في ذكرى غزو العراق.. أمريكا ترامب مصرة على إبقاء الوجود العسكري..؟؟
تصر إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إبقاء احتلالها للعراق عبر تواجد عسكري غير شرعي تحت مزاعم شتى حيث طالب أعضاء في الكونغرس الأمريكي ترامب بعدم تقليص الحضور الأمريكي والإبقاء على الوجود العسكري للقوات الأمريكية في العراق. في حين ان جميع القوى السياسية الفاعلة في العراق تعارض هذا الوجود وسط تآكيد على السعي لتشريع قانون لإخراج القوات الاجنبية من الاراضي العراقية.
وزعم رؤساء لجان شؤون القوات المسلحة والخارجية والاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي في بيان لهم أنه "في هذه اللحظة الحاسمة من الخطأ الانسحاب من العراق، لأنه يسعى لحماية سيادته من التهديدات الداخلية والخارجية، ولتحويل البلاد إلى ديمقراطية مزدهرة وقابلة للحياة".
وزعم النواب "ندعو الإدارة إلى مواصلة التعامل مع الكونغرس بهدف ضمان مستقبل مستقر للشعب العراقي"
وادعى المشرعون أنه من الضروري أن تواصل الولايات المتحدة مشاركتها في مصير العراق، بما في ذلك من خلال برامج تدريب القوات الأمنية العراقية والتعاون في مجال الاستثمارات والتجارة وتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من ممارسات جماعة "داعش" الارهابية.
ورحب النواب بنية الإدارة الأمريكية تخصيص 340 مليون دولار لمساعدة العراقيين.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن في وقت سابق أن الولايات المتحدة تعتزم الحفاظ على الحضور العسكري في العراق لمراقبة إيران، حسب زعمه، ما اثار استياء القيادة العراقية. حيث ينتشر نحو خمسة آلاف جندي أمريكي في العراق منذ تشكيل ما يسمى التحالف الدولي بقيادة واشنطن، عام 2014، بزعم محاربة "داعش"
لكن رغبة واشنطن المعلنة في بقاء قواتها تقابل بردود أفعال حادة تطلقها مختلف الكتل والقوى السياسية في العراق. فجميع الأطياف السياسية العراقية تعتبر المطلب الاميركي في إبقاء القوات الأمريكية على الأراضي العراقية تسبب إرباكا للقوات العراقية خاصة بعد هزيمة جماعة "داعش" الإرهابية ناهيك عن قدرة الحكومة العراقية على بسط سيادتها على كامل أراضيها.
وبعض الكتل السياسية ايضا ترى في رغبة واشنطن إبقاء جنودها على الاراضي العراقية إعلانا صريحا لاحتلال العراق وذهب البعض الاخر الى التهديد بالاستعداد لمواجهة تلك القوات، حيث أن أغلب القوى السياسية العراقية ترى ان التواجد الأمريكي في العراق لا يهدف إلى مساعدة البلد، وإنما لتوفير أمن الكيان الإسرائيلي في ظل ازدياد قوة محور المقاومة وحضورها في المنطقة.
ولا يفوت المسؤولون في مختلف القوى السياسية العراقية مناسبة الا ويؤكدون عزم مجلس النواب العراقي على تشريع قانون لمنع وجود أية قوات أجنبية على الأرض العراقية.
وشكل الغزو الأمريكي للعراق قبل ستة عشر عاما صفحة سوداء إضافية في تاريخ الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين الحافل بشن الحروب وافتعال الأزمات في الدول التي لا تسير في فلكها حيث ساقت واشنطن المزاعم لتبرير عدوانها على الشعب العراقي في وقت أدرك فيه الرأي العام العالمي أن تلك المزاعم مجرد مسرحية أمريكية هدفها السيطرة على نفط البلاد.
أمراء الحرب على العراق الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق طوني بلير وحلفاؤهم استبقوا عدوانهم بالترويج لادعاءات حول امتلاك العراق اسلحة دمار شامل وتجاهلوا تقارير فرق التفتيش الدولية التي أرسلت من قبل الأمم المتحدة وكان أبرزها فريق هانز بليكس والتي أكدت بعد عمليات التفتيش التي استمرت عدة سنوات عدم وجود تلك الأسلحة على الإطلاق إلا أن واشنطن ومن لف لفيفها أصروا على غزو العراق.
بوش وبلير دقا طبول الحرب وهيأا الظروف لها وعقدا قبيل العدوان بأيام اجتماعا عاجلا في قاعدة جوية أمريكية بجزر الآزور البرتغالية في الـ 16 من آذار عام 2003 بمشاركة رئيس الوزراء الإسباني انذاك خوسيه ماريا أزنار وقرروا تنفيذ العدوان فجر العشرين من آذار.
ورفضت كل من روسيا وفرنسا وألمانيا هذا العدوان وأكد وزراء خارجية الدول الثلاث في بيانات صدرت بشكل متزامن مع انعقاد الاجتماع الأمريكي البريطاني الإسباني أن لا شيء يبرر في الوقت الحاضر العدول عن عمليات التفتيش أو اللجوء إلى القوة وشددوا على ضرورة مواصلة عمل فرق التفتيش الدولية بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1441 الصادر عام 2002 والذي لا يجيز استخدام القوة ضد العراق كما رفضت العمل العسكري الكثير من دول العالم التي شهدت مظاهرات رافضة له.
الاحتلال الأمريكي للعراق الذي استمر ثماني سنوات كلف العراقيين الكثير حيث أسفرت عمليات القصف الجوي والبري عن استشهاد أكثر من مليون عراقي وإصابة مئات الآلاف جراء عمليات العدوان وما تبعها من تفجيرات إرهابية دموية إضافة إلى تهجير وتشريد ملايين العراقيين إلى مختلف دول العالم وإلى دمار كبير في عشرات المدن والقرى والبلدات العراقية والكثير من المرافق الحيوية كالمستشفيات والمدارس وشبكات الكهرباء والماء.
وبعد مرور أشهر على الغزو الأمريكي البريطاني للعراق لم يستطيعوا إيجاد مسوغ لغزوهم ولم يعثروا على أي أسلحة دمار شامل حيث عرى رئيس فريق التفتيش الذي أرسل بعد الحرب ديفد كي مزاعم واشنطن ولندن في استجواب أمام مجلس الشيوخ الأمريكي قائلا: “إنه لم يتم العثور على أسلحة دمار شامل في العراق” فيما وجهت لجنة الاستخبارات بالمجلس في تقرير مكتوب اللوم بشكل مباشر إلى بوش وإدارته بتهمة إساءة استخدام المعلومات الاستخباراتية لتبرير حرب العراق.
الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون من جهته اعترف بخطأ الحرب على العراق وقال في عام 2004 أنه كان من الأفضل التريث بالغزو لحين إكمال فريق بليكس مهامه في العراق إلا أن جورج بوش رد عليه بعد أشهر بالقول: “حتى لو كنت أعرف قبل الحرب ما أعرفه الآن من عدم وجود أسلحة محظورة في العراق فاني كنت سأقوم بدخول العراق” ما يؤكد النوايا المبيتة لاحتلال العراق ونهب ثرواته فيما أقر بلير بانه شارك في غزو العراق رغم عدم توافر أدلة عن امتلاكه أسلحة دمار شامل.
الاحتلال الأمريكي للعراق والذي جاء بعد أقل من عامين من غزو واحتلال مماثل لأفغانستان خلف أيضا انتشارا كبيرا لإرهابيي تنظيم القاعدة في الأراضي العراقية ومن بعده تنظيم “داعش” إلا أن أبناء الشعب العراقي الذين أرغموا الاحتلال الأمريكي على سحب جنوده أواخر عام 2011 تصدوا للإرهاب الذي أفرزه العدوان الغربي وخاضوا على مدى السنوات الماضية معارك شرسة للقضاء عليه إلى أن تم الإعلان أواخر عام 2017 عن القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي في مختلف الأراضي العراقية سجل أسود لتاريخ أمريكي مليء بالعدوان والاحتلال والتدخل السافر بشؤون الدول الأخرى لم يقتصر على منطقة جغرافية واحدة من العالم بل شمل اتجاهاته المختلفة من فيتنام إلى كوبا ونيكاراغوا وبنما ودول أخرى في أمريكا الجنوبية إضافة إلى يوغسلافيا وليبيا واليمن وسورية فيما تعمل الآن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على زعزعة الاستقرار في فنزويلا وتهدد بالتدخل العسكري ضدها.
الحروب والتدخلات الأمريكية العسكرية وغير العسكرية العبثية في شؤون دول العالم تأتي في إطار سياسات واجندات تتبعها الإدارات الأمريكية المتعاقبة وتقوم على معاداة تطلعات وإرادة الشعوب وحقها في الحفاظ على وجودها وسيادتها واستقلالها والعيش بسلام وذلك بهدف نهب ثروات تلك الشعوب ومقدراتها والسيطرة على العالم فيما تواصل واشنطن وحلفاؤها من جانب آخر دعم الإرهاب وافتعال الأزمات في بعض الدول خدمة للكيان الصهيوني ومخططاته التوسعية العنصرية.
الثورة
إضافة تعليق جديد