الدراما السورية بين الإبداع والتسويق
كثرت الأعمال التي باتت تخترق الأعراف الرقابية للمحطات والتلفزيونات العربية, لا بل تحولت الأمور إلى ما يشبه لعبة القط والفأر فيما بينهما, وقد حققت العديد من الأعمال التي صورت في سورية اختراقات لخطوط كانت توصف بأنها (خطوط حمراء) الأمر الذي ظهر على أن هناك انزياحاً رقابياً لصالح الجرأة في الغوص إلى عمق الواقع ومحاولة نبش المكامن المخبأة والمسكوت عنها إلا أن هذا الاختراق يمكن قراءته من زاويتين الأولى إبداعية والثانية تسويقية, والخيط الرفيع الذي يفصل بينهما يفرض مجموعة من التساؤلات..
فمتى تلامس الجرأة الواقع حقيقة؟ ومتى تصبح مفتعلة هدفها تجاري ترويجي ليس إلا؟ وهل تحولت إلى جواز مرور للمسلسلات لتسويقها في المحطات؟ أتحولت إلى منفذ أوجده صانعو الدراما لاستنزاف مشاعر المشاهد بعد ملله من الأعمال التاريخية والكوميدية والمعاصرة وتلك التي تندرج ضمن إطار الانتداب الفرنسي أو الاحتلال العثماني.. فكان لا بد من إيجاد حصان رابح يحملونه أعمالهم لتسويقها فكانت عبارة (الأكثر جرأة)؟ أم تُرى الأمور ليست بهذا السوء لا بل هي نتيجة طبيعية لتطور الدراما في سورية وهي خيار إبداعي ضروري وتوق للحرية الإبداعية في العمل الفني لجعل المبدع يغوص في عمق الواقع ويفتش في قعر المجتمعات مُظهراً مكامن الأمور وطارحاً ما كان يُسكَت عنه, فالجرأة أساس الإبداع, ولكن ضمن ذلك كله أين يمكن صرف عبارة (التلفزيون أسري وموجه لأفراد العائلة كلها)؟ ألم تصل الجرأة إلى مكامن ينبغي ألا يطلع عليها أبناؤنا بسبب قساوتها؟ أم أنها فترة مخاض سيتبلور بعدها رأي حقيقي من هذه الأعمال ومدى شرعية وجودها وانتشارها ويُفرز بين الغث والسمين منها؟..
العنوان العريض الذي يتحدث تحت لوائه صانعو تلك الأعمال هو (جرعة زائدة من الجرأة) هذه الجرعة يراها بعضهم أنها تحولت في عدد من المسلسلات إلى (وقاحة وابتذال) في حين يرى فيها آخرون أنها اقتراح إبداعي ولكن من غير المناسب عرضه على الشاشة..
يقول الفنان باسم ياخور: (الجرأة شيء والوقاحة شيء آخر, فالأعمال التلفزيونية موجهة للعائلة وبالتالي يجب أن تكون هناك مسؤولية في القضايا المطروحة من خلال التلفزيون.. الجرأة مطلوبة لكن أن تكون مسؤولة وتطرح فكراً جريئاً ولا تطرح مواقف مبتذلة الجرأة أو تفصيلات مبتذلة).
بينما تقع الفنانة منى واصف في حيرة من تقديم الأجرأ فتقول: (أشعر وكأنني مقسومة إلى قسمين على الرغم من أن أجرأ الأدوار أنا من قدمها, ولكن السينما والمسرح يختلفان عن التلفزيون الذي هو للأسرة ولكنه باللاشعور خلق بداخلنا إحساساً بالتدجين فهناك قضايا طرحتها بعض الأعمال أتساءل كيف سيراها أبناؤنا إلا أنه بالمقابل يتم طرحها في أعمال غربية), ولكن تعود الفنانة منى لتؤكد أن الهدف من هذه الأعمال هو الغوص الحقيقي لعمق الواقع وإن كان فيها شيء من التجارة فهو أمر ليس بخطأ فينبغي ألا تخسر في عمل تقدمه كما أنه من غير المنطقي أن نُظهر دائماً الصورة النقية على الشاشة, وتنهي حديثها بالإشارة إلى خوفها من ردة فعل الناس فاليوم هناك رقابة تخيف أكثر من رقابة المحطات هي رقابة المجتمع.
هناك أعمال سبق وكان لها تاريخ مع الرقابة من حذف ومنع وشطب وتأجيل إلى أجل غير مسمى, فإن عدنا إلى الوراء قليلاً نجد أن مسلسلات مثل (أحقاد خفية, الحصرم الشامي, ممرات ضيقة) لم تُعرض على الشاشة السورية كما طالت يد الرقابة أعمالاً أثارت جدلاً في جرأتها لدى العرض ومنها (غزلان في غابة الذئاب) إضافة لبعض لوحات (بقعة ضوء) وهناك أيضاً مسلسلات أخرى مثل (حاجز الصمت, أسياد المال..).
فؤاد حميرة يرى أنه: أصبحنا نخاف من الرقابة الاجتماعية لأنهم عودوا الناس أن يروا مايحبون هم جعلهم يروه وليس ما يحبه الناس حقيقة, فعلى سبيل المثال هناك خط في عمل درامي كتبته عن شخص يخون أخاه مع زوجته فانتقدني بعضهم بالقول أن الطرح فيه حدة ولكن ألا أتكلم عن الواقع؟.. إنني لا أقول للناس أفعلوا ذلك وإنما أنبه له وأنه خطأ). وحول الدافع وراء إنجاز أعمال أكثر جرأة أكان سببه إبداعياًَ أم تسويقياً فيؤكد أن السبب هو الأمران معاً (الأمران معاً يلعبان دوراً في الجرأة فعندما أطرح أمراً هاماً وجريئاً في مسلسل فإنني أقصد الانتشار بين الناس فلا أقول ما يعرفه المشاهدون وإنما ما لايعرفونه وألفت نظرهم إلى أمر غير منتبهين له, أما التسويق فلا أضعه في ذهني لأن المسؤول عنه الشركة المنتجة). ويدافع حميرة عن رأيه حول تساؤل أن الجرأة تصل إلى مكامن هل يمكن أن يراها أبني على الشاشة؟.. فيقول: (إنهم يرون عبر الشاشة فيديو كليبات فيها من الوقاحة والفجاجة الشيء الكثير, وكل ما يمكن تقديمه في الدراما لا يصل لدرجة فجاجة ووقاحة هذه الكليبات المتاحة أمام أبنائنا ولا نمنعهم عنها, فلماذا نقف عند الدراما؟).
ما هدفنا من التلفزيون؟ أهو وسيلة تسلية أم منبر لإيصال الرسائل الفنية؟.. تساؤل استهل فيه المخرج سيف الدين سبيعي حديثه قائلاً: ليس لدينا سينما أو مسرح وبالتالي تحول التلفزيون ليكون المنبر الوحيد الذي نوصل من خلاله كفنانين رسائلنا إلى المجتمع فنحن بحاجة بشكل أو بآخر لأكبر قدر من الحرية في هذا المنبر لنوصل رسائلنا بالطريقة المناسبة, لذلك معيار الجرأة تحدده المعالجة التي يُقدم عبرها العمل الفني وهو الذي يحكم هذه الطريقة في التعاطي مع الموضوع الذي يتم تناوله, فإن كانت هناك معالجة جيدة ابتداءً بالنص وانتهاءً بآخر تفصيل في العمل فلا أعتقد أنه ينبغي أن يكون هناك سقف للجرأة المُقدمة لأننا نقدم فناً عبر التلفزيون رسالته التنبيه وتوعية المجتمع للمشكلات التي تحدث فيه. والجرأة ليست موضة وإنما حاجة فهناك أمور بقي المجتمع سنوات ساكتاً عنها وليس من طريقة لمعالجتها إلا أن يراها الناس وبرأيي أن المجتمعات لا تتطور إلا عندما تبدأ بمواجهة سلبياتها بقوة وتقف أمام المرآة دون أي أقنعة لترى على أي أرض تقف وتحاول تجنب هذه الأخطاء فالمجتمعات الغربية لم تتطور إلا عندما بدأت تواجه نفسها بكل صراحة.
هل ظهرت المسلسلات الأكثر جرأة كنوع جديد على الساحة بعد موضات درامية عديدة سادت الشاشة لفترة من الزمن (كوميديا, فانتازيا, تاريخي..)؟ وهل يقف وراء ظهورها رؤيا إبداعية جديدة أم هدف تجاري للتسويق؟..
المخرجة رشا شربتجي تقول: الموضوع مركب فهو يرتبط بالفن والتجارة والصناعة ورغبات المشاهد ورغبات المحطات لأنها كمخرجة إن لم تحقق ربحاً للمنتج فلن يعمل مرة أخرى, ولكنها بالوقت ذاته تبحث عن الجديد الذي لم يتطرق إليه أحد خاصة أن الدراما السورية استهلكت مجموعة من الموضوعات خلال الخمس عشرة سنة الماضية بشكل كبير ولذلك لا بد من البحث عن الجديد. أما مفهوم أن التلفزيون جهاز أسريّ فهو كلام (موضة قديمة).. تقول: إنها موضات قديمة فلدى القول أن التلفزيون أسريّ أقول أن السينما هي الأخرى أصبحت أسريّة, ولكن مسألة أن التلفزيون يدخل كل بيت فهناك محطات تعرض كل شيء في المنزل. وأرى أن التلفزيون في الدراما الواقعية اليومية هو لقطة من الشارع, فعندما نأخذ لقطة حقيقية وواقعية لماذا تخجلون منها ونحن نراها في الشارع؟ هل ما نراه في الشارع نرفض رؤيته في التلفزيون؟.. ونحن نتحدث بجرأة لشد الناس إلى موضوع جديد يهمهم وليس لخدش حيائهم لأننا مجتمعات شرقية, إننا لا نفبرك الموضوع فهو موجود في المجتمع لكننا نتوغل في الواقع. وهنا ينبغي التنبيه إلى أعمال استغلت هذا الأمر بشكل غير صحيح فظهر فيها مافيات وقتال شوارع وسباق سيارات وهذا غير موجود عندنا, هناك أفلام أمريكية تقدم هذا الأمر ولكن نتقبلها ضمن مجتمعها وليس ضمن مجتمعنا ومثل هذه الأعمال هي ما أسميه الجانب التجاري من الجرأة أي أن تستغل الجرأة لصالح التجارة.
ولكن كيف تمت مراقبة المسلسلات الدرامية في التلفزيون السوري؟ وهل للرقابة معايير دقيقة أم أنها عبارة عن مزاج عام يعبّر عنه الرقيب من خلال الحذف والشطب والمنع؟.. وهل هناك معايير وحدود للجرأة؟ ما سبب رفض عرض عدد من الأعمال؟ ألأنها مست محظورات رقابية أم ترى الجرأة لديها انقلبت إلى فجاجة؟..
يؤكد مدير رقابة البرامج في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الأستاذ غسان شهاب عبر لقاء سابق له مع (الثورة): ليس هناك من وثيقة أو نصوص مكتوبة أو أوامر إدارية لما هو مسموح أو ممنوع في عمل الرقابة, ولكن تتم رقابة أي عمل فني انطلاقاً من معايير وطنية تتمثل في احترام الوحدة الوطنية, أمن الوطن, القيم الاجتماعية والروحية للبلد.. وحول الحذوفات التي طالت عدداً من الأعمال الدرامية التي عرضت في شهر رمضان الماضي أشار إلى أن ما تم حذفه هو ما يثير حفيظة الناس ومشاعرهم وعواطفهم بشكل سلبي, فقد طالت الحذوفات استخدام بعض العبارات النابية على الشاشة أو مشاهد تخدش الحياء العام, أو تناول تصرفات فردية بشكل تبدو وكأنها ظاهرة تثير قلق المجتمع ومؤسساته التربوية والاجتماعية والثقافية.
الأستاذ سهيل صالح (عضو لجان رقابة مدير الرقابة السابق في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون) يرى أن كل من الجانب الإبداعي والتجاري يلعبان دوراً في تناول هذه الأعمال, يقول: أميل للجانب الإبداعي بنسبة 80% فينبغي ألا نسيء الظن في المؤلف أو المخرج أو المنتج, وأرى أن التوجه لهذه الموضوعات مرده هامش الحرية الذي شعروا به, ومن المؤكد أن هدف هذه الأعمال الغوص إلى الحقيقة لإظهار التاريخ كما كان وليجدوا مكامن الخطأ والصواب ولكن المشكلة ليست في هذه الأعمال وإنما فينا نحن كمتلقين, فهل نتقبل الحقيقة وبالتالي نتقبل التاريخ كما هو؟.
ولكن هناك أعمال معاصرة أيضاً..؟
هذا صحيح, فعلى سبيل المثال (أحقاد خفية) لم يكن فيه أي مشكلة وكان يمكن أن تُحل المسألة بحذف مشهدين أو ثلاثة فقط, ولكن هذه السنة هناك عملين لم يتم عرضهما وأرى أنهما ممتازان وهما (ممرات ضيقة, الحصرم الشامي) وفي العام الماضي الجميع يعرف المشكلة التي حدثت من أجل (غزلان في غابة الذئاب), أما (بقعة ضوء) فلو لم يكن القائمون عليه أحسوا أن هناك هامشاً من الحرية يمكن أن يطرحوا من خلاله ما أرادوا لما أنجزوه, علماً أن بقعة ضوء لم يُمنع منه أي فقرة باستثناء مرة واحدة..
لماذا هناك أعمال لم تُعرض طالما أنها تغوص للواقع الحقيقي؟
إنها قرارات المسؤولين عن الرقابة والتلفزيون, وهم من يستطيعون القول لماذا لم تُعرض.
لكنهم منعوها بناءً على تقارير لجنة الرقابة التي أنت أحد أفرادها؟
هذا يعتمد على لجنة الرقابة فهناك خمس لجان وكل منها له وجهة نظر, ودائماً الرقيب يقول المنع أفضل من السماح لأن المنع لا يسبب له وجع رأس فليس هناك نظم رقابية, وبرأي أنه ينبغي على سبيل المثال أن يكون هناك توجيه من الإدارة أو الوزارة بأن نسمح بكل شيء عدا ما يتعرض للدين ولسياسة الدولة.
ضمن مفهوم أن التلفزيون للعائلة.. ألم تصل الجرأة إلى مكامن قاسية ينبغي ألا يطلع عليها؟
على تلفزيوننا أن يكون تلفزيون الأسرة فيتابعه رب الأسرة مع زوجته وأبنائه وبناته دون أن يخشى من ظهور أي مشهد أو كلمة.. ولكن في النهاية سيخرج ابني للشارع وسيرى ويعرف ما يريد من خلال (الكافي نيت) وغيرها كما أن المسلسلات الأجنبية تقدم الكثير من الأمور فما الفارق إن رأى المشهد في مسلسل سوري أو أجنبي؟.. أرى أننا كجمهور مازلنا غير مستعدين لتقبل الواقع إن كان مراً إلى حد ما أو إن لم يكن على مزاجنا.
برأيك هل سيتبلور مستقبل الأعمال (الأكثر جرأة) في فترة قريبة؟
أرى أن هذه الأعمال أو غيرها ستُعرض إن لم يكن هذه السنة ففي السنة القادمة.
حتى عندما سُمح بعرض (غزلان في غابة الذئاب) رغم كم الحذوفات التي طالته أثار الجدل في الشارع السوري؟
صحيح.. فقد عُرض على قناة أخرى كاملاً.. إنني لست مع عدم عرض هذه الأعمال وأرى أنه من الممكن التقديم لها بشكل مناسب قبل عرضها كأن تُقام ندوة قبل العرض.
هل تتفق مع من يطالب بالإشارة إلى أن المسلسل مخصص لمن هم فوق الاثني عشر عاماً أو فوق الستة عشر عاماًَ؟..
إنها فكرة جدية وينبغي أن تحدث, فإنني أشعر بالحزن لعدم عرض (ممرات ضيقة والحصرم الشامي) لأنهما عملان جميلان ويناقشان مشكلات هامة, ينبغي أن نعترف بالواقع ونقدمه على الشاشة.
وفي النهاية توجهنا للسيدة ديانا جبور مديرة التلفزيون السوري التي تحدثت عن الضوابط التي من خلالها تُعرض الأعمال على الشاشة السورية, قالت: ضوابط الشاشة موجودة وقائمة, وبالنسبة لي كإدارة تلفزيون العمل الذي يناقض توجه الشاشة أعتذر عن عرضه, ولكن في الوقت ذاته لا أستطيع القول للمبدع (اصنع عملك على مقاس ضوابطي) فهو لديه ضمير وحسه الوطني عالٍ, كما أنه يعمل ضمن منظومة إنتاج تجارية يهمها الربح وبالتالي التسويق فعندما يُرفض عمله سيتأذى ويؤذي, وهنا أفترض عناصر حسن النية كلها عند صناع العمل, ولكن قد ينجزون عملاً لا يتناسب وتوجهات هذه الشاشة فأرفض عرضه كما يحدث في دول العالم كلها, فيمكن للشاشة أن تقبل أو ترفض عرض العمل, والرهان على وطنية المبدع وضميره (أي) على وعيه لرسالته الاجتماعية والأخلاقية والفنية والرهان أيضاً على مشروعه فهو يعي أن الاستمرارية هي مشروعه الأساسي, وكلها عناصر تقول أنه لا يجوز أن نصادر أو نستبق العملية الإبداعية في الرقابة.
الاختراق في الجرأة هل هو الغوص إلى عمق الواقع ومحاولة نبش المكامن المخبأة فيه حقاً أم أن الأمر يتعلق بقضية تسويقية ليس إلا؟
ينبغي التمييز بين الجرأة والابتذال, فالجرأة تعني الإشارة إلى مكمن الخلل أما البذاءة فالمبالغة في التوصيف العضوي للخلل, وعندما أقول الإشارة إلى مكمن الخلل بمعنى أن الفن هو لغة التلميح وليس التصريح لأن أي فن حقيقي يعتمد على شراكة إبداعية مع المتلقي الذي يُكمل الفراغات التي تركها النص, هذا جانب أما الجانب الآخر فيتعلق بالإتقان والإخلاص والموهبة.. فكلها عناصر تحدد ماهية العمل أكان جريئاً أم بذيئاً..
فعلى سبيل المثال هناك أعمال أُنجِزت فترة الاتحاد السوفيتي ولكن رغم رفع الرقابة بعد انهياره لم تُقدم أعمال بجرأتها وإنما أنُجِزت أعمال بذيئة وانفض الجمهور عنها, لأنه عندما تكون بذيئاً فإنك تخون النوع الذي تنجزه وبالتالي ينفض عنك الجمهور لأنك لن تكون أكثر من صرعة أو موضة أو فقاعة يكفي أن تُسلط عليه الضوء وتنفخ عليها حتى تفشل, ودائماً في حركة الفن والإبداع هناك خط أساسي وهناك الكثير من العربشات والطفيليات على هذا الخط الأساسي وهذا من صلب الحراك الفني الثقافي.
هناك أعمال رفض التلفزيون السوري عرضها.. فهل تندرج ضمن إطار الابتذال؟
لا.. وإنما تندرج ضمن إطار ما تحدثنا حوله أي توجهات الشاشة.
ما هي هذه التوجهات؟
على سبيل المثال هناك توجه حول شريحة الجمهور المستهدفة ومطابقة الصورة مع الواقع وأنا هنا لا أقول أن الأعمال التي رُفِضت تزور الواقع وإنما هذه الصورة هل تُمثل 20% منه أم 80%؟.. وهل تستدعي هذه النسبة تلك المُكاشفة الموجعة؟.. إنها اعتبارات مثلها مثل أي اعتبارات تضعها المحطات في العالم, فعندما تعرض فيلماً سينمائياً لا تضعه على شاشة التلفزيون لأن جمهوره غير جمهورك, فالجمهور الذي قصده فعل ذلك بإرادته وبالتالي لا يمكنني أن أفرض ما يُنتج في المُطلق.
فؤاد مسعد
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد