سياسة الغباء الخارجي

كل يوم، تنشط أمريكا أكثر فأكثر في هذا العالم، وفي لوقت نفسه تزداد عزلتها .. أكثر فأكثر..وحالياً ، أصبح المشهد الدولي على النحو الآتي: روسيا أصبحت أكثر عدائية وكراهية .. لأمريكا ، والصين أصبحت أكثر استعداداً للإفلات من محاولات أمريكا لاحتوائها ، والهند نالت رضا وموافقة أمريكا على تطوير ترسانتها النووية .. ,التي سوف تُشكل بالضرورة تهديداً لأمريكا نفسها في المستقبل.
وإيران وكوريا الشمالية تمضيان قُدماً في تطوير برامجهما النووية، وصربيا تتجاهل تماماً كل مطالبات تسليم مجرمي الحرب للعدالة الدولية، وأمريكا اللاتينية أصبحت تُضمر الكثير من العداء والكراهية لأمريكا..
إضافة لكل ذلك، فقد أصبح حتى أقرب حلفاء أمريكا يتسللون ويستخدمون المزيد من الأساليب "الناعمة" للتخلي عن دعم وتأييد السياسات الأمريكية، ومن أمثلة ذلك رفض تركيا لإقامة وفتح جبهة ثابتة في الحرب ضد العراق..
كذلك أصبح الكوريون الجنوبيون – المفترض أنهم حلفاء مخلصون لأمريكا- يقولون بأنهم يخافون من أمريكا .. أكثر من خوفهم من كيم جونق إبل زعيم كوريا الشمالية !!
وأيضاً أصبحت اليابان ترتب أوضاعها لسحب قواتها من العراق، ونفس الشيء تقوم به حالياً أكثر الدول تحالفاً مع أمريكا : الفلبين ، إسبانيا، تايلاند ، أوكرانيا إضافة إلى أعضاء آخرين في "التحالف" الذي تقوده أمريكا في العراق.. بل وحتى بريطانيا قامت بتخفيض 10% من قواتها العاملة بالعراق.. ولا أحد من كل هؤلاء جميعاً.. أبدى مجرد الرغبة في تقديم البديل الذي يمكن أن يدعم أمريكا.. عندما تنسحب قواته وتخرج من العراق ..
لقد كشفت وأوضحت حقائق الأرقام، أنه في الوقت الذي قامت فيه حكومة الولايات المتحدة برفع نفقات الدفاع في فترة مابعد الحادي عشر من أيلول عام 2001م، وزادت من عدد قواتها العاملة من 1.37 مليون جندي إلى 1.42 مليون ، فإن حلفاء أمريكا المخلصون مثل : بريطانيا ، وكندا ، وفرنسا ، وألمانيا ، وإيطاليا وتركيا .. قاموا – في الفترة نفسها – بتخفيض نفقات الدفاع وتقليل عدد أفراد جيوشهم !!
إن المشكلة بكل بساطة تتمثل في الآتي :
يعتقد المسؤلون الأمريكيين بقدرتهم الفائقة على صياغة ووضع سياسية خارجية لتسيير كل شيء في هذه الدنيا ، فهم يفترضون كل شيء .. ولا يتورعون عن شيء .. حتى لو أدى الأمر إلى الإضرار بمصالح أعز شركائهم المخلصين، وحالياً..أصبحت السياسة الخارجية للإمبراطورية ( الكونية) الأمريكية .. تمثل ضرباً من الجنون الذي يقوم بتخطيطه مجموعة من الأغبياء .. المتربعون في البيت الأبيض ، البنتاغون ، الكونغرس ، ووزارة الخارجية الأمريكية .. وبعض مراكز البحوث .. ويبدو أن ذلك الجنون .. سوف يكلف أمريكا مستقبلها في نهاية الأمر..