سوريا وفرنسا: تعاون اقتصادي واختلاف حول طهران
اختتم الجانبان السوري والفرنسي أمس، يوما اقتصاديا مميزا، اكد رغبة الطرفين الجادة في توفير الزخم اللازم لدفع علاقاتهما نحو «الشراكة الكاملة»، لكن من دون ان يخفي تباعد المواقف بين دمشق وباريس حيال «ازمة الثقة» بين إيران والغرب، اذ انه فيما حذر رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون طهران، من ان المجموعة الدولية قد تلجأ مجددا الى مجلس الأمن الدولي، دعا المسؤولون السوريون إلى اعتماد لغة الحوار.
عدا ذلك، أبدى الجانب الفرنسي رغبة بلاده بالمساهمة في تحريك عملية السلام، كما أكد جدية فرنسا في مواصلة دعمها الاقتصادي لسوريا، مشيرا إلى رغبة باريس في مواكبة دمشق في عمليتها التنموية، في وقت دعا رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري إلى رفع رقم التبادل التجاري القائم بين البلدين حاليا (يبلغ مليارا و300 مليون يورو) ليصبح مواكبا لعلاقات البلدين السياسية.
نحو «الشراكة الكاملة»
وكان فيون حضر أمس الأول في العاصمة السورية، افتتاح منتدى رجال الأعمال السوريين والفرنسيين، كما التقى عطري، حيث وقع الطرفان على 11 اتفاقية ومذكرة تفاهم، بينها اتفاقية لشراء سوريا طائرتين فرنسيتين للنقل الداخلي، كما جرى تمديد مهلة عقد شراء 14 طائرة «إيرباص» من فرنسا.
وعقد عطري وفيون لقاء ذكرت وكالة الانباء الرسمية السورية «سانا» أنه تناول «سبل وآليات بناء شراكة حقيقية وشاملة بين سوريا وفرنسا تشمل الاقتصاد والتجارة والثقافة والطاقة والنقل والنفط والتعليم العالي والجامعات السورية الفرنسية، والإفادة من الخبرات الفرنسية في مجال التدريب والتأهيل والإصلاح الإداري والتخطيط الإقليمي والإدارة المحلية ودور رجال الأعمال والشركات الفرنسية في العمل والاستثمار في سوريا».
وفي مؤتمر صحافي لاحق، قال فيون ان فرنسا كانت «على حق» في انفتاحها على سوريا، معربا عن سعادته «لان الولايات المتحدة تسير على خطوات فرنسا» في هذا الصدد، وان «ما تم التوصل إليه خلال مباحثاتنا تضمن نقاطا ايجابية تبين اننا كنا على حق، وفي الثقة التي أوليناها في اطار مبادرات صريحة وشفافة وصادقة بين الجانبين».
وشدد المسؤول الفرنسي الذي كان بدأ زيارته الى دمشق بلقاء الرئيس السوري بشار الاسد يوم الجمعة الماضي، على أن فرنسا تريد شراكة مع سوريا لانها تريد مرافقتها في عملية التنمية. وتابع «سوريا بلد كبير، له حضارة وتاريخ واقتصاده في مرحلة تنمية، وله دور في رخاء واستقرار الشرق الأوسط، ومن دون سوريا لا يمكن أن يتحقق هذا الرخاء بشكل مستدام».
وأعرب فيون في هذا الصدد عن رغبة بلاده في عودة الحياة لعملية السلام، معتبرا «ان الحلول لهذا للنزاع في الشرق الأوسط معروفة وليس لدينا وقت لنضيعه، نحن بحاجة لكل الإرادات الطيبة، وفي الأسابيع المقبلة سيكون لنا اتصال مع سوريا وتركيا وإسرائيل».
اختلاف حول إيران
وحول الملف النووي الإيراني، قال فيون إن «فرنسا لها نظرة مختلفة عن سوريا بالنسبة للملف النووي». واضاف «إذا لم تتطور الأوضاع فسيتم اللجوء الى مجلس الامن.. نحن بحاجة الى بوادر عملية من ايران لتبديد القلق الذي ينتاب المجتمع الدولي». كما وجه الشكر إلى سوريا في ما يتعلق بدورها في نقل رسالة من فرنسا إلى إيران بشأن المواطنة الفرنسية كلوتيلد ريس المحتجزة في طهران.
وردا على سؤال حول ما أثير مؤخرا بشأن تداعيات اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح في دبي، أشار فيون إلى أن بلاده طلبت من اسرائيل توضيحات وتفسيرات بشأن استخدام جواز سفر فرنسي في عملية اغتيال المبحوح، مشددا في الوقت ذاته على ان بلاده تريد معرفة الحقيقة.
من جهته، قال عطري «يبدو ان وجهات النظر مختلفة حول آلية تطبيق هذا الموضوع». واضاف «الإيرانيون يؤكدون انه للغايات السلمية ولا مبرر للتخوف». وشدد على ان «الخطر هو من الاسلحة النووية الاسرائيلية.. الكل يعلم ان اسرائيل تمتلك السلاح بأعداد كبيرة، ونتمنى من المجتمع الدولي أخذ سياسة واضحة تطبق على الجميع بمعايير موحدة».
وحول العلاقات الثنائية بين سوريا وفرنسا، قال رئيس الوزراء السوري ان «هناك رغبة من الشعب السوري في إعادة الدفء للعلاقات السورية الفرنسية، وهناك قرار من القيادة السياسية لإعطاء دفعات قوية لهذه العلاقات التي لها جذور تاريخية قديمة». وأشار إلى ان حجم التبادل التجاري بين البلدين والبالغ مليارا و300 مليون دولار لا يعبر عن تطور العلاقات السياسية بين البلدين.
وفي ما يخص لبنان، أعرب عطري عن ارتياح سوريا للخطوات الإيجابية التي تحققت في لبنان مؤخرا. وقال إن دمشق ستعمل ما بوسعها لتحقيق أمن لبنان واستقراره لبناء أفضل العلاقات بين البلدين الجارين بما يخدم المصالح المشتركة وعملية التنمية الجارية في ما بين لبنان وسوريا على كافة المستويات. وأدان المسؤول السوري التهديدات الاسرائيلية للبنان، معربا عن تضامن سوريا مع لبنان حكومة وشعبا في مواجهة هذه التهديدات.
اتفاقيات ومذكرات تفاهم
ووقعت سوريا وفرنسا امس الأول في ختام المباحثات التي جرت بين رئيسي وزراء البلدين، على 11 اتفاقية ومذكرة تفاهم شملت جوانب عدة، منها اتفاق لشراء طائرتين صغيرتين بسعة 70 راكبا، إضافة إلى تمديد مذكرة التفاهم الموقعة لبيع مؤسسة الطيران السورية 14 طائرة من نوع «أيرباص».
وفي المجال الثقافي، تم التوقيع على إعلان نيات بين وزارة الثقافة السورية ومعهد العالم العربي الفرنسي وذلك لعرض آثار سورية، إضافة إلى خطة عمل تنفيذية بين وزارة التعليم العالي السورية والمركز الدولي للدراسات التربوية والمركز الوطني للأعمال الجامعية والمدرسية («كنوس») في فرنسا.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد