النساء في طليعة تحدّي التطرف في إدلب
كتبت ليلى شامي مقالاً بعنوان "النساء في طليعة تحدّي التطرف في إدلب" نشره معهد تشاثام هاوس في تموز/يوليو 2018، تحدثت فيه عن مقاومة النساء للتطرف الحاصل في إدلب. ففي أيار/مايو، نشرت وكالة أنباء سمارت، وهي موقع إعلامي معارض، تقريراً مصوراً عن الفساد التربوي والإداري في جامعة إدلب، حيث تخضع الجامعة لسيطرة "حكومة الإنقاذ السورية"، وهي جناح السلطة المدنية لـ "هيئة تحرير الشام" التي تهيمن على معظم المناطق التي يسيطر عليها المسلحون في المحافظة.
حاولت "هيئة تحرير الشام" الاستيلاء على مؤسسات الحكم المدني والسيطرة على مرافق الخدمات الأساسية والمعابر الحدودية، ما أدى إلى زيادة كبيرة في تكاليف الخدمات والسلع الاستهلاكية، كما فرضت الرقابة على نشطاء المجتمع المدني ومنظماته.
وقد أدت المصادمات بين "هيئة تحرير الشام" و"جبهة تحرير سوريا" –وهي تحالف يضم جماعة نور الديكن الزنكي وجماعة أحرار الشام السلفيّتَين– إلى زيادة العداء الذي يواجهه سكان إدلب. كما أدى الاقتتال الداخلي بين المسلحين إلى وقوع العديد من الضحايا المدنيين فضلاً عن سلسلة من الاعتقالات والاغتيالات ذات الدوافع السياسية.
ومع ذلك، فإن وجود مجتمع مدني في إدلب سمح للسكان بتحدي هيمنة "هيئة تحرير الشام" حول الشؤون المدنية وحماية حقوق الناس. فقد نُظِّمَت احتجاجات مستمرة ضد الهيئة أدت في بعض الحالات إلى طردهم من المجتمعات، كما قام مجموعة من النشطاء المحليين بتأسيس "البيت الإدلبي" من أجل تنسيق الجهود المعارضة لسيطرة الهيئة والدعوة إلى نزع الطابع العسكري عن مجتمعاتهم، وتنظيم الحملات الإعلامية والمظاهرات العامة.لقد تأثرت النساء بمحاولات "هيئة تحرير الشام" لتنظيم الحياة المدنية وفرض ديكتاتورية جديدة. إذ تتضمن بعض المراسيم فرض قواعد صارمة على الأزياء النسائية، وتمنع اختلاط الذكور والإناث في الحافلات، وتطلب من الأرامل أن يتنقّلن بمرافقة مُحرم.
أدت هذه التدابير إلى خروج المجتمع المحلي بمظاهرات. إذ احتجّت النساء ضد قرار فرض محرم عليهنّ. وقُمْنَ بتشكيل مجموعات تطوعية تقوم بزيارات منزلية للنساء للتصدي للآراء المتطرفة ومعارضة الداعيات الإناث اللواتي يحاوِلن فرض الامتثال لقانون الشريعة. وقد أثبتت هذه الأنشطة نجاحها في طرد أولئك الداعيات من المجتمع.
تتطلب مقاومة المرأة للتطرف تنظيماً نسائياً، ويمكن أن يشكِّل هذا تحدياً في مجتمعات أكثر محافظة وتقليدية. وفي حين أن النساء غالباً ما يُحرمن من أدوار قيادية في المجالس المحلية، أنشأ مجلس إدلب المحلي مكتباً لتمكين المرأة يعمل على النهوض بوعي المرأة بالقضايا الاجتماعية والسياسية ودعم مشاركتها المتزايدة في الشؤون العامة.
وتحقيقاً لهذه الغاية، تأسّت مراكز نسائية أيضاً. ولدى منظمة «النساء الآن» من أجل التنمية –وهي منظمة غير حكومية– مركزين في إدلب، يوجد في أحدهما مقهى للإنترنت خاص بالنساء. كما يُسيِّرُ المركزان برامج مهارات قيادية للنساء. وقد تمكّنت العديد من خريجات المركزَيْن من العمل في المجالس المحلية. وكذلك أُسِّسَ أول مركز للمنظمة في معرة النعمان عام 2014. وفي عام 2016 شارك المركز في التحضير لانتخابات المجالس المحلية.
أما في بلدة كفر نبل، تم تأسيس مركز "مزايا" في حزيران/يونيو 2013 من أجل تعليم النساء المهارات المهنية التي تُمكِّنهنّ من تحقيق الاستقلال المالي، وإجراء مناقشات حول قضايا حقوق المرأة، وتحدي التهديدات المتزايدة التي تفرضها الجماعات الإسلامية المتطرفة.وخَلَصَ الكاتب في نهاية مقاله إلى أن «مقاومة التطرف تُكلّلُ بأكبر قدر من النجاح حينما تصدُرُ عن المجتمعات المحلية التي لديها شبكات مجتمع مدني متينة، والأهم من ذلك، حينما تشارك فيها النساء الأكثر عرضةً للخطر».
مداد
إضافة تعليق جديد