جيش القاعدة: الجيل الثاني من الإرهاب
الجمل : استهلكت الحرب الأمريكية ضد الإرهاب، انتباه وتركيز محللي سياسة الولايات المتحدة الخارجية، فقد تم قضاء عدد لا يحصى من ساعات العمل في تعقب السياسات ذات التأثير الملموس من أجل التوصل إلى ما يمكن أن يكون بالتأكيد حرباً غير مسبوقة طويلة الأجل، والمثير للدهشة والاستغراب، أن عدداً من المحليين، قد توصل بعد هذا إلى الاستنتاج الذي لا مناص منه، والقائل بأن هذه الحرب قد أطلق عليها تسمية غير مناسبة، وسبق أن كتبت بالاشتراط مع المحلل (دانيال بايبيس) في الـ (نيويورك بوست) في 18 نسيان 2002م، مقالاً تحليلياً ذكرنا فيه: أنه منذ 11 أيلول، وأمريكا تشن حرباً ضد التكتيك، وذلك عندما أعلن الرئيس بوش (الحرب ضد الإرهاب)، بطريقة أغفل وتجاهل فيها العدو الحقيقي: الإيديولوجية العسكرية الإسلامية الشمولية، شديدة القسوة.
الولايات المتحدة لا تقوم حالياً بمحاربة الإرهاب، لأنه ما من عسكري يستطيع أن يكسب حرباً ضد التكتيك، وأمريكا لا تحارب الإسلام –كما أكد البعض على أثر النهوض الذي أعقب هجمات الحادي عشر من أيلول- وذلك بسبب أن الإسلام المتجذر والمتأصل، لا يمكن انتزاعه من الجذور المتفرعة، والطوائف والفئات التي تتكون من حوالي 1,3 مليار مسلم موجودين ضمن سكان العالم المعاصر، بالإضافة إلى أن الإسلام قد حدثت فيه شروخ وتصدعات إيديولوجية، دينية وسياسية، وذلك تماماً مثله مثل الأديان المتأصلة المتجذرة الأخرى: المسيحية واليهودية.
من الممكن أن نؤسس إلى فهم يقول بأننا نحارب ضد قوى الإسلام المسلح، باعتبارها تمثل أقلية منتشرة ومتمددة النمو بشكل يفرز الكراهية ضد الأفكار والمفاهيم الغربية، مثل العلمانية، الرأسمالية، الفردية، والاستهلاكية.
وهذه القوة ترفض الغرب، وأكثر ما تطرحه وتقدمه (باستثناء الأسلحة والأدوية والتكنولوجيات المفيدة الأخرى) هو البحث عن البديل الذي يتيح لها تطبيق وتنفيذ تفسيراتها الحصرية المتشددة للقرآن –كتاب المسلمين المقدس- والشريعة (القانون الإسلامي)، وينظر هؤلاء المتطرفون الراديكاليون المسلمون إلى أمريكا بأنها المعوق الرئيسي الذي يمنع ويحول دون عملية بناء نظام إسلامي عالمي.
إن كيفية نمو هذه التفريعات والتشعبات ضمن وداخل الإسلام هو أمر يستحق الملاحظة والاهتمام، لو على شكل مختصر.
يبدأ تاريخ ميلاد الإسلام في عام 610م، وذلك عندما تلقي النبي محمد رسالته المقدسة، والتي تدعوا إلى دين جديد يحصر الاعتقاد بإله واحد، وخلال الـ 22 عاماً التي أعقبت ذلك، عمل النبي محمد كـ (ناقل) يوصل رسالة الله، ونمت إمبراطوريته الإسلامية لتشمل سائر أنحاء شبيه الجزيرة العربية.
وبعد وفاة النبي محمد، استمرت الإمبراطورية الإسلامية في التوسع، حتى القرن السابع عشر وطوال هذه الفترة كان المسلمون يشكلون قوة عالمية سياسية عسكرية لا مثل لها، وقد احتلوا وحكموا مناطق شاسعة من العالم، على النحو الذي جعل الإسلام يستوعب الملايين من الناس الموجودين في مناطق الشرق الأوسط، والجزيرة العربية والشرق الأدنى ووسط آسيا، بل وجنوب أوروبا.
ولكن بعد عام 1789م بدأ التوسع الغربي، فاحتلت قوات نابليون مصر، وفي 1830م أحتل الفرنسيون الجزائر، وفي عام 1839م احتل البريطانيون عدن اليمنية، وفي عام 1881م، احتل الفرنسيون تونس وفي 1882م احتل البريطانيون مصر، وفي 1911م احتل الروس أجزاء من بلاد فارس، وفي العام نفسه سيطر الإيطاليون على طرابلس في ليبيا، وفي عام 1912 احتل الفرنسيون المغرب، وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى أصبح معظم الشرق الأوسط تحت سيطرة وحكم القوى الاستعمارية الأوروبية...
وبعد الحرب العالمية الثانية، وظهور دولة إسرائيل.. بدأت مسيرة التدخل والهيمنة لأمريكية... على نحو تزامن مع ظهور الأصولية الإسلامية في الشرق الأوسط، والتي وجدت الدعم والتحفيز من أمريكا الغرب، لمواجهة المد الشيوعي السوفيتي آنذاك، وكانت الحرب الأفغانية- السوفيتية آخر الشواهد على حلقات هذا الدعم الغربي...
وعلى خلفية كل ذلك نقول.. بضرورة تقديم التوجهات التي أرساها (تينيت) مدير المخابرات المركزية الأمريكية من خلال تقارير (تقييم الموقف) التي كان يزود بها الإدارة الأمريكية والتي ظلت مؤثرة حتى الآن على الموقف الأمريكي الرسمي.
الكاتب: جوناثات شانتزر
الجمل: قسم الترجمة
المصدر: مركز واشنطن لسياسات الشرق الأدنى
إضافة تعليق جديد