تأجيل اجتماع وزراء الخارجية العرب مرتبط بلقاءات مصيرية على هامش القمة الاسلامية

14-08-2012

تأجيل اجتماع وزراء الخارجية العرب مرتبط بلقاءات مصيرية على هامش القمة الاسلامية

ما بين اعتقال الوزير الاسبق ميشال سماحة واصدار مذكرة توقيف بحق رئيس مكتب الأمن القومي السوري علي مملوك، وتأجيل اجتماع وزراء الخارجية العرب في المملكة العربية السعودية للبحث في تطورات الازمة السورية وتداعياتها، ومن ثم التأكيد على مشاركة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في القمة الاسلامية المقررة غدا في الرياض، رابط اكيد يتعدى النظريات والقراءات ليلامس في شكله ومضمونه الحقيقة القائمة على استعار الحرب الباردة والمواجهات الامنية والاستخبارية بين سوريا من جهة والبلاد العربية المحيطة بها من جهة ثانية، بحيث تكشف مصادر واسعة الاطلاع ان الاساليب المستخدمة تخطت كل الخطوط والسقوف لتستقر على مواجهة مفتوحة لا تعترف بمحرمات ولا بحدود، وذلك بعد ان تكرست قاعدة الغالب والمغلوب بسقوط التسويات والحلول الوسطى.
ومن هذا المنطلق، ترى مصادر دبلوماسية عربية مقيمة في بيروت ان الرابط بين هذه الاحداث وتزامنها واضح للغاية. وتوضح أنّ اعتقال سماحة لا يتوقف على حدث داخلي عابر، انما يذهب إلى حد محاصرة سوريا سياسيا انطلاقا من لبنان وتسويقها على انها راعية للارهاب في دول الجوار، وتاليا فان خطر تدخلها في الشؤون الامنية لدول الجوار اصبح خيارا واردا لا بد من اخذه بالاعتبار من خلال محاصرة النيران داخل سوريا قبل انتقالها إلى الدول العربية المجاورة، خصوصا ان مصادر متابعة ترى ان عملية الاعتقال بتفاصيلها المسربة تدعو إلى طرح اكثر من علامة استفهام حول دور اجهزة المخابرات في الدول المعنية بازمات المنطقة، لاسيما لجهة شكل الاتهام غير المستند إلى منطق امني، على حدّ تعبير المصادر، في ظل قدرة سوريا الامنية والاستخبارية على تحريك الساحات العربية، وتاليا فانها لا تحتاج إلى شخصيات سياسية لتنفيذ عمليات تفجير غير استراتيجية، اي انها لا تطاول مراكز حساسة ومقار امنية وحكومية.
وليس بعيدا عن ذلك، يرى المصدر العربي ان تأجيل اجتماع وزراء الخارجية العرب يرتبط بشكل او بآخر بقدرة الاجهزة اللبنانية على محاصرة النظام السوري انطلاقا من الساحة اللبنانية، وذلك في ظل كلام كبير عن دور لبنان في اقامة مناطق عازلة انطلاقا من شماله، بحيث بات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يحتاج إلى مبررات تبيح المحظورات وتذهب بسياسة النأي بالنفس التي ينتهجها لبنان شكلا دون المضمون، بحيث تكتمل الحلقة الوسطية المكونة من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، والنائب وليد جنبلاط العائد إلى مهاجمة "حزب الله" والنظام السوري بشكل حاد وغير مسبوق منذ خروجه من صفوف فريق الرابع عشر من اذار، في مشهد جديد يؤسس إلى ادخال سوريا في زواريب جديدة ومنعطفات حادة متزامنة مع استعار المعارك الميدانية واشتعال الجبهات بصورة متدرجة وخطيرة.
وازاء هذه التطورات والمستجدات، يصبح تأجيل اجتماع وزراء الخارجية العرب مبررا ومفهوما، فمن جهة لا بد من انتظار نتائج الحراك المتسارع اكان داخل سوريا ام في دول الجوار. ومن جهة ثانية هناك ضرورة لان تمتلك الدول العربية المشاركة في الضغط على سوريا بعض الاوراق الرابحة لتوظيفها في مفاوضات محتملة ومفترضة، وذلك بعد ان خسر الجيش السوري الحر الكثير من معاقله الاستراتيجية والحيوية التي تريح النظام وايران الداعمة له، بما يعطيهما ارجحية بارزة، لايمكن موازنتها الا من خلال حدث ما يعيد المعادلة إلى ما كانت عليه.
ويشدد المصدر ختاما عى ان الايام القليلة المقبلة الفاصلة عن موعد لقاء الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بالمسؤولين العرب على هامش القمة الاسلامية قد تشهد تطورات ميدانية وامنية متسارعة لتحقيق توازنات جديدة يمكن استثمارها في المفاوضات والتسويات.

أنطوان الحايك

المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...