كاتب سوري: حوار الثقافات قضية زائفة
في حين يسارع مثقفون عرب وأجانب للمشاركة في ندوات ومؤتمرات حول حوار الثقافات يجزم كاتب سوري في ندوة بمصر بأن ما يدور في السنوات الاخيرة تحت هذا المصطلح هو مجرد كلام زائف لا جدوى منه.
وقال محمد راتب الحلاق مساء السبت في ندوة (الكاتب العربي وحوار الثقافات) المقامة بمدينة العريش بشمال شبه جزيرة سيناء ان الحوار هو الاصل في العلاقات الانسانية فردية كانت أم جماعية.
لكنه يرى في الندوة التي يرعاها الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب أن مصطلحي الحوار والصدام غير دقيقين ويفضل عليهما مصطلح "التفاعل الحضاري" وهو عملية مستمرة في التواصل الانساني على أكثر من مستوى بخلاف ما يسمى بحوار الحضارات الذي يقتصر في رأيه على النخبة.
وأضاف أن ما اصطلح على تسميته بحوار الحضارات "بالصورة التي جرى بها الى الان يمثل قضية زائفة وغير مجدية لان الحضارة القوية لا تحاور ولا تناقش وانما تملي على الاخرين شروطها. والحضارة الضعيفة أو الراكدة لا تحاور ولا تناقش هي الاخرى وانما تكون في موضع القابل للشروط والاملاءات."
وشهدت تسعينيات القرن العشرين عقب انهيار الاتحاد السوفيتي اطلاق مقولات منها (نهاية التاريخ) للكاتب الامريكي من أصل ياباني فرانسيس فوكوياما الذي اعتبر النموذج الرأسمالي الغربي نهاية التطور الانساني و(صدام الحضارات) للامريكي صامويل هنتنجتون الذي فتح أبوابا على جدل لايزال يثير شهية مؤيدين ومعترضين.
وقال الحلاق ان الحضارة القوية تسعى لتعميم رؤاها وقيمها وتطلق على هذه القيم والرؤى صفة العالمية والانسانية وتتملكها رغبة في "تدمير رؤى الاخرين وقيمهم... مقولة صدام الحضارات التي روجها هنتنجتون ومن جاراه في التفكير سرعان ما تتهافت لحظة الانتباه الى الاختلال الفاقع بين موازين القوى اذ لا يمكن لعاقل أن يتصور ضعيفا يبادر الى الصدام مع من هو أقوى منه."
بصراحة أكثر يشدد الحلاق على أن "الصدام الذي يتحدث عنه هنتنجتون عدوان من جانب ومقاومة وممانعة ورد للعدوان من جانب اخر" مشيرا الى أن الغرب عبر خطابه الاعلامي يريد أن يعيد تشكيل عمليات الادراك عند غيره من الشعوب والنخب ليفهموا الامور كما يريد لهم أن يفهموها.
كما لفت الانتباه الى أن الدعوة الى ما يسمى بحوار الحضارات جاءت من الدول المستضعفة واصفا تلك الدعوة بالمثالية والنبل الذي يذكر بقيم انسانية مثل الحق والعدل مضيفا أن المرحلة الحالية من علاقة العرب بالغرب القوي تشهد "اعادة تشكيل جغرافية بلاد العرب والمسلمين (على غرار مؤامرة بريطانيا- فرنسا خلال الحرب العالمية الاولى والمعروفة باسم صانعيها) سايكس-بيكو."
ومن ثنائية الحق-القوة انطلق الكاتب الفلسطيني أحمد رفيق عوض مقارنا بين ممارسات اسرائيل تجاه الفلسطينيين وما يراه جرائم للرجل الابيض في معظم البلاد التي تم غزوها في مرحلة المد الاستعماري الغربي.
وقال ان الرجل الابيض "كان يقتل ألف مواطن في زائير ثم يعمل قداسا في اخر النهار" مشددا على عدم جدوى الحوار بين طرفين غير متكافئين خاصة اذا كان أحدهما يتبنى نظرة عنصرية الى الاخر.
وأضاف أنه في مثل هذا السياق "لا حوار... لا تعايش."
وقال عوض ان ما يجري في فلسطين على أيدي الجيش الاسرائيلي الذي بسط سيطرته على كامل ترابها منذ أربعين عاما هو "فضيحة العالم. فلسطين فضيحة العولمة وحقوق الانسان والامم المتحدة ودعاوى الديمقراطية."
وكان رئيس اتحاد كتاب مصر محمد سلماوي وهو الامين العام للاتحاد العام للادباء والكتاب العرب قد قال في افتتاح الندوة بجامعة سيناء صباح أمس السبت انها تتزامن مع ذكرى مرور أربعين عاما على احتلال اسرائيل لاراضي دول عربية في الخامس من يونيو حزيران 1967. وتساءل "كيف يستوي الحوار وأحد أطرافه يرزح تحت نير غطرسة الاحتلال الاسرائيلي الوحشي".
وتبحث الندوة التي تتواصل حتى يوم الاثنين قضايا منها ( الكاتب العربي وأزمة المفاهيم.. صرع-حوار-تفاهم) و(الكاتب العربي وعلاقته بالثقافات العالمية) و(الكاتب العربي والتنوع الثقافي.. رؤية مستقبلية).
وتختتم الندوة التي يشارك فيها نحو مئة كاتب يمثلون اتحادات كتاب عدد من الدول العربية بوقفة احتجاجية صامتة في تمام الساعة الثانية عشرة من ظهر الثلاثاء الموافق الخامس من يونيو حزيران عند منفذ رفح الفاصل بين حدود مصر والاراضي الفلسطينية تجاوبا مع دعوة جامعة الدول العربية جميع المواطنين العرب للوقوف دقيقة صمتا احتجاجا على استمرار احتلال الاراضي العربية.
المصدر: رويترز
إضافة تعليق جديد