تدمر: 80 % من الآثار بخير
عبر المدير العام للهيئة العامة للآثار والمتاحف مأمون عبد الكريم عن «تفاؤله» بإمكانية إعادة مدينة تدمر الأثرية إلى وضع يتناسب مع قيمتها التاريخية والسياحية خلال خمسة أعوام، مشيراً إلى أن ما يزيد عن «80 في المئة من آثار المدينة» لا تزال بوضع جيد، وهو ما فاق توقعات المديرية بكثير.
وقال عبد الكريم إن المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) إيرينا بوكوفا «هنأته شخصياً» باستعادة تدمر، التي يعود تاريخها إلى ما قبل ألفي عام، وأعلمته هاتفياً استعداد المنظمة للتعاون مع دمشق «لتأهيل وترميم ما يمكن ترميمه» من المدينة.
وأضاف عبد الكريم، أن اجتماعاً لـ «اليونيسكو» سيُعقد في باريس الشهر المقبل سيشارك فيه لهذه الغاية، وهو مخصَّص لتقديم المشورة والدعم بشأن المدينة.
ووفقاً لتقديرات عبد الكريم الرسمية فقد تمّت «استعادة ما يزيد عن 80 في المئة من المدينة الأثرية بسلام»، مشيراً إلى «الدور الكبير الذي لعبه الأهالي، ممن بقي في المدينة تحت سلطة داعش في الحفاظ على هذه الآثار».
وأوضح أن «التخريب الذي حصل على التماثيل الكبيرة التي وجدت في المتحف واستعصى على الحكومة نقلها، جرى بشكل عام لأوجه التماثيل وليس لأجسادها، الأمر الذي يسمح باستعادة جزء من قيمتها عبر الترميم».
وقام تنظيم «داعش» بتدمير هيكل معبد بل والأبراج الجنائزية العشرة وقوس النصر، وكلها ذات قيمة تاريخية مهمة للغاية، وتعود لبدايات القرن الأول الميلادي، لكن في الوقت ذاته بقي «الطريق المستقيم» والمسرح وغالبية الأعمدة، كما حرم معبد بل، إضافة للقلعة التي تضرّرت جزئياً نتيجة المعارك، والمتحف المتضرّر جزئياً بدوره.
و«الخبر الجيد قياساً بما كنّا نتوقعه»، يقول عبد الكريم هو أيضاً أن تمثال «أسد اللات» الذي يعود لبداية القرن الأول الميلادي «لا زال سليماً، وأن ما فعله التنظيم هو إزالته من مكانه، من دون أن يحطمه أو يحوّله إلى تراب»، وبالتالي يمكن إعادته إلى منصته لاحقاً. ويبلغ وزن التمثال 15 طناً، وهو الأمر الذي صعب عملية نقله مع 400 تمثال ومنحوتة وقطعة أثرية إلى دمشق، بشكل عاجل، حين بات جلياً أن المدينة على وشك السقوط تحت سيطرة «داعش».
وسيسعى عبد الكريم إلى إقناع منظمة «اليونيسكو» بـ «الحفاظ على أصالة المدينة الاستثنائية، وعدم تراجع ترتيبها على مستوى العالم».
وتحظى تدمر باهتمام عالمي، باعتبارها من الأوابد، إلا أن رمزية سقوطها بيد تنظيم «داعش» استقطب إليها مزيداً من الشهرة والاهتمام.
وأمس الأول، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي كانت قوات بلاده «شريكاً أساسياً في معركة استعادة تدمر التي استمرت أسابيع عدة» واتصل بالرئيس السوري بشار الأسد مهنئاً، أنه أوعز إلى «وزارة الدفاع الروسية بتوفير أوسع نطاق ممكن من المساعدة للجانب السوري في إزالة الألغام من الأراضي السورية المحرّرة، أخذاً بالاعتبار أهميتها الثقافية».
كما اتصل ببوكوفا مهنئاً «اليونيسكو بتحرير تدمر من قبضة الإرهابيين، وأبلغها بأن العسكريين الروس، بناء على تعليمات من القائد الأعلى للجيش، سيشاركون في عمليات إزالة الألغام من المدينة، جنباً إلى جنب مع نظرائهم السوريين».
وبعد إزالة الألغام سيتمكّن خبراء الآثار السوريون من معرفة حجم عمليات النهب التي حصلت أيضاً في المدينة، حيث لم يبدُ أن لدى «داعش» اهتماماً بالتماثيل الكبيرة والضخمة لصعوبة نقلها على عكس تركيزها على عمليات التنقيب السري.
وقال عبد الكريم إن معرفة «حجم عمليات النهب يحتاج إلى وقت»، ولا سيما أن تدمر غنيّة للغاية بالمواقع الأثرية التي لم يتمّ التنقيب عنها بشكل رسمي بعد.
وكان عبد الكريم قال، أمس الأول لصحيفة «الوطن» السورية أن «علماء بريطانيين انتهوا من صناعة قوس النصر التدمري الذي يزن أكثر من 12 طناً، وهو مطابق للنسخة الأصلية على أن يُعرَض في ساحات لندن ونيويورك قبل نصبه في مدينة تدمر»، معتبراً أن «هذه الخطوة تُعَدّ دليلاً واضحاً على اهتمام دول العالم بهذه المدينة التي يعود تاريخها إلى أكثر من ألفي سنة».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد