بوتين يؤكد أن أي تدخل عسكري خارجي مصيره الفشل ويأمل ألا يحضر أكلة لحوم البشر إلى جنيف
أنهى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، كل الجدل الدائر حول منظومة صواريخ «أس 300»، وأعلن أن موسكو «لم تسلم بعد» الصواريخ إلى سوريا، مؤكداً أنها لا تريد «الإخلال بميزان القوى» في المنطقة، ومحذراً في الوقت ذاته من أي تدخل أجنبي في سوريا، معتبراً أن ذلك سيكون مصيره «الفشل».
وقال بوتين، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو في ختام قمة روسيا - الاتحاد الأوروبي في مدينة ايكاتيريبورغ الروسية، «أؤكد مرة جديدة أن أية محاولة للتأثير على الوضع في سوريا بالقوة عبر تدخل عسكري مصيرها الفشل، وستؤدي إلى عواقب إنسانية كبرى».
وشدد على أن «العقود الموقعة مع سوريا كافة تتماشى مع القانون الدولي»، مضيفاً «في ما يخص صواريخ أس 300، فإنها من أفضل المنظومات المضادة للطيران في العالم. إنها سلاح متطور. نحن لا نريد الإخلال بميزان القوى في المنطقة. لقد تم التوقيع على العقد (بشأن توريد «إس 300» الى سوريا) منذ عدة سنوات ولكنه لم ينفذ بعد». وأعلن أن «توريدات الأسلحة الروسية إلى سوريا تجري وفق عقود شفافة معترف بها دولياً، ولا تنتهك أية قواعد دولية».
وبشأن قرار الاتحاد الأوروبي رفع حظر توريد الأسلحة إلى المعارضين السوريين، قال بوتين إنه «يبعث على الخيبة»، موضحاً أن «أعضاء الأمم المتحدة اتفقوا مؤخراً على مشروع بريطاني لاتفاقية دولية تنص على حظر توريد الأسلحة إلى ميليشيات غير حكومية عبر العالم. ننطلق من أن جميع أعضاء الأمم المتحدة سينضمون إلى هذه الاتفاقية، وسيبدأون منذ اليوم الالتزام بالقواعد والمبادئ التي اقترحها زملاؤنا البريطانيون». وذكر بأن «الاتحاد الأوروبي أيضاً سبق وأن اتفق على وثيقة تمنع توريد الأسلحة الى مناطق النزاعات في العالم».
وتناول بوتين بتهكم سلامة المشاركين الروس في مؤتمر حول سوريا وهم يجلسون امام مسلحين سوريين معارضين «يذبحون ويأكلون» أعداءهم. وقال ان «شبكات التلفزة اظهرت عناصر في المعارضة المسلحة يذبحون أعداءهم القتلى ويأكلون اعضاءهم. آمل ألا يحضر مثل هؤلاء الى جنيف 2، لأنه إن حصل سيصعب عليَّ تأمين سلامة المشاركين الروس، وسيكون من الصعب المشاركة في العمل معهم».
وقال رومبوي، من جهته، إن «الموقف الأوروبي الثابت أنه لا بديل عن الحل السياسي للأزمة السورية». وأعلن «عزم الاتحاد الأوروبي مواصلة التعاون مع روسيا بشأن التسوية في سوريا». وأضاف إن «الدول الأوروبية ترحب بالمبادرة الروسية - الأميركية لعقد مؤتمر دولي بشأن الأزمة السورية في جنيف». وقال باروسو إن «ما يحصل في سوريا اليوم هو وصمة على ضمير الانسانية».
وربط بوتين نجاح حوار الطاقة بين روسيا والاتحاد الأوروبي باستعداد الطرفين لمراعاة مصالحهما المشتركة، مشدداً على شفافية التعاملات التجارية. وشدد على ضرورة أن تبلغ دول الاتحاد الأوروبي روسيا بالإجراءات التي تتخذها لتطبيع الوضع الاقتصادي في منطقة اليورو.
من جهة ثانية، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفتش أن «موسكو تعارض نشر أسلحة لدول أجنبية في البلدان المجاورة لسوريا»، وذلك بعد ساعات من إعلان واشنطن إرسال منظومات «باتريوت» إلى الأردن.
وقال «نذكر أن المواصفات الفنية لهذه البطاريات التي سبق وأن نشرت في تركيا مع بداية السنة الحالية، تقارن بمواصفات منظومة أس 300. كما ترابط هناك مقاتلات تابعة لحلف شمال الأطلسي. ولقد أعلنا عن موقفنا من ذلك مرات عديدة. إن الذي يجري هو ضخ الأسلحة الأجنبية إلى هذه المنطقة المستعرة من العالم». وأضاف «علينا أن نشير إلى أن نشر هذه البطاريات يتم بالقرب من الحدود السورية، حيث يستمر النزاع المسلح منذ سنتين، والذي تحاول روسيا بالاشتراك مع الشركاء الأميركيين وقفه وعقد المؤتمر الدولي بشأن تسويته سلمياً».
- من جهة أخرى رفضت واشنطن أمس مزاعم فرنسا وبريطانيا بان السلطات السورية استخدمت أسلحة كيميائية، مؤكدة أنها بحاجة إلى مزيد من التحقيقات بشأن هذا الأمر. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني «علينا أن نزيد مجموعة الأدلة التي لدينا قبل اتخاذ قرار»، مضيفا «علينا أن نجري مزيدا من التحقيقات».
وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أعلن أن باريس «متأكدة من أن غاز السارين استخدم في سوريا على الأقل في حالة واحدة من قبل النظام السوري والمتعاونين معه». وأضاف «ثمة خط تم تجاوزه من دون أدنى شك. نبحث مع شركائنا ما ينبغي القيام به، وكل الخيارات باتت مطروحة. إما نقرر عدم التحرك وإما نتحرك، بما في ذلك بشكل مسلح في المكان الذي تم فيه إنتاج الغاز وتخزينه، (لكننا) لم نصل بعد إلى هذه المرحلة».
وأضاف كارني «ملاحظتي انه بحسب المعلومات الفرنسية من الضروري القيام بمزيد من العمل لتحديد هوية المسؤول عن استخــدام (هذا الغاز) والكميات المستخدمة وجمع مزيد من التفاصيل حول ظروف استخدامها». وتابع «كما قال الرئيس (باراك أوباما)، علينا أن نزيد مجموعة الأدلة التي لدينا قبل اتخاذ قرار، علينا أن نتمكن من درسها على قاعدة ما يشكله استخدام مواد كيميائية من جانب النظام السوري من انتهاك واضح جدا. سنثابر» على هذا الأمر.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة مارتن نيسيركي إن التقرير الذي أعده محققون بشأن الوضع في سوريا أشار إلى أن «جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية باتت واقعا يوميا في سوريا». ولفت إلى أن التقرير تحدث عن «أدلة منطقية تشير إلى استخدام كميات محدودة من الأسلحة الكيميائية في النزاع في سوريا»، موضحا أن التقرير يشير إلى استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل الطرفين.
وقال نيسيركي إن رئيس بعثة التحقيق باستخدام أسلحة كيميائية آكي سيلستروم يقوم من خارج سوريا بتحليل كل المعلومات المتوفرة لديه «لكن ذلك ليس بديلا عن وجوده في سوريا». وأضاف «من المهم للغاية أن يتم السماح لفريق التحقيق بالدخول بشكل كامل إلى سوريا».
وقال مندوب بريطانيا لدى الأمم المتحدة مارك ليال غرانت، الذي تترأس بلاده مجلس الأمن لهذا الشهر، إن لندن «قلــقة للغاية ومصدومة من الأدلة المتزايدة حول استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية، وإن بشكل محدود». وأضاف «لا وجود لأدلة حول امتلاك أو استخدام المعارضة السورية أسلحة كيميائية».
وأعلن غرانت أنه في حال فشلت المفاوضات بشأن سوريا «سيتحرك بعض الأعضاء في مجلس الأمن»، مؤكدا أن التركيز الآن هو على مؤتمر جنيف الذي نأمل نجاحه.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد