استفتاء الدستورالسوري في 26 شباط تليه حكومة مؤقتة وانتخابات في أيار
أعلن الرئيس بشار الأسد، أمس، عن موعد الاستفتاء الدستوري في 26 شباط الحالي، في خطوة تهدف إلى تسريع خطوات «المشروع الإصلاحي» الذي يشكل التغيير الدستوري عموده الفقري، حيث تدور حوله بقية القضايا، وبينها الانتخابات النيابية المرتقبة في أيار المقبل، وإعادة تموضع حزب البعث العربي الاشتراكي، بعد قيامه هو الآخر بتعديلات دستورية على منهاجه الفكري، تلغي علاقة الارتباط القائمة بينه وبين الحكم، حيث من المتوقع أن يحدد الحزب موعد مؤتمره بعد الاستفتاء الدستوري.
ويواجه الإعلان عن موعد الاستفتاء تحديات أبرزها الأمني، حيث تبدو هذه الفكرة مستحيلة التنفيذ في مناطق كحمص وإدلب حاليا، وغير قابلة للتنفيذ الكلي في مناطق كريف حماه وريف درعا وبعض من ريف حلب ودمشق، الأمر الذي يوحي بأن الحكومة السورية وضعت نصب عينيها إحكام السيطرة على هذه المناطق قبل موعد الاستفتاء المقرر. كما أن الموعد يأتي بعد يومين على اجتماع تونس لمجموعة «أصدقاء سوريا» والذي يعتبره الكثيرون مفصليا في ضوء تعاطي جزء من المجموعة الدولية والعربية مع الشأن السوري باعتباره أزمة إنسانية أكثر منها سياسية.
وسارع البيت الأبيض إلى إعلان رفضه لقرار الأسد، معتبرا أن الاستفتاء الدستوري في سوريا «مثير للسخرية»، فيما رحبت موسكو به معتبرة انه «خطوة إلى الأمام»، مشددة على أن محاولة بعض الدول عزل الأسد تعتبر «خطأ». وحذرت القاهرة من «العواقب الوخيمة لانفجار» الوضع في سوريا، مطالبة بتطبيق خطة العمل العربية في سبيل احتواء ذلك.
ووفقا لمصادر فإن الاستفتاء سيجري أيا كانت الظروف، مشيرة إلى أن الانتخابات البلدية (نهاية العام الماضي) جرت في أجواء مشابهة. وقالت إن من يرغب بالموافقة على الدستور عليه أن يتوجه الى أقرب مركز استفتاء ليعلن موقفه، أما من سيقاطع فهذا يعود له، وسيستمر الاستفتاء يوما واحدا فقط، ويجيب فيه المواطن السوري على سؤال بنعم أو لا حول النص الدستوري المعلن.
وقد أعلنت مصادر رسمية أن الانتخابات النيابية ستجري بعد الاستفتاء في مدة أقصاها 90 يوما، إلا أن معلومات تشير إلى أنها من الممكن أن تحصل قبل انتهاء هذه المدة بشكل ملحوظ. ويفترض وفقا لهذه الآلية أن يشهد شهر آذار تشكيل حكومة جديدة، تشرف على الانتخابات النيابية المقبلة، على أن تستقيل بعدها، ليتم تشكيل حكومة وفق نتائج الانتخابات.
وأتت هذه الأخبار متزامنة مع إعلان لجنة الأحزاب السورية منحها الترخيص لحزب جديد هو «حزب التنمية الوطني» ما يرفع عدد الأحزاب المرخصة إلى ستة، يفترض أن تتنافس مع ثمانية أحزاب أخرى موجودة أساسا، وبينها حزب البعث في الانتخابات المقبلة، وذلك في ظل توقعات أولية أن يحافظ حزب البعث العربي الاشتراكي على تفوقه، في حال قامت المعارضة غير المنظمة مجددا بمقاطعة الانتخابات.
وكان الأسد تسلم، الأحد الماضي، نسخة من مشروع دستور للجمهورية العربية السورية، وذلك خلال لقائه أعضاء اللجنة الوطنية المكلفة إعداد المشروع للاطلاع عليه، وتحويله إلى مجلس الشعب قبل طرحه للاستفتاء العام.
ويتضمن الدستور الجديد 157 مادة موزعة على 6 أبواب، وهي المبادئ الأساسية، الحقوق والحريات وسيادة القانون، سلطات الدولة وتنقسم إلى 3 فصول هي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية السلطة القضائية، المحكمة الدستورية العليا، تعديل الدستور، أحكام عامة وانتقالية، بالإضافة إلى مقدمة.
وتنص المادة الأولى من الدستور الجديد أن الجمهورية العربية السورية دولة ديموقراطية ذات سيادة تامة، غير قابلة للتجزئة، ولا يجوز التنازل عن أي جزء من أراضيها، وهي جزء من الوطن العربي، وأن الشعب في سوريا جزء من الأمة العربية.
وجاء في المادة الثانية من الدستور الجديد أن نظام الحكم في الدولة نظام جمهوري، وأن السيادة للشعب، لا يجوز لفرد أو جماعة ادعاؤها، وتقوم على مبدأ حكم الشعب بالشعب وللشعب، وأن يمارس الشعب السيادة ضمن الأشكال والحدود المقررة في الدستور.
وحددت المادة الثالثة دين رئيس الجمهورية الإسلام، والفقه الإسلامي مصدرا رئيسيا للتشريع، لافتة إلى أن الدولة تحترم جميع الأديان، وتكفل حرية القيام بجميع شعائرها على أن لا يخل ذلك بالنظام العام، وأن الأحوال الشخصية للطوائف الدينية مصونة ومرعية.
وجاء في المادة الثامنة من الدستور، التي كانت تنص على ان حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع، «أن النظام السياسي للدولة يقوم على مبدأ التعددية السياسية، وتتم ممارسة السلطة ديموقراطياً عبر الاقتراع، وأن الأحزاب السياسية المرخصة والتجمعات الانتخابية تسهم في الحياة السياسية الوطنية، وعليها احترام مبادئ السيادة الوطنية والديموقراطية، وينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين الأحزاب السياسية».
كما تضمنت المادة الثامنة أنه لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب أو تجمعات سياسية على أساس ديني أو طائفي أو قبلي أو مناطقي أو فئوي أو مهني، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون، ولا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة سياسية أو حزبية أو انتخابية.
ونصت المادة 11 من الدستور الجديد على أن الجيش والقوات المسلحة مؤسسة وطنية مسؤولة عن الدفاع عن سلامة أرض الوطن وسيادته الإقليمية، وهي في خدمة مصالح الشعب وحماية أهدافه وأمنه الوطني.
وأوضحت المادة 15 من الدستور أن الملكية الخاصة من جماعية وفردية، مصانة وفق الأسس الآتية: المصادرة العامة في الأموال ممنوعة، لا تنزع الملكية الخاصة إلا للمنفعة العامة بمرسوم ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون، لا تفرض المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي مبرم، تجوز المصادرة الخاصة لضرورات الحرب والكوارث العامة بقانون لقاء تعويض عادل، ويجب أن يكون التعويض معادلاً للقيمة الحقيقية للملكية.
وتتضمن مسودة الدستور مواد تشير إلى أن «الدولة تكفل حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام واستقلاليتها وفقاً للقانون»، و«للمواطنين حق الاجتماع والتظاهر سلمياً والإضراب عن العمل في إطار مبادئ الدستور، وينظم القانون ممارسة هذه الحقوق»، و«حرية تكوين الجمعيات والنقابات، على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية، مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون».
وينص الدستور الجديد على أن «يتم انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة». وتقول المادة الثامنة والثمانين من المشروع «ينتخب رئيس الجمهورية لمدة سبعة أعوام ميلادية تبدأ من تاريخ انتهاء ولاية الرئيس القائم ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لولاية واحدة تالية».
إلا أن المادة الـ87 أشارت إلى انه «إذا انتهت ولاية رئيس الجمهورية ولم يتم انتخاب رئيس جديد يستمر رئيس الجمهورية القائم بممارسة مهامه حتى انتخاب الرئيس الجديد».
واشترط في المرشح إلى منصب رئيس الجمهورية أن «يكون متما الأربعين عاما من عمره، وأن يكون متمتعا بالجنسية العربية السورية بالولادة، من أبوين متمتعين بالجنسية العربية السورية بالولادة، وأن يكون مقيماً في الجمهورية العربية السورية لمدة لا تقل عن 10 سنوات إقامة دائمة متصلة عند تقديم طلب الترشيح، ولا يقبل طلب الترشيح إلا إذا كان طالب الترشيح حاصلا على تأييد خطي لترشيحه من 35 عضوا على الأقل من أعضاء مجلس الشعب، وإذا لم تتوافر الشروط المطلوبة للترشيح سوى بمرشح واحد خلال المهلة المحددة، يتوجب على رئيس مجلس الشعب الدعوة إلى فتح باب الترشيح مجدداً وفق الشروط ذاتها».
وتقول المادة 103 «يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ ويلغيها بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء المنعقد برئاسته وبأكثرية ثلثي أعضائه، على أن يعرض على مجلس الشعب في أول اجتماع له، ويبين القانون الأحكام الخاصة بذلك».
وبعد الإعلان بقليل عن موعد الاستفتاء الدستوري أصدر وزير الداخلية محمد الشعار قرارا بتشكيل اللجان المركزية لدوائر الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في مراكز المحافظات تتولى المهام المنوطة بها بموجب قانون الاستفتاء وتعليماته التنفيذية. كما أصدر قرارا بتشكيل لجنة الإشراف المركزية على عمليات الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد برئاسة وزير الداخلية وعضوية معاوني الوزير، بحيث تتولى اللجنة الإشراف العام على سير عمليات الاستفتاء وما يتصل بها من إجراءات في سائر أنحاء سوريا، واتخاذ ما يلزم لضمان ممارسة المواطنين حقهم في الاستفتاء في جو من الحرية والأمن والنظام، وتنفيذ المهام المنوطة بالوزارة بشأن الاستفتاء مع دراسة وإقرار مشاريع القرارات والأوامر والتعليمات التي تصدرها الوزارة بشأن الاستفتاء إضافة إلى اعتماد النتائج النهائية للاستفتاء على مستوى سوريا.
ورفض (أ ف ب، أ ب، رويترز) ملحم الدروبي، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين السورية وعضو «المجلس الوطني السوري»، الدستور الجديد واعتبر انه «جاء متأخرا على الأقل 11 شهرا».
روسيا
وقال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، في ختام لقاء في فاسينار شمال لاهاي مع نظيره الهولندي اوري روزنتال، ان استبعاد سوريا من أية محادثات تهدف الى انهاء اعمال العنف في سوريا «خطأ». وأوضح «للأسف بعض شركائنا استبعدوا الحكومة السورية منذ زمن. وبدلا من الحوار هناك محاولة لعزل الحكومة السورية».
وأضاف «نعتقد بالتأكيد ان دستورا جديدا يضع حدا لهيمنة حزب سياسي واحد في سوريا خطوة الى الامام، ونأمل في ان يتم تبني الدستور». وأعرب عن الامل بأن «تجري في سوريا نهاية ايار انتخابات على اساس الدستور الجديد». وأوضح ان «هذه الخطوة جاءت متأخرة، ولكن من الأفضل ان تكون متأخرة من ألا تكون».
وأعلن لافروف انه سيلتقي في فيينا اليوم نظيره الفرنسي ألان جوبيه للبحث في الرغبة الفرنسية في إقامة ممرات انسانية في سوريا. وقال إنه مستعد للاستماع إلى ما سيطرحه جوبيه، لكنه أضاف «إذا كانت الخطة هي استخدام مجلس الأمن والأمم المتحدة للتوصل إلى صياغة للمساعدة في إضفاء شرعية على تغيير النظام فإن القانون الدولي لا يسمح بذلك ولا يمكن أن ندعم مثل هذا التوجه».
وكان جوبيه قال، لإذاعة «فرانس إنفو»، «يجب حماية المدنيين والبعد الانساني مهم للغاية». وأضاف ان فكرة «اقامة ممرات انسانية تسمح للمنظمات غير الحكومية بالوصول الى المناطق التي تتعرض لمجازر وحشية يجب ان تطرح في مجلس الامن الدولي».
وحثت تركيا الامم المتحدة على التحدث مع النظام السوري كي يوافق على ارسال مساعدات انسانية لاغاثة المدنيين. وشدد وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، في انقرة، على ضرورة تدخل الامم المتحدة لا على الصعيد السياسي فحسب «بل ايضا على الصعيد الانساني» في سوريا. وأضاف ان تركيا ستصر على بقاء الملف السوري «على جدول اعمال الامم المتحدة».
ووصف البيت الأبيض إعلان النظام السوري عن استفتاء حول مشروع الدستور الجديد بأنه «مثير للسخرية». وقال المتحدث باسمه جاي كارني «الامر فعلا مثير للسخرية»، مضيفا «انه يسخر من الثورة السورية».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد