روسـيا تتحدّى الغـرب: مقاربـة مجلـس الأمـن خطيرة
بدا أمس أن الصراع الدولي على سوريا قد احتدم بشكل استثنائي عندما عبّرت روسيا عن تشدد واضح في موقفها تجاه الازمة السورية القائم على: التمسك الحازم ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد، والتمسك باتفاق جنيف من دون التأويل الغربي، رفض أي مساومة حول قرار دولي يدين سوريا ويشمل الفصل السابع مقابل التمديد لفريق المراقبين، والتعامل مع المعارضة السورية على أنها أداة «ضغط» غربي على دمشق وموسكو.
أما ميدانيا، فوصلت الاضطرابات الأمنية في العاصمة دمشق إلى مستوى غير مسبوق، وشملت مناطق عديدة كنهر عيشة ودوار باب مصلى، ونفذت القوات الأمنية انتشارا كثيفا في العاصمة، فيما قال مصدر ديبلوماسي اوروبي معني بالملف السوري إن الاتحاد «يعمل على عقوبات جديدة لكننا لا ندري حتى الان علام ستشتمل». وتابع مصدر اوروبي آخر بالقول «إننا نتناقش في لائحة باسماء اشخاص وكيانات وعقوبات اقتصادية».
ودفع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التحدي للغرب الى مستوى جديد عندما عقد مؤتمرا صحافيا قبل استقباله للمبعوث الدولي والعربي كوفي أنان، أكد فيه أن موقف روسيا لن يتراجع أمام محاولات عزلها في مجلس الأمن، بل ستتشدد في مواجهتها.
وقال لافروف «سنصوت ضد قرار مجلس الأمن بشأن سوريا إذا لم يستند إلى اتفاقيات جنيف». وأوضح لافروف «نحن صغنا وضعا مناسبا، على الرغم من أن شركاءنا في جنيف لم يؤيدوه، لكننا واثقون من عقلانيته وادخلنا هذا الوضع في مشروع قرار مجلس الامن الذي وزعته روسيا مؤخرا في نيويورك والهادف الى تطبيق اتفاقية جنيف بشكل كامل والذي يتضمن ايضا تمديد عمل بعثة المراقبين في سوريا لمدة ثلاثة اشهر».
وأوضح الوزير الروسي أن بلاده «ادخلت على مشروع قرارها في مجلس الأمن حول سوريا فكرة منح المراقبين الفرصة للقيام بالتنسيق بين الحكومة والمعارضة بوضع خطة محددة لوقف النار وسحب القوات من جميع المناطق السكنية».
ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية عن لافروف قوله إن «موسكو لا تستطيع أن تتجاوب مع مطلب الغرب بضرورة إقناع بشار الأسد بترك منصبه كرئيس للجمهورية السورية». ووصف لافروف خلال حديثه للصحافيين ثانية في أعقاب اجتماعه مع أنان في موسكو، هذا المطلب بأنه «غير واقعي»، مشيرا إلى أن بشار الأسد لن يترك منصبه «لأنه يقف وراءه قسم كبير من سكان البلاد وليس لأننا نحميه».
وأكد لافروف أن روسيا «لم تتمكن من إقناع المعارضة السورية بالتخلي عن مطلب تنحية الأسد»، مشيرا إلى أنه «تكوّن لديه الانطباع بأن هناك من يحث المعارضة السورية على الضغط على روسيا». ووصف لافروف موقف من يحث المعارضة السورية على ذلك بأنه «موقف غير نزيه لن يحقق أي نتيجة».
وقال لافروف إن «الحل الوحيد للأزمة السورية هو الحل الذي يطالب الحكومة والمعارضة بوقف إطلاق النار في آن واحد وإخراج قوات الحكومة والمعارضة من جميع المدن والبلدات». وأضاف أن روسيا «ترى ضرورة تكليف مراقبي الأمم المتحدة بوضع خطة إخراج قوات الحكومة والمعارضة من كل من المدن السورية».
وقال لافروف قبل لقائه أنان: «يؤسفنا ان نشهد عناصر ابتزاز». واضاف لافروف «لقد قيل لنا اذا لم توافقوا على قرار يستند الى الفصل السابع من شرعة الامم المتحدة فاننا سنرفض تجديد تفويض المراقبين». وتابع لافروف قائلا «نعتبر ان هذه المقاربة غير مثمرة اطلاقا وخطيرة لأنه من غير المقبول استخدام المراقبين كورقة مقايضة». وأكد لافروف «نحن سنتوصل الى تمديد المهمة، مع امكانية تعديل تفويضها مع الاستناد بشكل اكبر على العنصر السياسي».
واجرى وزير الخارجية الروسي مكالمة هاتفية مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون. وقد جاء في بيان الخارجية الروسية بهذا الصدد أن « الطرفين تبادلا الآراء حول الوضع الراهن في سوريا، بما في ذلك في سياق مناقشة مجلس الأمن الدولي مسألة تمديد تفويض بعثة الامم المتحدة للمراقبة في البلاد».
وورد في البيان أن «لافروف أكد ضرورة تركيز جهود كافة الاطراف المعنية على وقف العنف مهما كان مصدره، واطلاق العملية السياسية السورية العامة، والعمل بنشاط من أجل ذلك مع السلطات والمعارضة على حد سواء، وفقا لما ورد في اتفاقات جنيف».
وفي بيان أصدره قبل اللقاء المرتقب اليوم بين أنان والرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، شدد الكرملين على أن «خطة الموفد الدولي والعربي إلى سوريا هي الأرضية الوحيدة لحل القضايا السورية الداخلية»، مشيراً إلى أن «روسيا تؤيد تمديد مجلس الأمن الدولي لفترة عمل بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في سوريا. كما لا نستبعد توسيع العنصر السياسي للمهمات الماثلة أمام البعثة، والتي نرى من الضروري في إطارها تكليف المراقبين الدوليين بتنسيق خطة محددة مع كافة الأطراف السورية لوقفها إطلاق النار بشكل متزامن، وانسحاب القوات الحكومية وفصائل المقاتلين من كل مدينة وكل بلدة تجري فيها مواجهات مسلحة».
وفي الجزائر، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس «نعتقد أنه إذا حان وقت استبدال نظام بشار الأسد وهو أمر مرغوب، ينبغي احترام جميع الطوائف، بما فيها الطائفة العلوية مع التشديد على ذلك». وأضاف «ينبغي ألا تسود طائفة على سائر الطوائف. يجب التوصل إلى انتقال يسمح باحترام وحدة أراضي البلاد ويمنح مكانة منصفة ومعترفا بها لجميع الطوائف».
من جانب آخر، أشار وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي الى أن بلاده «كان لديها منذ فترة اتصالات مع مجموعات من المعارضة» لم يسمها. ونقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية «مهر» تأكيده على استعداد طهران لتسهيل الحوار بين المعارضة والحكومة السورية.
وأوضح صالحي في مؤتمر صحافي عقب اجتماع للجنة إقتصادية مشتركة بين إيران وتركمانستان، أن «الرئيس السوري بشار الأسد عيّن مؤخرا وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية علي حيدر وإحدى الجهات لإجراء حوار مع المعارضة، ونحن بدورنا أعلنا الاستعداد لتسهيل الحوار»، متابعا «نسعى إلى تهيئة أرضية للحوار في سوريا».
ورأى صالحي أن «على دول المنطقة والمحبة للسلام في المنطقة أيضا التعاون في ما بينها من أجل الخروج من الأزمة»، التي وصفها بـ«المفتعلة» في سوريا و«التحرك بشكل أفضل في هذا الاتجاه».
في المقابل، رفض رئيس «المجلس الوطني السوري» عبد الباسط سيدا عرض ايران باستضافة محادثات للوساطة بشأن الأزمة في سوريا. واتهم سيدا من اسطنبول حيث عقدت جماعة «الإخوان المسلمين» في سوريا مؤتمرها الاول منذ 30 عاما، ايران بانحيازها لنظام الرئيس بشار الاسد قائلاً:« لا بأس بوساطة أي دولة، لكن فيما يتعلق بايران فإنها انحازت لطرف في الصراع».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد