فضائح "القاعدة " في بيروت: قتيلان و5 جرحى في خلافات "عاطفية" تكشف عن إرهابيين
قادت الصدفة الأمنية، ليل أمس الأول، إلى الكشف عن شبكة إرهابية خطيرة، وذلك بعدما وقعت اشتباكات مسلحة بين الجيش ومسلحين تخندقا في مبنى "عيتاني" للشقق المفروشة في كاراكاس - الروشة، أسفرت عن مقتل كل من يامن السليماني (سوري الجنسية) وس. أ. (مصري الجنسية)، وجرح هاني الشنطي (لبناني ويحمل الجنسية الأردنية) وضابط وأربعة عناصر.
وبينما برز تناقض في الروايات الأمنية عن حيثيات الاشتباكات، فقد أجمع أكثر من مصدر أمني على أن الشنطي ينتمي إلى مجموعة الـ13، التي ورد اسمها في قضية اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، وكان مسجوناً في "رومية" لمدة خمس سنوات، قبل أن يُطلق سراحه أخيراً.
أما السليماني، وفق مصادر أمنية، فإنه ينتمي إلى تنظيم "فتح الإسلام"، وكان يحمل هوية لبنانية مزورة باسم فادي حسن إبراهيم، بينما أفاد مصدر أمني أن س. أ. متهم، من جانب الشنطي، في تعامله مع جهاز أمني غير لبناني، وهو اتهام أدى إلى قتله في الشقة التي وجدوا فيها مع الفتاة غ. ن.ح. (سورية الجنسية).
تضيف الرواية الأمنية، انه إثر مقتل س.، لاذت الفتاة بالفرار من الشقة، فتبعها أحدهما وأطلق عليها النار، لكنها تمكنت من الهروب من دون أن تصاب بأذى، بينما وصلت دورية الجيش وبدأت الاشتباكات مع الشنطي وسليماني، من العاشرة ليلاً وحتى السادسة فجراً.
وتمكن الجيش، بعدما فرض سيطرته على المبنى اثر اشتباكات عنيفة، تخللها رمي المسلحان أكثر من عشر قنابل يدوية، من ضبط نحو مئتي قنبلة يدوية، وخمسة آلاف طلقة رشاش، وعدد من البنادق الحربية. وأوقفت الفتاة، ويُنتظر تحسّن حالة الشنطي الصحية للاستماع إلى إفادته.
في المقابل، ثمة رواية أمنية ثانية مناقضة، من بين روايات عدة غير مؤكدة حتى انتهاء التحقيقات، تفيد بأن الفتاة كانت على علاقة عاطفية مزدوجة بالسليماني والشنطي، ما أدى إلى قتل الشنطي سليماني، من خلال نحره بالسكين، ثم قتل سامر أ. بالرصاص، الذي استنجدت به الفتاة لحظة الإشكال.
وثمة رواية أمنية ثالثة، من بين روايات عدة غير مؤكدة، تشير إلى أن السليماني تشاجر مع الفتاة في الشقة بعدما كشف أمر خيانتها، ثم قام بطردها، فاستنجدت بسامر الذي ما إن وصل إلى المنزل حتى قتله سليماني.
وبعدما قتله، لاذت الفتاة بالفرار، بينما وصل الشنطي إلى الشقة، وتعاون مع السليماني في الاشتباك مع دوريات الجيش التي بدأت بالتوافد تباعاً، إثر معلومات وصلتها تفيد بأن مسلحاً يطلق النار في كاراكاس. لكن الدورية تفاجأت، ما إن وصلت إلى المكان، بغزارة النيران التي تعرّضت لها، وبدأت الاشتباكات الضارية.
وثمة روايات أمنية رابعة وخامسة وسادسة، كل منها تناقض الأخرى، من حيث التباين في حيثيات الاشتباكات، أي كيف بدأت ولماذا ومَن ضد مَن، إلا أن مصادر أمنية عدة أتفقت على أن الشنطي والسليماني ينتميان إلى خلية إرهابية، وضبطت بحوزتهما كميات أسلحة كبيرة.
غير أن المؤكد هو أن الصدفة وحدها، وليس جهوداً أمنية استعلامية، هي التي قادت إلى الكشف عن هذه الشبكة، التي أماطت اللثام عن علامات استفهام عدة، ينتظر الإجابة عنها إلى حين انتهاء التحقيقات، المحاطة بسرّية بالغة أدت إلى تباين المصادر الأمنية في رواياتها.
وأبرز الأسئلة الآنية: ما هو السبب الرئيس خلف وجود خلية إرهابية مدججة بالسلاح، في بيروت، وسط ما تشهد طرابلس من جهة، وما شهدته الطريق الجديدة أخيراً من جهة ثانية؟ ما هي دقة الروايات الأمنية التي تشير إلى أن أسباب الخلاف عاطفية؟ هل ثمة حيثيات أمنية سياسية أدت إلى وقوع إشكال بين المجموعة، ولا تريد الأجهزة الأمنية تسريبها؟
إلى ذلك، أين هي أجهزة الدولة الاستعلامية التي يتعيّن عليها، من بين مهمات عدة، ملاحقة الشبكات الإرهابية ومراقبتها؟ هل ثمة جهات سياسية تعمل على تزويد بعض مناطق بيروت بالأسلحة المدججة، وسط التشنج المذهبي السائد، للاستفادة منها عندما تحين الساعة؟ متى يُصار إلى توحيد رواية أمنية واحدة في حالات مماثلة، أي قبل انتهاء التحقيقات الرسمية؟
يذكر أن الأجهزة الأمنية سرّبت الخبر، بعد دقائق من سماع دويّ الرصاص، على النحو التالي: "ثمة رجل ثمل، يطلق النار عشوائياً في الهواء"، ثم ظهر خبر آخر يفيد بأن "إشكالاً مسلحاً وقع بين تنظيمين محليين"!
وقد أصدر الجيش، أمس، البيان التالي: "عند الساعة الحادية عشرة من ليل أمس (الأول)، وفور حصول إطلاق نار في محلة كاراكاس - الروشة، حضرت قوة من الجيش الى المكان، ولدى وصولها تعرضت لاطلاق نار من قبل مسلحين، متحصنين في الطابق السابع من احد المباني، فقامت القوة المذكورة بفرض طوق على المبنى، وأنذرت المسلحين بوجوب الاستسلام، لكنهم رفضوا ذلك، واستمروا في اطلاق النار ورمي الرمانات اليدوية باتجاه عناصر الجيش".
وعند السادسة والربع صباحاً، يضيف البيان، اقتحمت القوة العسكرية الطابق المذكور واشتبكت مع المسلحين، ما أدى إلى إصابة ضابط وثلاثة عسكريين بجروح مختلفة، ومقتل مسلح وجرح آخر، تبين انه كان موقوفا سابقاً في لبنان، لأعوام عدة ولأسباب أمنية.
ويفيد بيان الجيش، أنه وجد داخل الشقة جثة شخص "قتل أثناء الخلاف الذي حصل بادئ الأمر بين المسلحين أنفسهم، كما ضبطت كمية من الأسلحة الحربية الخفيفة، والذخائر والرمانات اليدوية، والعتاد العسكري".
وختم البيان: "تم توقيف حارس المبنى للاشتباه به (أطلق سراحه لاحقاً)، وسلم مع المسلح الجريح والمضبوطات إلى المراجع المختصة، بينما بوشر التحقيق باشراف القضاء المختص".
جعفر العطار
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد