيس من قوى 14 آذار، فأجاب: «اذا كان الهدف ان نضغط على طرف لبناني لقبول ما يريده الطرف الآخر، فهذا وهم. سورية لن تفعل والمعارضة لن تقبل بذلك لأن لديها قواعد شعبية يجب ان تحترمها. لن نضغط على أحد لأن المبدأ هو عدم التدخل في شؤون لبنان».
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن كوشنير لاحقا، انه ابلغ المعلم بلهجة «واضحة وحازمة» ضرورة اجراء انتخابات الرئاسة في لبنان «وفقا للدستور تجنبا للسيناريو الاسوأ والوقوع في الفراغ».وقال الوزير الفرنسي: « حذرت بشدة من حدوث فراغ سياسي في لبنان لان ذلك سيسيء الى سورية ايضا... كما ان الاسرة الدولية لن تكون غير مبالية حيال هذا الامر... يجب احترام الدستور».
في موازاة ذلك، علم ان الجانب الاميركي بدأ أمس بالعمل على «توسيع الاجتماع الخماسي» المقرر عقده بعد ظهر اليوم لمناقشة الأزمة اللبنانية. وقالت مصادر إن رايس تسعى الى ان يضم اللقاء دولاً أخرى في مجلس الامن بحيث يشمل وزراء آخرين مع رايس وكوشنير ووزراء خارجية السعودية الأمير سعود الفيصل ومصر أحمد ابو الغيط وتركيا علي باباجان، بهدف «حشد دعم دولي للموقف الاميركي من الأزمة اللبنانية».
وكان المعلم أعلن في لقاء مع الصحافيين السوريين ان المحادثات مع كوشنير تناولت ايضاً الوضع في العراق، و «أكدنا وحدة العراق ارضاً وشعباً وضرورة تحقيق المصالحة الوطنية ونبذ العنف الذي يستهدف المدنيين ومؤسساتهم. كما تحدثنا عن دور الحكومة العراقية والولايات المتحدة والمجتمع الدولي في تقديم الدعم في شأن اللاجئين العراقيين في سورية والاردن»، مشيراً الى ان اللقاء تناول ايضا المؤتمر الدولي للسلام حيث كانت هناك «وجهات النظر ليست متطابقة». وأضاف المعلم ان كوشنير «يرى ان اجتماع انابوليس مهم وفرصة للتقدم على المسار الفلسطيني ويرغب بحضور سورية، بينما وجهة نظري ان سورية ستحضر وتلعب دوراً بناء في حال ادرجت قضية الجولان على جدول الاعمال. اذا لم تدرج، فإن سورية لن تعرقل اي تقدم حقيقي باتجاه حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة»، مشيراً الى ان «اتفاقا» جرى على تعزيز العلاقات السورية - الفرنسية في مختلف المجالات واستمرار الاتصالات لأنه «لا مصلحة ان تبقى فرنسا في جفاء مع سورية».
إبراهيم حميدي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد