تركيا.. من "النصرة" الى "الجهاد" في سورية
عند بدايات الازمة السورية رفع المسؤولون الاتراك من سقف تصريحاتهم ضد الحكومة السورية تحت ذريعة "الاصلاح وتحقيق التغيير" ثم انتقلوا الى اطلاق التوقعات بقرب انتهاء النظام السوري ليبنوا على ذلك من اجل رسم سياستهم حيال ما يرونه "سوريا الجديدة"، لكن السفن السورية جرت عكست ما يشتهيه الحكام الاتراك ما جعلهم يسلكون طريق التدخل الميداني عبر ايواء حركات المعارضة السياسية والعسكرية ودفعها الى التسلح وتشجيعها على القتال ضد الجيش السوري وصولا الى حد "التورط المباشر" في مسار الاحداث الجارية على الارض السورية.
يتزايد الحديث في الاروقة الاعلامية عن وجود قوات تركية خاصة في بعض المناطق السورية خاصة في المحافظات القريبة من الحدود بين البلدين كحلب وادلب الامر الذي تجسد في تزايد العمليات التي قام بها المسلحون ضد القوات السورية في تلك المحافظتين.
الانغماس التركي في النزاع السوري …..الدور والاهداف
مع دخول الازمة السورية شهرها العشرين بدا ان المجموعات عاجزة حتى تحقيق الاهداف التي رُسمت لها عربياً وتركياً وحتى دولياً ضد القوات السورية ان لجهة اقتطاع محافظات من سيطرة الدولة المركزية او الحاق هزائم كبرى بالجيش السوري ودفعه الى التراجع عن مناطق محددة بغية اقامة "المناطق العازلة" وجعلها نقطة انطلاق لاسقاط العاصمة دمشق.
لكن كلا الامرين لم يتحققا بل جلّ ما استطاع المسلحون تحقيقه هو السيطرة على بعض الاحياء في حلب وقرى في ريفها، رغم ان الغالبية العظمى من المسلحين وقادتهم اتوا من خارج المدينة وتسللوا اليها من الارياف المحيطة كما تم استجلاب عناصر اجنبية وعربية للقتال ضد الجيش السوري تحت عنوان "الجهاد" كذلك عمدت المجموعات المسلحة الى دخول بعض المناطق في ادلب كمعرة النعمان وجبل الزاوية وغيرها بدعم وغطاء خارجي لناحية العدة والعتاد والتدريب ، وتولى هذا الامر الحكومة التركية حيث تم ايواء المسلحين وقادتهم ونسقت عملياتهم العسكرية عبر اقامة معسكرات التدريب بغية تجهيز المسلحين ودفهم للقتال في سورية.
ولم يتوقف الدور التركي عند هذا الحد بل اعتمد الاتراك على الطرق الاستخباراتية لتشجيع بعض "الانشقاقات" في الجيش ونظام الحكم مستخدمين المال الذي وفرته دول خليجية كقطر والسعودية بهدف اضعاف جبهة النظام وبالاخص في المناطق الحدودية فيما سعت انقرة الى مد المسلحين بمادة استخباراتية لحركة الجيش السوري مستعينة بخبرات غربية (اميركية وبريطانية…) وغيرها كالأقمار الصناعية وطائرات التجسس هذا ناهيك عن التحريض المذهبي التي اقدمت عليه حكومة اردوغان وبعض حكومات المنطقة لضرب النسيج الداخلي السوري.
فشل المسلحين دفع حكومة اردوغان الى التدخل الميداني في سورية
ورغم كل الدعم التي وفرته الحكومة التركية للمسلحين لا زال هؤلاء عاجزين عن النجاح في الخطة المرسومة الامر الذي دفع الاتراك الى الايغال أكثر في الشأن السوري مختلقين الذرائع للوصول الى مبتغاهم ، ومن هذه الذرائع موضوع سقوط قذائف اطلقت من الجانب السوري على الاراضي التركية ومسارعة انقرة الى استهداف القوات السورية تحت "عنوان الدفاع عن النفس".
ووفق المتابعين فإن انقرة تستغل هذا القصف للتحريض ضد سورية في ظل العجز عن تحديد هوية مطلقي القذائف على الاراضي التركية، ولم يستبعد هؤلاء ان تكون العملية مدبرة بهدف تبرير التدخل التركي في سورية لمساندة المسلحين الذين بالفعل استطاعوا الدخول الى بعض القرى الحدودية بعد قيام الجيش التركي باستهداف مواقع الجيش السوري وخاصة في محافظة ادلب رغم ابداء دمشق استعدادها لتشكيل لجنة مشتركة مع الجيش التركي للتحقق من عمليات القصف. لكن انقرة رفضت وعمدت الى التصعيد عبر استهداف بعض الطائرات المدنية المتوجهة الى سورية بذريعة حملها اسلحة للنظام دون ان تقدم اي دليل على هذه الاتهامات حتى الان.
قوات تركية خاصة تساند المسلحين في سراقب الادلبية!
تشكل مدينة سراقب واحدة في محاور القتال الدائر بين الجيش السوري والمسلحين واخيرا كشف النقاب عن مشاركة عسكرية تركية في هذا النزاع عبر الزج بوحدات تركية خاصة تحت اشراف شخصي من اردوغان وذلك من اجل مساندة المجموعات المسلحة ، وفي هذا الاطار اكد مدير شبكة توب نيوز ناصر قنديل خلال مقابلة مع قناة المنار مشاركة هذه الوحدات مشيراً الى ان الجيش السوري استطاع قتل واسر عدداً من العناصر التركية.
واكثر يضيف قنديل في اتصال مع موقع المنار الكتروني ان الاتراك قاموا بتزويد المسلحين بصواريخ اميركية من نوع ستينغر من دون موافقة الاميركيين مستدلاً على ذلك بقيام المسلحين باستهداف بعض الطائرات المروحية والحربية السورية.
كلام قنديل تقاطع مع المعلومات التي اطلقها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مؤخراً بشأن وصول 50 صاروخ ستينغر الى المجموعات المسلحة محذرا من خطورة ان يعمد هؤلاء الى استهداف الطائرات المدنية .
كل ذلك ترافق مع تعمد السلطات التركية الى التأثير على حركة الطيران السوري عند اقترابه من الحدود رغم ان هذا التحليق يتم فوق الاجواء السورية ، في خطوة فسرت على انها مساندة للمسلحين وتأمين الحماية لهم لمهاجمة مواقع الجيش السوري على طول الحدود.
التدخل التركي في سورية......المصير والنتائج
الوقائع تشير ان مصير التدخل التركي الميداني لن يكون مختلفا عن معركة التنبؤات التي اطلقها اركان الحكومة التركية بدءا من اردوغان وصولا الى وزير خارجيته احمد داوود اوغلو، اللذين ذهبا بعيدا في تحليلاتهما وخياراتهما واضعين نفسيهما وحزبهما في مأزق اضحى يرخي بظلاله على النسيج الداخلي التركي، فيما ظهر ان مسألة اسقاط النظام في سورية هي لعبة اكبر من ان تستطيع (تركيا حزب العدالة والتنمية) الخوص بها وربما تكشف الايام القادمة ان "طموح إحياء العثمنة" لن يتحقق من البوابة السورية.
حسين ملاح
المصدر: موقع المنار
إضافة تعليق جديد