الفجوة الكردية بين الإدارة الأمريكية وتركيا
الجمل: ضمن سلسلة الأوراق السياسية، التي يصدرها في هذه الأيام معهد واشنطن لساسة الشرق الأدنى، والمتعلقة بتوصيات لجنة بيكر- هاميلتون، وتداعياتها، صدرت ورقة أعدها الباحث سونيركا قابتاي، حملت عنوان: (تقرير مجموعة دراسة العراق وحزب العمال الكردستاني: التعامل مع مشكلة أمريكية).
يقول الباحث: إن تقرير مجموعة دراسة العراق، قد كان موفقاً في إدراج اهتمامات تركيا الرئيسية المتعلقة بمسألة تحقيق الاستقرار في العراق، ويشير الكاتب إلى وجود فجوة بين التوجهات الأمريكية والكردية إزاء الأكراد، فأمريكا ترى في الأكراد حليفاً يمكن الاعتماد عليه في المنطقة.. بينما ترى تركيا في الأكراد خطراً داهماً يجب التعامل معه بالحسم العسكري، خاصة وأن الحركات الكردية المسلحة تعتبر في نظر تركيا المسؤولة عن إزهاق أرواح آلاف الأتراك، إضافة إلى تبني هذه الحركات لتوجهات تعتبرها تركيا مهدداً لأمنها الوطني.
يتعرض الباحث لمشكلة الفجوة الكردية بين الإدارة الأمريكية وتركيا، في نقطتين، يمكن استعراضهما على النحو الآتي:
• حزب العمال الكردستاني، تركيا، والعراق: الصورة العامة الكبرى:
يقول الكاتب: إن حزب العمال الكردستاني قام في شهر تموز الماضي وحده بقتل حوالي 23 تركياً، إضافة إلى استمرار حركة العنف التي يقوم بها الأكراد داخل تركيا باعتبارها المسألة الأكثر أهمية في تركيا وذلك بحسب استطلاعات الرأي العام التركي التي قام بإجرائها مركز دراسات تيزيف التركي.
كذلك يشير الباحث إلى نجاح حزب العمال التركي في استغلال وتوظيف فترة الأربعة سنوات الماضية التي أعقبت غزو واحتلال العراق، في توطيد وتعزيز قوته العسكرية، مستخدماً منطقة شمال العراق كنقطة ارتكاز لعملياته العسكرية والسياسية ضد تركيا، وقد استطاع هذا الحزب أن يبني في هذه المنطقة معسكرات التدريب، ومنشآت تخزين الإمداد والعتاد العسكري.
يقول الباحث: إن حزب العمال الكردستاني، أصبح شديد الارتباط والتنسيق مع الحركات الكردية والعراقية، إضافة إلى أنه أصبح يستفيد من مزايا الوضع الاستثنائي الذي يتمتع به الأكراد حالياً في شمال العراق، وحالياً يقوم زعيم حزب العمال الكردستاني مورات كاراييلان بالظهور بشكل مستمر على شاشات قناة محطة تلفزيون كردستان، التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يترأسه الرئيس العراقي الحالي جلال طالباني، وبرغم ذلك عندما طالبت تركيا الرئيس العراقي الحالي جلال الطالباني بوضع حدّ لنشاط حزب العمال الكردستاني، أجاب طالباني، بأنه ليس بمقدورهم القيام بأي شيء، وذلك لأن الموضوع برمته يقع خارج إرادتهم.
يقول الأتراك بوضوح: إن أنشطة حزب العمال الكردستاني ضد تركيا معروفة لدى الأمريكيين، وحالياً هناك بعض الاتراك يتهمون الإدارة الأمريكية الحالية بالتواطؤ سراً مع حزب العمال الكردستاني والإشراف على دعم وتنسيق عملياته الهادفة إلى تقويض أمن تركيا.
أشار الكاتب إلى أن تقرير مجموعة دراسة العراق قد أوضح قائلا: (إن تركيا تعارض منح الاستقلال أو حتى الحكم الذاتي العالي الاستقلالية لكردستان، وذلك استناداً إلى الاعتبارات المتعلقة بأمن تركيا الوطني). كذلك يرى التقرير أن الاهتمامات التركية حول هذه المسألة يجب تقييمها على خلفية وجود حزب العمال الكردستاني في المنطقة: أي أن تركيا تعارض وجود الكيان الكردي في المنطقة لأنه يؤدي إلى إيواء الحركات الإرهابية. ويضيف كاتب التقرير: إن موقف تركيا ثم وجود حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، يشابه ويماثل موقف إسرائيل من وجود حزب الله في جنوب لبنان.
• حزب العمال الكردستاني باعتباره مشكلة أمريكية:
يقول الكاتب: إن حزب العمال الكردستاني أصبح يمثل ويشكل مشكلة لأمريكان في الوقت الحالي، وذلك لسببن، هما:
- ان وجود حزب العمال الكردستاني المستمر في شمال العراق، سوف يؤدي إلى تقليل حماس وتعاطف تركيا على مساعدة الأمريكيين في تحقيق وتثبيت استقرار العراق.
- ان مشكلة حزب العمال الكردستاني، سوف تؤدي على تآكل وتجريف أسس العلاقات الأمريكية- التركية، والتي يعتبر واحداً من ثوابتها التوافق الأمريكي- التركي المتعلق باعتبار حزب العمال الكردستاني حركة إرهابية، وقيام وزارة الخارجية الأمريكية بإدراج هذا الحزب ضمن قوائم الحركات الإرهابية التي تهدد الأمن والسلام في العالم.
ويخلص الكاتب إلى أنه ما لم تقوم الإدارة الأمريكية بحسم ملف وجود حزب العمال الكردستاني في العراق، فإن روابط تركيا مع أمريكا سوف تتدهور بقدر أكبر.. كذلك إذا حاولت أمريكا الوقوف إلى جانب تركيا، والقيام بعمل ضد حزب العمال الكردستاني، فإن وضعها في العراق سوف يتأثر، لأنها سوف تفقد تحالفها مع الحركات الكردية الموجودة في العراق، والتي ظلت تقدم أفضل الخدمات لقوات وسلطات الاحتلال الأمريكي في العراق.
يقول كاتب الورقة: إن لجنة بيكر قد أعطت ضوءاً أخضر للإدارة الأمريكية لكي تدير ظهرها للحركات الكردية، وتعزز علاقاتها مع تركيا، وذلك لأن الحركات الكردية لن تستطيع القيام بشيء، خاصة وأنها سوف تكون محاصرة، تركيا في الشمال، إيران في الشرق، والقوات الأمريكية والعرب العراقيون في الجنوب.
وبرغم ذلك يخلص كاتب الورقة إلى أن الموقف الذي طرحه تقرير مجموعة دراسة العراق يعقد المشاكل بقدر أكبر، وبالتالي يشكك في قدرة ومصداقية توصيات التقرير في إيجاد المخرج السليم للإدارة الأمريكية على النحو الذي يدعم المصالح الأمريكية في المنطقة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد