دمشق تجدّد استعدادها لاستقبال اللجنة وتنفيذ البنود

12-11-2011

دمشق تجدّد استعدادها لاستقبال اللجنة وتنفيذ البنود

بدا أمس أن المبادرة التي طرحتها جامعة الدول العربية في طريقها إلى تحقيق اختراق يمهّد لتسوية من شأنها أن تخرج سوريا من عنق الزجاجة، إذ استبقت دمشق اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب اليوم في القاهرة، الذي سبقه اجتماع للجنة المتابعة العربية، برزت فيه مشاركة لافتة لوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل - بالرغم من أن الرياض ليست عضواً في اللجنة - بتقديم مذكرة أبدت فيها الترحيب بزيارة بعثة من الجامعة إلى سوريا، والاستعداد التام للتعاون معها، في وقت بدا أن لا خيار أمام المعارضة السورية سوى القبول بتلك المبادرة، في ظل تعثر الخيارات الأخرى أمامها، وفي ظل نصائح مصرية وأميركية وبريطانية بالتمسك حالياً بالمبادرة العربية، على قاعدة أن السيناريو الليبي لن يتكرر في سوريا.
وأعلن مندوب سوريا لدى الجامعة العربية يوسف احمد أنه «تقدم صباح اليوم (أمس) بمذكرة رسمية إلى الأمانة العامة للجامعة تتضمن ترحيب سوريا وتعاونها التام مع زيارة بعثة من جامعة الدول العربية إلى سوريا».
وكانت اللجنة العربية المعنية بالأوضاع في سوريا قد قررت تشكيل بعثة من جامعة الدول العربية وإرسالها إلى سوريا للاطلاع على حقيقة الأوضاع هناك وتقديم تقرير بهذا الشأن إلى اللجنة العربية.
وأكد أحمد أن «سوريا ملتزمة بخطة العمل العربية التي أقرها مجلس الجامعة بتاريخ 2 تشرين الثاني، وهي جادة في تنفيذ بنود الخطة، وقد قامت فعلا بتنفيذ معظمها»، معتبرا أن «زيارة بعثة جامعة الدول العربية إلى سوريا ستسهم في الوقوف على حقيقة التزام سوريا بالخطة، وفي الكشف عن دوافع وأجندات بعض الأطراف الداخلية والخارجية التي تسعى إلى إفشال خطة العمل العربية».
وقال احمد لوكالة  (سانا) إن «سوريا كانت قد دعت جامعة الدول العربية منذ قرابة الشهر للتواجد على الأرض والاطلاع على حقيقة الأوضاع بعيداً عن عمليات التحريض السياسي والتزوير الإعلامي التي ما زال العديد من الجهات الخارجية يمارسها ضد سوريا، وذلك بهدف تأجيج الأوضاع داخلها وتحريض بعض جهات المعارضة في الخارج والمجموعات الإرهابية المسلحة في الداخل على عدم التجاوب مع جهود ومبادرات التهدئة وعلى رفض الحوار الوطني، وذلك في عملية تنسيق واضحة مع تلك الجهات الخارجية لاستدعاء خيار التدخل التخريبي السافر لبعض القوى الدولية في الشأن السوري الداخلي».
وأشار إلى أن «دعوة المتحدث باسم الخارجية الأميركية المسلحين في سوريا إلى عدم تسليم أسلحتهم، ووصفْ وزير الخارجية الفرنسي (ألان جوبيه) خطة العمل العربية بالميتة، يشكلان دليلاً قاطعاً على تورط هذه الأطراف في تأجيج الأوضاع داخل سوريا، وعلى رفضها لأي دور عربي إيجابي يسعى إلى تهدئة الأوضاع فيها، وإلى خلق مناخ سلمي آمن على الأرض تمهيداً لإجراء حوار وطني تطالب به الأغلبية العظمى من الشعب السوري».
وكانت اللجنة العربية الوزارية المعنية بالأزمة السورية عقدت، أمس، اجتماعاً في فندق «فور سيزنز» في القاهرة برئاسة رئيس الحكومة القطرية وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني ومشاركة الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي لبحث مستجدات الأوضاع على الساحة السورية، حيث ستناقش اللجنة تقريراً تفصيلياً في هذا الاطار لعرضه على اجتماع مجلس الجامعة الاستثنائي المقرر انعقاده على المستوى الوزاري اليوم.
وشارك في الاجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في اللجنة، وهي مصر والسودان والجزائر وسلطنة عمان. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل شارك في الاجتماع، بالرغم من أن بلاده ليست عضواً في اللجنة، إلا أن «قرار تأسيس اللجنة يسمح لأي دولة بالانضمام إليها».
وأشارت الوكالة إلى أن العربي سيقدم إلى اللجنة تقريراً حول مطالب المعارضة السورية ونتائج الاتصالات مع الحكومة السورية وتقييم للالتزام ببنود المبادرة العربية والعقبات التي تحول دون تنفيذها. ومن المقرر أن ترفع اللجنة تقريرها إلى الاجتماع الوزاري العربي اليوم.
وكان العربي التقى وفداً يمثل «الهيئة العامة للثورة السورية» برئاسة خليل الحاج صالح، الذي قال إن «الوفد تقدم بمذكرة للجامعة العربية تشرح الأوضاع في سوريا، وتوضح أن النظام السوري استغل تعقيدات الأوضاع العربية والإقليمية والدولية وماطل في الاستجابة للمطالب المشروعة للشعب السوري، وفرّغ كل ما طرح عليه من مبادرات سياسية من مضامينها الفعلية الملموسة».
واستقبل العربي أيضاً وفداً يمثل «المجلس الوطني» برئاسة عضو المكتب التنفيذي للمجلس بسمة القضماني. وقال مصدر مسؤول شارك في الاجتماع إن «الوفد طلب من الأمين العام تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية باعتبار ذلك أحد مطالب الثوار السوريين».
ويبدو أن الحراك الجاري حالياً في القاهرة، قد جعل المعارضة السورية أسيرة مبادرة الجامعة العربية. ففي ظل حرمان الفيتو الروسي لها من احتمال أي تدخل دولي عبر مجلس الأمن، تتمسك المعارضة على اختلاف توجهاتها من مستقلين أو مجلس وطني أو هيئة تنسيق أو تيار بناء الدولة، بالمبادرة العربية، ولكن ممثليها، الذين التقوا العربي، أمس، اختلفوا حول جرعة التدويل المطلوبة التي طالب بها المجلس الوطني، وأحياناً على مبدأ التدويل نفسه، الذي تحفظت عليه هيئة التنسيق، وإشراك الأمم المتحدة في رعاية حوار فرضي مع النظام السوري ـ يضع القضية السورية رهينة صفقات إقليمية في العراق وإيران ولبنان.
ويتفق جميع المعارضين في لقاءات القاهرة على طلب حماية المبادرة، وعلى حماية المخرج الوحيد المتوفر لفتح أفق سياسي، برغم «تأخر» النظام بتنفيذ تعهداته للجامعة العربية بشأنها.
وتدليلاً على تمسكها بالمبادرة, قال مصدر سوري معارض إن المعارضة عملت على منح الأمين العام للجامعة العربية مفاتيح لإنقاذ المبادرة. وطالبت أطراف المعارضة السورية الأمين العام للجامعة العربية بالتفكير في تطبيق ولو جزئي، وحيث تسمح الأوضاع بذلك، لبنود المبادرة، لا سيما انسحاب وحدات من الجيش السوري تدريجاً إلى ثكناتها وحيث يمكن تنفيذ انسحابات لا تهدد الأمن، كما يقول النظام.
وقالت مصادر في المعارضة السورية، شاركت في اجتماعات القاهرة، إن العربي رفض نعي المبادرة العربية وإعلان فشلها. ووصفت الغاية من اللقاء مع قادة المعارضة بأنها استطلاع مواقفها وخياراتها ليعدّ العربي إثره تقريراً باقتراحات عملية لتطوير المبادرة العربية ووضع آليات لتنفيذها.
وذهبت بعض أطراف المعارضة إلى طلب مشاركة عربية ابعد في تنظيم الحوار السوري، إلى حد اقتراح توحيد أطرافها في بوتقة واحدة، أو تشكيل لجنة حكماء من بين شخصياتها، تضع تصوراً لسوريا المستقبل.
وبحسب المصدر السوري، فقد نصح العربي، بعض من التقاهم من المعارضة السورية بعدم تأييد أي اقتراح بعقد قمة عربية طارئة لمناقشة القضية السورية «لأن الأوضاع ليست في مصلحتكم عربياً». وعكس أحد المعارضين شعوراً بأن الجامعة العربية تلعب في الوقت الدولي الضائع بسبب خلو الساحة السورية لها، إذ يمنع الروس أي طرف دولي من ولوجها.
وفي هذا السياق، نصح دبلوماسيون أميركيون وبريطانيون ومصريون، المعارضين السوريين الذين التقوهم في القاهرة بالتمسك حالياً بالمبادرة العربية. وقال معارض سوري  إن الدبلوماسيين كرروا لهم «إن سوريا ليست ليبيا وإن السيناريو الليبي لن يتكرر في سوريا».
في هذا الوقت، قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لموقع «ناو ليبانون» إن «وفداً من المجلس الوطني برئاسة برهان غليون سيزور موسكو خلال ساعات، بناء على دعوة رسمية وجهتها القيادة الروسية الى المجلس لإجراء مباحثات مع المسؤولين الروس حول سبل حل الأزمة الداخلية في سوريا».
وشدد بوغدانوف «على كون موسكو لا تزال تعول على نجاح مبادرة جامعة الدول العربية، وهي لم تسلم بانتهاء مفاعيل هذه المبادرة»، مؤكداً «استعداد موسكو للمساعدة في تطبيق الحل العربي، وانفتاحها في هذا السبيل على كافة الاطراف السورية المعنية، على مستوى النظام والمعارضة على حد سواء».
وفي موسكو أعلن المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية ايغور ياكيمتشوك ان بطريرك روسيا كيريلوس سيزور سوريا ولبنان من 12 إلى 15 الحالي في «مهمة سلام». وأضاف «سيدعو بالتأكيد الى الحوار بين كل شرائح المجتمع في سوريا حتى يعود الاستقرار الى البلاد». وأشار الى أن البطريرك «سيلتقي «الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء عادل سفر».
إلى ذلك، قال عبد العزيز الخير، عضو «هيئة التنسيق الوطنية» بعد لقائه وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري خالد العطية الموجود في القاهرة للمشاركة في اجتماع اللجنة الوزارية، إن وفد هيئة التنسيق شدد على ضرورة «ألا تسمح قطر بتسرب الملف السوري من يد الجامعة العربية إلى أية جهة كانت»، محذراً من أن هذا الأمر سيؤدي لـ«مخاطر» من بينها «تهديد الوحدة الوطنية السورية وتهديد وجود الكيان السوري»، كما تعريض سوريا «لأطماع خارجية لا تخدم بأي شكل مصالح الشعب السوري»، وذلك في إشارة إلى مطالبات بعض الجهات بأن يتولى مجلس الأمن هذا الملف.
وقال الخير، إن الوفد الذي التقى الوزير القطري عرض رؤية الهيئة للحل، والمتمثلة بالتمسك بالمبادرة العربية وضرورة قيام الجامعة بإيجاد الآليات التنفيذية لهذه المبادرة بشكل يسمح برصد ما يجري حقيقة على الأرض السورية. وشدد الوفد على رفض التدخل الأجنبي العسكري بشكل قاطع، مكرراً ضرورة «الا تفلت الجامعة العربية الملف السوري من بين يديها». وأوضح أن وفد الهيئة توجه إلى الدوحة تلبية لدعوة من الديوان الأميري القطري لمقابلة ولي العهد الشيخ تميم بن حمد بن آل خليفة والتي ستجري في وقت لاحق هذا الأسبوع.
                                                                                                                     المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...