المؤتمرالوطني الأول لصناعةالمحتوى الرقمي يبحث في المقومات والمعايير
تختتم مساء اليوم الإثنين فعاليات المؤتمر الوطني الأول لصناعة المحتوى الرقمي العربي الأول بجلسة حوارية تتناول بناء إستراتيجية وطنية سورية في صناعة المحتوى الرقمي العربي.
وسيصدر عن المؤتمر مجموعة من التوصيات التي يتوقع أن يتم استقاء قسطها الأكبر من المفاهيم والرؤى التي حددتها نائب رئيس الجمهورية الدكتورة نجاح العطار في كلمتها أمس خلال افتتاح المؤتمر.
وسيشارك في حلقة النقاش خلال الجلسة الحوارية مجموعة من الوزراء وممثلي الهيئات المعنية بالمحتوى كالإعلام والثقافة والتعليم العالي والتربية والصحة والسياحة والصناعة والاتصالات وغيرها. وتناقش محاضرات اليوم الثالث للمؤتمر مجموعة من القضايا ذات الصلة بالمحتوى الرقمي والأبعاد متعددة الأوجه لصناعته. كما تتناول المحاضرات تحديات صناعة المحتوى التعليمي في الجامعات العربية ودور المرأة في الإعلام الإلكتروني على حين يقدم الزميل الصحفي والكاتب نبيل صالح رؤية عامة حول المواقع الصحفية الإلكترونية السورية، يليه الدكتور عبد العزيز الملحم في محاضرة بعنوان «موقع الإعلام الإلكتروني في المحتوى الرقمي العربي». كما يلقي الدكتور نبيل علي محاضرة حول «المحتوى الرقمي العربي: نظرة ثقافية»، على حين يناقش الدكتور منصور فرح «اللغة العربية على الإنترنت من المنظور الإقليمي».
وتمحورت فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر حول التجارب السورية في قطاع صناعة المحتوى حيث قدم العديد من المحاضرين تجارب مؤسساتهم في هذا الميدان، حيث ناقشت إحداها مساهمة وزارة الاتصالات التقانة في توفير متطلبات صناعة المحتوى الرقمي العربي في سورية، على حين ناقشت أخرى حماية الملكية الفكرية للمحتوى متخذة من بوابة «اكتشف سورية» الثقافية أنموذجاً.
وتناولت جلسة أخرى بعنوان «مبادرات محلية في صناعة المحتوى الرقمي العربي» تلاها ورقة حول مساهمة وزارة الإعلام في صناعة المحتوى الرقمي العربي، وأخرى حول مشروع بوابة تشاركية للمحتوى الرقمي لمناهج الجامعات السورية، إضافة إلى تجربة المعهد العالي للعلوم التطبيقية في المحتوى الرقمي.
وعرجت محاضرة أخرى على مشروع تعريب أسماء النطاقات، تلاها مجموعة من العروض لمجموعة من التجارب السورية الأخرى في حقل المحتوى على شبكة الإنترنت.
كما أكد عضو الاتحاد العربي للنشر الدكتور عادل رزق أن المؤتمر يحاول وضع قاعدة أساسية للعمل في مجال المحتوى الرقمي، مبيناً أن المفهوم المتداول في الدول العربية هو العمل بشكل منفرد يأخذ الهدف نفسه، ما ينعكس في النهاية على ضيق وضعف النتائج.
وأشار رزق إلى أن سورية بفضل دعم القيادة السياسية، يمكن أن تحظى بمقعد ريادي في مجال المحتوى الرقمي على مستوى الدول العربية، موضحاً أهمية المؤتمر نظراً إلى معاينته لجميع العناصر المكونة للمحتوى: «وإذا استطعنا تغطية هذه العناصر ولو بنسبة معقولة سنستطيع من خلالها تحقيق مكاسب جيدة جداً».
ولفت رزق إلى الهجمة التي يتعرض لها العرب منذ سنين، والتي تستهدف محو الهوية الوطنية قائلاً: «بالنسبة لي أهتم بالمحتوى التعليمي وتم الاتفاق على أسلوب لتداول المحتوى والتعامل معه بشكل أو بآخر، مبيناً الحاجة إلى تطبيق معايير واضحة تتيح إطلاق عملية التعلم من قيودها التقليدية، لافتاً إلى أنه على الشركات العربية أن تنتبه إلى أن ثمة اكتساحاً ساحقاً من الشركات الغربية العاملة في مجال التعليم في منطقة الخليج العربي».
وبيّن رزق أن هناك حاجة إلى الحافز المادي للعمل في مجال المحتوى الرقمي حيث «يجب المحافظة على اللغة لنستطيع من خلالها الحفاظ على الهوية، لأن اللغة العربية هي التي بنت الحضارة..». وقال: «في الزمن الماضي كان العالم الذي لا يعرف العربية في الغرب يعتبر نصف عالم لأنه كان يفتقد إلى اللغة التي يستمد منها الحضارات فاللغة بأهلها إن عزوا عزت وإن ذللوا ذللت».
من حهته أكد الدكتور عمار خير بك أن «هناك معايير متنوعة لصناعة المحتوى الرقمي العربي تبدأ من طريقة الكتابة وتنسيق الشكل وصولاً إلى طريقة تصميم المواقع وتغذية الصفحات والارتباطات التشعبية وغيرها وصولاً إلى معايير تخص ما يسمى الميتا محتوى أو (metadatd) أي المعلومات عن الصفحات أو المحتوى حتى يكون للبيانات صيغ محددة تستفيد منها محركات البحث أو نظم إدارة المحتوى لاحقاً من أجل فهرسة وإيجاد النصوص التي تحوي لغة عربية».
وبيّن خير بك أن في مجال الكتابة هناك غياباً للعرب عن المنظمات الدولية التي تعرف المعايير لذلك نلاحظ دائماً اعتماد اللغة العربية يكون متأخر جداً بالنسبة للغات الأخرى ومن الضروري أن يكون لنا حضور في تلك المنظمات أما بالنسبة للتصميم فلابد أن يكون هناك نوع من الاحترافية في ذلك ويتم تعهيد العمل لمهندسين مختصين يقومون بعمل هندسة برمجيات وهندسة متطلبات دون اللجوء إلى استخدام برامج جاهزة.
وأكدت الدكتورة أميمة الدكاك أن وجود المحتوى العربي يحتاج إلى لغة عربية سليمة وإلى بنى تحتية وإنترنت لكل بيت وحواسب وأناس مؤهلين تستطيعون التعامل مع الحاسب ومع الإنترنت حتى تستطيعوا الاستفادة من المحتوى الرقمي العربي الموجود على الشبكة.
وقالت الدكاك: «نحن في المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا عملنا هو تأمين برمجيات وأدوات تسهل تعلم اللغة العربية سواء للمدارس أم للناس ذوي الاحتياجات الخاصة التي من الممكن أن تساهم هذه التقنيات والأبحاث الخاصة باللغة العربية ومعالجتها بأن يكون لهم إمكان النفاذ أكثر إلى المحتوى العربي الرقمي».
وأشارت الدكاك إلى أنه لابد من توافر الإرادة الجيدة للأشخاص الذين سيقومون بوضع المحتوى العربي الذي لا تتجاوز نسبته 1.5% وأن يكون لديهم حب وإخلاص للغة العربية ولوطنهم.
أما الدكتور حاتم زهران رئيس مجموعة المحتوى الرقمي بغرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات في مصر فقال: «لقد أضعنا العشرين سنة الماضية في عمل ما يسمى البنية التحتية لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات سواء في التجهيزات أم البرمجيات أم الاتصالات، ولكن في السنوات الأخيرة في مصر وسورية على وجه الخصوص قطعوا شوطاً كبيراً في قطاع الاتصالات لكن العالم كله الآن يدخل في ما يسمى الهدف الرئيسي من أدوات العصر الجديد وهو المحتوى الرقمي الذي يمثل السلعة الحقيقية للسوق الجديدة». وأشار زهران إلى تأخر الدول العربية في هذا المجال فالمخزون التاريخي والحضاري والثقافي والأدبي والفني سواء أكان سابقاً أم لاحقاً من اللغة العربية عال جداً ولكن ما تمت رقمنته وتحويله من الصورة التقليدية الورقية تستخدمها أدوات العصر الجديد ليست موجودة بالدرجة الكافية.
وبيّن زهران أن هناك تحديات كثيرة تواجه المحتوى الرقمي العربي وصناعته أهمها أنه لابد للدول العربية أن تتكاتف فمشروع ذاكرة العالم العربي مضى عليه سنتان ونصف السنة ولم يحدث تطور نوعي أو كيفي في هذا الموضوع إضافة إلى محاولات أخرى كانت في تونس في قمة مجتمع المعلومات وكان الحضور العربي فيها مقارنة بالحضور الإفريقي والعالمي ضئيلاً جداً. وأشار زهران إلى أن التحدي الثاني يكمن في حجم الاستثمارات في المحتوى فالبنية التحتية للمحتوى الرقمي لكي تتم بحاجة لاستثمارات ضخمة تعطي ثمارها فيما بعد ومن ثم ينبغي على الدول العربية الغنية أن تعطي الدول الفقيرة، على حين التحدي الثالث الحقيقي -يكمل زهران- يكمن في وضع المحتوى العربي الرقمي كهدف إستراتيجي واتخاذ القرار ودعمه من ناحية وكسلعة اقتصادية لها سوق جديدة تباع وتشترى ويمكن استثمارها في هذا الاتجاه.
وسام محمود
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد