سوريا تستفيد من الارباك التركي وتردد الناتو لتحسين موقعها التفاوضي
في وقت رفعت فيه أنقره من نبرة تهديداتها ضد دمشق وأعلنت عن نشر عربات مصفحة على طول حدودها مع سوريا ردا على اسقاط الاخيرة مقاتلة تركية، اعتبر مراقبون أنّ هذه التهديدات لا تخرج عن إطار الشكليات في ظل موقف خجول أطلقه الأمين العام لحلف الشمال الاطلسي واقتصر على دعوة سوريا لاتخاذ الاجراءات التي تمنع تكرار ما حصل، خصوصًا أنّ المجتمع الدولي يعول إلى حد ما على ما يمكن أن يحمله الاجتماع الدولي المزمع عقده في جنيف في غضون ثلاثة ايام للبحث في الازمة السورية بمشاركة روسية واصرار على حضور ايراني اختصارا للوقت وللمسافات.
ولم يمنع الموقف التضامني مع تركيا زوار العاصمة السورية من الاعتبار ان الرسالة الشديدة السخونة التي وجهتها سوريا لتركيا ومن يقف خلفها وصلت في الوقت المناسب. وتم التعاطي معها بقراءة متأنية ومتمعنة من قبل المعنيين، وذلك في ضوء تسجيل عدد من المستجدات الطارئة، ابرزها الهدوء الذي تميز به اجتماع الناتو، في مقابل موقف روسي صارم، من خلال الاعتبار ان ما قامت به سوريا هو امر طبيعي للغاية، يمكن ان يتكرر مع اي دولة يتم خرق حدودها البرية او البحرية، فضلا عن صمت مطبق من قبل الدول العربية العاملة إلى جانب انقره على اسقاط نظام الرئيس السوري بشار الاسد، ناهيك عن موقف اميركي ملتبس في الشكل وفي المضمون، قائم على تسجيل موقف غير قابل للتطبيق مهما تقلبت الظروف.
ويعتبر هؤلاء ان الرئيس الاسد نجح في استغلال الموقف الراهن وتوظيف حادث اسقاط الطائرة لمصلحته إلى اقصى الحدود، فهو من جهة صرف انظار الاعلام الغربي عما يجري في الداخل، كما شغله عن متابعة اخبار الحسم العسكري المستمر بوتيرة متسارعة ومتدرجة، وبشكل يصح معه القول ان تركيا نفسها انشغلت عن مقاربة التطورات الميدانية في الداخل السوري التي استغلها الاسد لتحقيق مكاسب على الارض من شأنها ان تقلب بعض الموازين.
وفي هذا السياق، تلاحظ المصادر اجماع الاعلامين الغربي والسوري على الاشارة الى ان المعارك باتت عنيفة في الساعات الاخيرة في ريفي دمشق وادلب، وذلك من دون الابلاغ عن معارك مماثلة في حمص، ما يعني بان الجيش تمكن بشكل او بآخر من السيطرة الفعلية على مراكز المسلحين الرئيسية في المدينة وبالتالي نقل المعركة إلى ريفي ادلب ودمشق في محاولة سريعة لتحقيق مكاسب ميدانية تتزامن مع انعقاد الاجتماع الدولي الذي تعول عليه تركيا للتخفيف من الضغوط الداخلية على رئيس حكومتها رجب طيب اردوغان المنشغل راهنا في ترتيب مخرج لازمة الطائرة، خصوصا ان المراقبين يستبعدون بالكامل ان تتحرك تركيا وحدها في مواجهة سوريا لسببين: الاول توازن الرعب بين الدولتين الجارتين، والثاني امكانية استفادة نظام الاسد من اي حادث حدودي في الداخل، عبر تحويل المعركة الدائرة في الشارع السوري باتجاه الخارج، وبالتالي تحريك الجيش نحو الحدود بما يمنعه من تسجيل المزيد من الخروقات.
وتخلص المصادر إلى الاستنتاج بان سوريا تعمل على تسريع وقع التطورات الميدانية وتحقيق مكاسب لافتة من شأنها ان تساعد على تحسين الموقع التفاوضي لدمشق، مستفيدة من الارباك التركي والانشغال الاميركي من جهة ومن الدعم الروسي من جهة ثانية.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد