التحالف بين يهود أميركا والحزب الديموقراطي يوشك على الانهيار بعد 20 معركة انتخابية

13-10-2010

التحالف بين يهود أميركا والحزب الديموقراطي يوشك على الانهيار بعد 20 معركة انتخابية

للمرة الأولى، على الأقل في المعارك الانتخابية العشرين الأخيرة، يبدو التحالف بين اليهود والحزب الديموقراطي في الولايات المتحدة على وشك الانهيار. وتشير وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أزمة لم يسبق لها مثيل بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والجالية اليهودية هناك، حيث تتراجع بشدة نسب التأييد التي يحظى بها أوباما في أوساط اليهود، في الوقت الذي شرع فيه عدد من قادة منظماتهم بالخروج علناً ضده.
وأشارت صحيفة «معاريف» إلى أنه بعد عام ونصف العام فقط من دخوله البيت الأبيض، وقبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات النصفية، تصل الأزمة بين أوباما والجالية اليهودية إلى ذروتها. فالاقتصاد الأميركي يراوح مكانه، ومحاولة التضييق على المؤسسات المالية في «وول ستريت» مستمرة، وفي الأساس التوتر العلني مع إسرائيل يتواصل، وكل ذلك قد يجبي ثمناً ليس من أوباما فحسب، بل أيضاً من عدد غير قليل من المرشحين الديموقراطيين للانتخابات المقبلة. وقد اعترف محرر «نيو ريببلك» اليهودي مارتين بيرتس بـ«أنني أعرف الكثير من اليهود ممن يشعرون بالندم لانتخابهم أوباما».
ويعتبر توجّه الكثير من اليهود الأميركيين نحو اليمين ميلا غير طبيعي. فطوال المعارك الانتخابية العشرين الأخيرة، صوت حوالى ثلاثة أرباع اليهود للمرشح الديموقراطي للرئاسة، فيما نجح أوباما، الذي كانت له علاقات إشكالية مع العديد من المتطرفين اليساريين، في أن ينال ما لا يقل عن 78 في المئة من أصوات اليهود. ولكنه حاليا يقف مع حزبه الديموقراطي، وفي الأساس بسبب سياسته، أمام خطر حقيقي بتدمير ما كان يوصف بالتحالف التاريخي مع الجالية اليهودية.
ولكن هذا الانهيار لا يفاجئ أوباما. ففي استطلاع أجراه معهد «مكالفلين» قبل حوالى ستة أشهر، قال 42 في المئة فقط من اليهود إنهم سيصوتون لأوباما في المرة المقبلة. ولكن، وللمرة الأولى منذ دخوله البيت الأبيض، يخرج عدد من زعماء اليهود الأميركيين علناً ضد الرئيس الأميركي.
ويوضح مارتين بيرتس أن «الرئيس فقد تأييدي قبل عشرة أشهر. وأنا أعرف أن لدى الكثير من اليهود في الساحل الغربي مشاعر ندم لانتخابهم أوباما بسبب ما يجري الآن مع إسرائيل». وقد أطلق رئيس بلدية نيويورك السابق اليهودي أد كوتش، الذي خرج مؤخراً وبشكل علني ضد سياسة أوباما، تصريحات قال فيها: «كنت أود أن أثق به. لقد أجبرت نفسي على الوثوق به، لكنه حطم الثقة. وفي اللحظة التي تتحطم فيها الثقة، لا يسعك أن تستعيدها ثانية». وكان كوتش يقصد بذلك علاقة أوباما بالواعظ جيرميا رايت الذي اتهم بمعاداة السامية.
ويشعر أوباما بأزمة الثقة بينه وبين اليهود. وقد حاول مرة تلو مرة أن يهدئ مخاوف أعضاء الكونغرس اليهود، وأجرى محادثات مع زعماء المنظمات اليهودية، وكرر مواقفه حول التزامه غير المتردد بأمن إسرائيل. غير أن أفعاله أوحت خلاف ذلك. وليس فقط في الأزمة الأخيرة تجاه تجميد البناء الاستيطاني واستئناف محادثات السلام، وإنما أيضاً في ما يعتبره البعض محاولة دؤوبة لتقزيم مكانة إسرائيل كحليف مفضل لدى الولايات المتحدة.
ويأخذ اليهود على أوباما أنه عندما قرر زيارة الشرق الأوسط اختار كمحطات له كلا من تركيا والسعودية ومصر. وقد قفز عن إسرائيل بشكل تظاهري. وفي خطابه التاريخي في جامعة القاهرة قال إن حق اليهود في العيش في فلسطين ينبع من معاناتهم الكبيرة في المحرقة النازية، وهو قول أغضب الكثير من اليهود، الذين اعتبروا ذلك تبنياً للرواية العربية ومحاولة للتنكر للحق التاريخي لليهود في فلسطين. ثم جاءت الإهانة العلنية لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أثناء زيارة الأخير لواشنطن حيث رفض أوباما، وخلافاً للبروتوكول، عقد مؤتمر صحافي مشترك أو السماح بالتقاط صورة. والقائمة تطول.
ويحتج رئيس الرابطة ضد التشهير إيف فوكسمان على ان «كل مستشاري الرئيس في شؤون الشرق الأوسط يؤمنون بأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني هو مصدر كل المشاكل في الشرق الأوسط. وهم يقولون له: عليك أن تثبت للعالم الإسلامي أنك تختلف عن الرؤساء السابقين وأنك خلافا لهم يمكنك أن تفصل نفسك عن إسرائيل والمستوطنات».
غير أن من يعبر أكثر من غيره عن مزاج اليهود الأميركيين هو الحائز على جائزة نوبل، الروائي إيلي فيزل، الذي نشر في نيسان الماضي إعلانا كبيرا في الصحف الأميركية احتج فيه على محاولة الإدارة الأميركية الاعتراض على «حق» إسرائيل في القدس. وقال فيزل إن «معظم المشاكل بين الولايات المتحدة وإسرائيل بقيت على حالها ولكن تبادل الاتهامات هو الذي اختفى».
وهناك أكثر من عامين قبل أن تحين الانتخابات الرئاسية، ولكن فاتورة الحساب مع أوباما يدفعها الحزب الديموقراطي منذ الآن. وبحسب المراقبين فإن الكثير من اليهود قرروا عدم التبرع لمرشحي الحزب في انتخابات الكونغرس التي ستجري في تشرين الثاني المقبل. وقد نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تقريراً أشارت فيه إلى تراجع التبرعات لمرشحي الحزب الديموقراطي من المؤسسات المالية بحوالى 65 في المئة.
ويشرح أحد أكبر المتبرعين اليهود للحزب الديموقراطي حاييم صبان الوضع فيقول إن «الفرضية بين رجال أوباما هي أن اليهود ليبراليون، ولذلك لن يصوتوا للجمهوريين. وبوسع أوباما استدعاء عشرة من مجندي التبرعات الأفضل بين اليهود إلى البيت الأبيض للتباحث، لإلقاء خطاب رائع، وأن يعتقد بعد ذلك أنه حل كل مشاكله مع يهود الولايات المتحدة. ولكن قد يكون هذا صحيحاً أو غير صحيح».

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...