طبيب سوري مختص جرّب اللقاح: هذه تأثيراته وخلاصة نصائحي
ينما وصلت أعداد المُصابين بفيروس “كورونا” المستجد، حسب آخر أرقام جامعة “جونز هوبكنز”، اليوم الإثنين، إلى أكثر من 88 مليوناً، وراح ضحيته نحو 1,9 مليون إنسان حول العالم، فإن عملية إعطاء اللقاحات التي حصلت على تراخيص تتسارع في دول عديدة، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
ففي الولايات المتحدة، وصلت أعداد من تلقوا اللقاح، إلى نحو 6 ملايين، فيما وضعت الحكومة البريطانية خطةً لتطعيمِ 15 مليوناً من السكان خلال ستة أسابيع، وتلقى اللقاح فعلاً أكثر من مليون ونصف شخص.
أما في الدول العربية، فإن معظم الحكومات الخليجية، بدأت فعلاً بحملات التلقيح، وفق أولوياتٍ حددتها هذه الدول، للفئات الأكثر حاجة للقاح حالياً، وعلى رأسهم العاملون في القطاع الصحي وكبار السن.
وبينما اشترت حكوماتٌ خليجية، بالبداية، كالإمارات والبحرين، اللقاح الصيني “سينوفارم”، الذي طوّرته “المجموعة الصينية الوطنية للأدوية”، فإنها حصلت لاحقاً على اللقاح الأمريكي-الألماني “فايزر- بيونتيك”، الذي وفرت كميات منه أيضاً، حكومات السعودية وقطر والكويت وسلطنة عُمان.
اللقاحات وما حولها
ويُسارع قادة العالم، والأشخاص الذين تعتبرهم الحكومات من المؤثرين، لآخذ اللقاحات أمام الكاميرات، تشجيعاً منهم لفئات المجتمع، على المضي قُدماً في هذه الخطوة التي ليست إلزامية حتى الآن، في وقتٍ يُحجمُ فيه كثيرونَ حسب استطلاعات رأي عديدة، عن آخذ اللقاح، مُعتبرين أن الفترة التي طوّرَ بها غير كافية لمعرفة تأثيراته التي قد تظهر مع الوقت.
رغم ذلك، فإن بعض الشائعاتِ حول اللقاحات، مازالت تأخذ اهتماماً، من شرائح مجتمعية، ولعل من أكثرها شهرة، هي تلك التي أطلقها في 18ديسمبر/كانون الأول، الرئيس البرازيلي المثير للجدل، جايير بولسونارو، حينما حذّر شعبه من أنه “في العقد مع فايزر يقولون بوضوح تام: نحن لسنا مسؤولين عن أي آثار جانبية”، متابعاً بالقول: “إذا تحولت إلى تمساح فهذه مشكلتك(…)إذا صار شخص سوبرمان أو نبتت لحية لامرأة، أو بدأ رجل يتحدث بصوت نسائي فلا علاقة لي بذلك” حسب تعبيره.
“إسأل مُجرّب.. وحكيم”
قبل أيام، حصل الطبيب السوري المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، مازن خيرالله، على الجرعة الثانية من اللقاح المُضاد لـ”كورونا”، الذي طوّرته شركة “فايزر”.
فريق “السورية.نت”، حاور الطبيب مازن خير الله، وهو “استشاري الأمراض المعدية والخمجية وأمراض العناية المركزة”، والأستاذ المشارك في جامعة “نورث داكوتا” في الولايات المتحدة الأمريكية، للحصول على إجاباتٍ حول تجربته، ورؤيته لمسألة التطعيمات وتأثيراتها ومستقبلها.
-أخذت لقاح كورونا في أمريكا..لكن برأيك لماذا نسبة ليست قليلة من الناس تقول إنها ستحجم الآن عن تلقي اللقاح ؟
نوعان من الأشخاص يحجمون عن أخذ اللقاح؛ النوع الأول منهم يؤمن بنظرية المؤامرة، وأن هذا اللقاح سيقضي على ملايين البشر أو أنه وسيلة للتحكم في البشرية من قبل مؤسسات معينة عن طريق شبكة “5g”، وهذا طبعاً لا يمت إلى الواقع بأي صلة
والنوع الاخر يعتقد أن اللقاح لم يدرس بالشكل الكافي، وبالتالي يمكن أن يكون له نتائج سلبية على الأشخاص الذين آخذوا اللقاح.
-ما هي آلية عمل اللقاح الذي أنتجته شركة فايزر؟ وما الفرق بينه وبين اللقاح الصيني الذي اعتمدته دول عربية وأيضاً اشترته تركيا؟
اللقاح الامريكي مبني على مبدأ الحمض النووي المرسال، وهو ليس شريحة تحكم ولا يدخل الى النواة، ولا يحمل شيفرات لتغيّر من تركيبتنا الجينية، ولا يبقى في الجسم وانما يتخرب بعد تكوين بروتين الشوكة.
وهو ليس مؤامرة للتخلص من ملايين البشر او للتحكم بالبشرية؛ كل ما تم الاشاعة عنه خالٍ من الصحة أو الصواب ولا يوجد أي دليل عن ذلك سوى توهمات من الكثير من الناس، ومن بينهم بعض المثقفين والاعلاميين والفنانين وحتى بعض الأطباء.
فعالية اللقاح الامريكي عالية جداً بنسبة تصل الى ٩٥٪، وتاثيراته الجانبية من ألم موضعي وصداع وحرارة إن حدثت تزول خلال يومين.
أما التأثيرات النادرة او المتأخرة غير معروفة بعد، باعتبار أن الدراسة مدتها كانت ٨ الى ١٤ أسبوع، والتأثيرات المتأخرة إن حدثت فستكون نادرة جداً. وهناك ثلاث أجهزة تقوم بمراقبة الاشخاص المتلقحين لكشف أي تأثيرات غير متوقعة ويتم الاعلان عنها مباشرة.
ماذا عن اللقاح الصيني؟
يعتمد هذا اللقاح على تقنية قتل الفيروس وحقنه في الجسم، ليتم تشكيل أضداد تجاه الفيروس في الجسم؛ حيث تقوم هذه الأضداد بالتعرف على الفيروس في المستقبل عند دخوله إلى الجسم، ومن ثم منعه من إحداث المرض؛ وهذه التقنية معروفة ومدروسة في لقاحات أخرى سابقة.
وهذا بخلاف اللقاح الأمريكي، الذي يحقن فيه جزء من المادة الوراثية أو الحمض النووي للفيروس، وهي تقنية جديدة ولكن لم تستحدث مع الكورونا، وانما هناك دراسات واسعة عليها لسنوات عديدة قبل الكورونا، وتم تطبيق هذه التقنية مع لقاح كورونا، وهي تسمح بتصنيع اللقاح بسرعة كبيرة ويمكن تغيير اللقاح بسهولة في حال تغيّر الفيروس.
-اللقاح غير اجباري الآن ..لكن هل تعتقد أن اللقاح في المستقبل سيكون إلزامياً؟
لا أتوقع أن يكون اللقاح إلزمياً في دول الغرب، ولكن سيكون متطلباً للقيام أو المشاركة بالفعاليات ضمن المجتمع، فيمكن مثلاً أن يكون مطلوباً من الطلاب لإكمال الدراسة في الجامعات، أو من المسافرين قبل حجز رحلاتهم، أو من الموظفين في بعض المهن وما إلى ذلك؛ أي ربما سيكون إلزامياً بشكل غير مباشر.
-إذا.. من واقع خبرتك كطبيب وتجربتك مع اللقاح، هل تنصح بأخذه عند توفره؟
بالمقارنة مع حجم الكارثة الصحية والاجتماعية والاقتصادية للكورونا، وبوجود فعالية عالية للقاح وخلوه من التأثيرات الجانبية الشديدة الشائعة، والاحتمال النادر جداً لوجود تأثيرات أخرى، ومع وجود أجهزة مراقبة لهذه التأثيرات، فإننا ننصح بإعطاء اللقاح للجميع ضمن الشروط، من الجهات الصحية المعنية.
هناك حالياً اكثر من ٦ مليون شخص تم تلقيحهم إلى الآن في أمريكا، وأتمنى أن يتخذ كل شخص القرار الذي فيه منفعة لنفسه ولعائلته ومجتمعه والاطباء والممرضين الذين يقومون بالعناية به عند مرضه لا سمح الله.
وكالات
إضافة تعليق جديد