انذار إسرائيلي لدمشق عبر «نيويورك تايمز»
فاجأت تصريحات منسوبة لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، نشرت أمس، في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، الكثير من الأوساط في الدولة العبرية، حيث هدد المسؤول الرئيس السوري بشار الأسد بإسقاط نظامه إذا ردّ على هجمات إسرائيلية قد تتكرر على شحنات أسلحة في سوريا.
وقد اعتبر البعض التصريحات خروجاً عن السياسة الإسرائيلية المعلنة بعدم التدخل في سوريا ولا التأثير في صورة سوريا المستقبلية. وأعادت صحف إسرائيلية نشر تقارير عن لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للبحث في صفقات الأسلحة لسوريا، وتأكيدهما على مخاطر الأصولية الإسلامية. ويأتي ذلك كله بالتزامن مع زيارة بدأها أمس مدير الاستخبارات المركزية الأميركية جون برينان إلى إسرائيل للبحث مع المسؤولين في الشأن السوري والعلاقات التركية ـ الإسرائيلية.
وأفاد التلفزيون الإسرائيلي بأن برينان اجتمع مع وزير الدفاع موشي يعلون وعدد من كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، وأن النقاشات دارت حول عدد من القضايا من بينها سوريا والعلاقات مع تركيا. وتتسم الزيارة والمداولات التي تدور فيها بأهمية خاصة في ضوء التهديد، الذي وجهه المسؤول الإسرائيلي عبر «نيويورك تايمز».
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي آخر قوله إن التهديد وصل إلى «نيويورك تايمز» إثر قرار اتخذ على أعلى المستويات في تل أبيب. وأضاف أن الهدف هو التوضيح للسوريين وللأسرة الدولية الموقف الإسرائيلي بشأن تهريب الأسلحة من سوريا إلى «حزب الله» والأبعاد الخطيرة التي سوف تمس بقاء النظام السوري حال الرد المباشر أو غير المباشر على الغارات الإسرائيلية. وقد رفض ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية تأكيد أو نفي أنهم يقفون خلف التهديد.
وكان المسؤول الإسرائيلي الرفيع قد اتصل بالصحيفة الأميركية، وأبلغها التهديد الذي تأكدت الصحيفة من مصادر إسرائيلية أخرى أنه نقل إلى الرئيس السوري بشار الأسد. وينص التهديد على أنه إذا رد النظام السوري على الغارات بشكل مباشر أو بواسطة جهات وصفت بالإرهابية فإنه يجازف برد إسرائيلي مؤلم بل وإسقاط النظام. وتضمن التهديد أيضاً أن إسرائيل ستواصل ضرب أهداف في سوريا تقع ضمن خطوطها الحمر التي تحظر نقل أسلحة معينة إلى «حزب الله» أو جهات أخرى.
ويعتقد البعض أن جانباً من التهديد الإسرائيلي يعود إلى فشل زيارة نتنياهو إلى روسيا ومحاولة إقناع رئيسها فلاديمير بوتين بوقف تصدير الأسلحة خصوصاً المتطورة منها إلى سوريا. وأعاد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التأكيد على أن بلاده ستنفذ الصفقات التي أبرمتها مع سوريا من دون أن يؤكد أو ينفي احتواءها على بطاريات صواريخ «إس 300» المضادة للطائرات.
وكتبت صحيفة «كومارسنت» الروسية أن نتنياهو أخفق في محاولته إقناع بوتين بالتراجع عن صفقة السلاح. وأضافت أن «رأي الرئيس بوتين لم يتغير، ويمكن القول إن منظومة إس 300 باتت في جيب السوريين. فزيارة نتنياهو لن تغير أمراً بشأن الصفقة». ومن جهتها، أشارت «معاريف» إلى تقارير روسية أفادت بأن بوتين ونتنياهو تشاركا المخاوف من سقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد وصعود جهات اسلامية متطرفة. ومع ذلك شرح مسؤول مطّلع الفارق بين النهج الاسرائيلي والروسي، وقال إن «إسرائيل لا تريد استمرار حكم الاسد ولكنها تخشى البدائل، بينما روسيا تريد أن يكون الاسد جزءاً من الحل السياسي في الدولة، في المرحلة الاولى على الأقل».
والواقع أن في إسرائيل خلاف حول الموقف من اسقاط الاسد. فمحافل التقدير في اسرائيل ترى أنه وبرغم أن سقوطه يقود الى تعزيز جماعات متطرفة في الدولة وتصعيد تهديد الارهاب على اسرائيل، فإن وقف المشروع النووي الايراني هو الهدف الاسمى وسقوط الاسد سيخدم هذا الهدف لانه سيؤدي الى تدمير «محور الشر» أي ايران، سوريا و«حزب الله». وفي المقابل تعتقد جهات اخرى أن تعاظم الإرهاب من سوريا ما بعد الأسد، هو ما يثير القلق أكثر. وهناك اعتقاد أن نتنياهو يؤيد الرأي الأخير.
عموماً اعتبر المعلق العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل تهديد إسرائيل لسوريا بأنه «حماسة مبالغ فيها». وأشار إلى عدم توفر مصلحة لإسرائيل في التدخل في الحرب الأهلية السورية لصالح أي من الطرفين. كما أن أي هجوم إسرائيلي واسع سيقترن بالمجازفة باحتمال نشوب حرب حقيقية بين إسرائيل وسوريا تتعرض فيها الجبهة الداخلية الإسرائيلية لأضرار جسيمة. وأضاف هارئيل أنه «منذ سنوات يجري بين اسرائيل وسوريا حوار مركب من التهديد والاشارات الخفية. وهناك ميل الى نسيان أن ذلك بدأ قبل نشوب الحرب الأهلية في سوريا في شتاء العام 2011 بزمن طويل». وحذّر من أنه «يجب على اسرائيل ان تأخذ في الحسبان أنها اذا أرادت ان تهاجم في المستقبل قد ينتبه الاسد من غفلته ويستقر رأيه آخر الأمر على الرد عسكرياً».
وأشار المعلق العسكري لموقع «والا» الإخباري إلى أن التهديدات بإسقاط الأسد يمكن أن تكلف إسرائيل غالياً. ولاحظ أن التهديد الذي نقلته «نيويورك تايمز» لم ينطلق من المؤسسة الأمنية. وأشار إلى أن التهديد في الواقع ليس موجهاً إلى الأسد وروسيا وحسب، وإنماً أيضاً للإسرائيليين، خصوصاً في الشمال الذين يشعرون أنهم في الفخ.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد