الحكومة المغربية في "مأزق" بعد انسحاب "الأصالة والمعاصرة"
فجّر حزب "الأصالة والمعاصرة" أزمة حكومية في المغرب، بإعلانه سحب مساندته للأغلبية الحكومية الحالية، والانضمام إلى قوى المعارضة البرلمانية، في وقت تستعد فيه البلاد لإجراء الانتخابات البلدية المقررة في 12 يونيو/ حزيران المقبل.
يأتي قرار الحزب، الذي "يؤكد أنه يسعى لمواكبة المشاريع الإصلاحية" للعاهل المغربي، الملك محمد السادس، رداً على قانون الأحزاب الجديد، الذي رأى أنه "يستهدفه"، الأمر الذي دفع خبراء إلى القول إن البلاد قد تكون عند عتبة تعديل وزاري، أو سقوط الحكومة الحالية على أبعد تقدير.
ونفّذ الحزب، الذي يمتلك أكبر كتلة برلمانية في مجلس النواب، بالاشتراك مع حزب التجمع الوطني للأحرار (80 عضواً من أصل 325 عضواً) تهديداً كان قد تردد في الآونة الأخيرة على لسان عدد من قيادييه، رداً على ما اعتبره "حملة" من جانب الحكومة وعدد من الأحزاب، لكبح قوته السياسية المتصاعدة بشكل مثير.
وكان الحزب الجديد على الساحة السياسية، والذي استقطب جل أعضائه وبرلمانييه من الأحزاب الأخرى، قد اعتبر نفسه المستهدف بقرار لوزارة الداخلية، باركته مختلف القوى السياسية الأخرى، يقضي بمنع ترشح البرلمانيين الذين غيروا انتماءاتهم السياسية باسم الحزب الذي التحقوا بصفوفه.
واعتبرت الحكومة أن قرارها يأتي تطبيقاً لقانون الأحزاب الجديد، الذي تهدف بعض بنوده إلى محاربة ظاهرة "الترحال السياسي" بين الأحزاب.
واعتبر الأمين العام للحزب، محمد الشيخ بيد الله، في مؤتمر صحفي عقده بالرباط، أن قرار سحب تأييد الحكومة صدر بعدما تبين أن "المستهدف الوحيد من قبل المكونات الحزبية للحكومة، هو بالضبط الأصالة والمعاصرة"، على حد تعبيره.
واتهم بيد الله عدداً من مكونات الحكومة باستهداف برلمانيي الحزب، وتسخير العمل الحكومي لخدمة مصالح حزبية معينة، وتهميش دور حزبه ومنتخبيه، مذكراً بأنه راسل الوزير الأول (رئيس الحكومة عباس الفاسي)، ووزيري العدل والداخلية، محذراً مما "قد يترتب عن التمادي في استهداف الحزب من نتائج سلبية على تماسك الأغلبية الحكومية."
ويفتح قرار حزب الأصالة والمعاصرة الباب أمام سيناريوهات مختلفة، من بينها إقدام العاهل المغربي على تعديل حكومي يراعي تغير الخريطة السياسية داخل البرلمان.
ويقول الدكتور منار السليمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن متابعة تصريحات قادة الحزب المذكور في الفترة الأخيرة، تكشف انزعاجه من غياب الانسجام الحكومي، وشعورهم بأن الحزب يقدم للحكومة خدمات تفوق ما يستفيد منها.
وأوضح أيضاً، أن حزب "الأصالة والمعاصرة" يحتاج إلى خلق "حدث" له وزن في الساحة السياسية، من أجل تعزيز موقعه في الانتخابات المرتقبة والدخول في الحملة الانتخابية متحرراً من وزر الدفاع عن أداء الحكومة.
وحول سيناريوهات الأزمة الحالية، تحدث الباحث عن سيناريوهين، أولهما التفاوض مع الحكومة، التي يشارك فيها الحزب بحقيبة وحيدة، من أجل العودة بحقائب وزارية أكبر، وبالتالي دفع حزبي "الاتحاد الإشتراكي" و"التقدم والاشتراكية" (حزبان يساريان) إلى الانسحاب.
أما الخيار الثاني فيبرز في حال فشل المفاوضات، عبر الدفع باتجاه إسقاط الحكومة، وإن ظل هذا السيناريو مستبعداً، وفق تقديراته.
الجدير بالذكر أن حزب الأصالة والمعاصرة تأسس قبل أشهر قليلة فقط، غير أنه استطاع التحول إلى قوة سياسية وبرلمانية رئيسة، من خلال استقطاب مجموعة من الأحزاب الصغيرة التي اندمجت في الحزب الجديد، ومعها عدد من الفعاليات المدنية والكوادر العليا، مما خلق ارتباكاً وتخوفاً في صفوف الأحزاب التقليدية.
ويعد فؤاد عالي الهمة، الوزير المنتدب السابق في وزارة الداخلية، الرجل القوي للحزب، وكان يعتبر، من هذا الموقع، الرجل الثاني في البلاد، بالنظر إلى إمساكه بمداخل الأجهزة الأمنية.
وبالنظر إلى تنامي القوة الاستقطابية للحزب، يتوقع كثير من المراقبين أن يكون عالي الهمة، "صديق الملك"، الوزير الأول المقبل للحكومة المغربية، فيما تعتبر القوى المناوئة أن ممارسات الحزب الجديد تنذر بالتأسيس لحالة جديدة من "الحزب الوحيد."
المصدر: CNN
إضافة تعليق جديد