إيران تنتخب برلمانها التاسع اليوم: صوت الداخل في وجه الخارج
تنتخب ايران اليوم مجلسها التشريعي التاسع في أجواء من القلق الشعبي ازاء ضربة أميركية او اسرائيلية عسكرية على منشآت البلاد النووية، ما يجعل من المشاركة الشعبية في عملية التصويت عنصرا حاسما بالنسبة لمؤسسة الحكم، في سياق تحصين البلاد والتأكيد على الشرعية الجماهيرية للنظام في مواجهة الاتهامات الغربية المتواصلة للأخير بانعدام الديموقراطية.
بموازاة ذلك، يقترب موعد اللقاء بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الاميركي باراك اوباما في واشنطن الاثنين المقبل، والذي من المتوقع أن يحسم تباين وجهات النظر بين الطرفين حول «التوقيت الأنسب» لمواجهة محتملة مع ايران. ففي حين يركز الخطاب السياسي الأميركي الرسمي على تشديد العقوبات الاقتصادية على طهران، تحاول الدولة العبرية وضع واشنطن أمام الخيار التالي: إما تقديم ضمانات بتوجيه ضربة أميركية لايران «قبل فوات الاوان»، وإما القبول بتفرّد اسرائيل في اتخاذ قرار «الحسم العسكري».
وانتهت في الساعة الثامنة من صباح أمس الفترة المحددة للحملة الانتخابية لانتخابات مجلس الشورى الاسلامي التي استمرت ثمانية ايام لانتخاب اعضاء المجلس في دورته التاسعة. وتتوقف الحملة الانتخابية وفقا لقانون الانتخابات 24 ساعة قبل بدء التصويت الذي ينطلق اليوم عند الساعة الثامنة صباحا. ويبلغ عدد الناخبين في هذه الدورة من الانتخابات حوالى 48 مليونا و290 الف شخص، وقد تم تأكيد أهلية 3 آلاف و444 مرشحا لخوض هذه الانتخابات، أي حوالى 70 في المئة من مجمل المرشحين. وستجري بالتزامن مع الانتخابات التشريعية، الانتخابات التكميلية لانتخاب نائبين في مجلس خبراء القيادة في دورته الرابعة في محافظتي خراسان وكردستان.
وأعلن المتحدث باسم الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست ان «البعض يسعى الى القول بانعدام الديموقراطية في ايران لكنهم سوف يشعرون بالخجل مما يشهدونه يوم الجمعة (اليوم) عندما يرون الشعب الايراني شامخا مرفوع الرأس». ونقل مراسل وكالة «فارس» الايرانية للانباء ان مهمانبرست قال للقناة الثانية الايرانية «ان جميع المؤامرات سوف يتم احباطها ما دام المواطنون ثابتين على مواقفهم في ساحة المنازلة» . واعتبر مهمانبرست ان «الاعداء يعيشون اوهام خلو صناديق الاقتراع من الناخبين لكن التقاطر المليوني على تلك الصناديق يشكل عبئا عليهم وهو ما يزرع القلق في نفوسهم».
واعتبر رئيس السلطة القضائية آية الله صادق آملي لاريجاني أن «المشاركة الملحمية للشعب في الانتخابات البرلمانية تمنح الاستمرارية لحركة الدولة صوب التقدم والشموخ وتؤكد شعبية الثورة كما انها تعد عنصرا مهما في احباط مخططات الاعداء».
وذكر موقع «خودنويس» الايراني أن السلطات بعثت برسائل نصية قصيرة للمواطنين قالت فيها إن «الولايات المتحدة لا يمكن أن تفكر بمهاجمة ايران إلا إذا كانت نسبة المشاركة في الانتخابات تقل عن 50 في المئة»، وأرفق الموقع الخبر بصور لهواتف خلوية ظهرت عليها هذه الرسائل.
وفي سياق تصاعد الحديث عن ضربة عسكرية لايران، كتب الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الاسرائيلية عاموس يادلين افتتاحية في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قال فيها إن «المطلوب هو ضمانة أميركية صلبة بأنه إذا امتنعت اسرائيل عن العمل ضمن نافذة الفرصة المتاحة لها (لضرب ايران)، وفشلت كل الخيارات الاخرى لايقاف البحث النووي الايران، فستعمل واشنطن على الحؤول دون ايران نووية ما دامت تستطيع القيام بذلك».
وبدأ يادلين مقاله بالتذكير بأنه كان من بين الطيارين الاسرائيليين الثمانية الذين شنوا ضربة على مفاعل تموز العراقي النووي في العام 1981، وبأنه بعد اتمام العملية العسكرية، «استدعى البنتاغون الملحق العسكري الاسرائيلي في واشنطن. كان يتوقع توبيخا. لكن، بدلا من التوبيخ، واجهه سؤال واحد: كيف تمكنتم من تحقيق ذلك؟». وأكد يادلين «اليوم تنظر اسرائيل إلى إمكانية ايران نووية تدعو إلى تدميرنا كتهديد وجودي. أي ضربة اسرائيلية ضد ايران ستكون ملاذا أخيرا، إذا فشلت كل السبل الأخرى في اقناع ايران بالتخلي عن برنامجها للاسلحة النووية. لحظة القرار هذه ستأتي عندما تكون ايران على وشك تحصين منشآتها النووية من هجمة ناجحة، أو ما يسميه قادة اسرائيل مرحلة الحصانة».
أما في خصوص سيناريوهات ما بعد الهجوم فيقول يادلين إنه «بعد تدمير مفاعل تموز وتدمير المفاعل السوري في العام 2007، لم تتم أبدا استدامة البرنامجين النوويين العراقي والسوري. وقد تكون هذه النتيجة في ايران أيضا، إذا ألحقت العملية العسكرية بعقوبات قاسية، وعمليات تفتيش دولية أكثر صرامة، وحظر على مبيع المكونات النووية لطهران. ايران مثل العراق وسوريا، ستضطر إلى الإقرار بأن سابقة العملية العسكرية قد سجلت ويمكن تكرارها».
ويرفض يادلين القول ان «الهجوم على برنامج ايران النووي قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. لكن ايران نووية قد تؤدي إلى أسوأ من ذلك بكثير: سباق تسلح نووي إقليمي من دون خط هاتف احمر للحؤول دون تصاعد الازمة، واعتداءات ايرانية في الخليج، وازدياد ثقة أتباع ايران مثل «حزب الله» بأنفسهم، وتهديد انتقال مواد نووية إلى منظمات إرهابية».
وبالانتقال إلى الموقف الأميركي الذي يشكل محور مقال يادلين قبل أيام قليلة من لقاء نتنياهو اوباما «الذي قد يكون أكثر اللقاءات حساسية بين الطرفين»، يقول يادلين إن «اوباما قال إن اميركا ستستخدم كل عناصر قوتها للحؤول دون تطوير ايران سلاحا نوويا. اسرائيل تتوقع تنفيذ ذلك الوعد حرفيا»، ويضيف «لكن المشكلة الفعلية هي قضية التوقيت. فإسرائيل لا تملك أمن المسافة، كما أننا لا نملك أسطول السلاح الجوي الأميركي من القاذفات والمقاتلات. يمكن لأميركا أن تشن حملة جوية شاملة باستخدام تكنولوجيا التسلل وكميات كبيرة من الذخيرة من شأنها أن تدمر الاهداف في العمق، إلى مدى أبعد كثيرا مما يستطيع الأسطول الاسرائيلي تحقيقه».
ويتابع يادلين قائلا «يعطي هذا أميركا وقتا أكثر من اسرائيل لتحديد لحظة القرار النهائي. ومع اقتراب هذه اللحظة، يتحول اختلاف الاجندات إلى مصدر للتوتر». ويوضح «أن تطلب (أميركا) من قادة اسرائيل الامتثال للأجندة الاميركية، وبالتالي السماح بإغلاق نافذة الفرصة الاسرائيلية، يعني تحويل واشنطن واقعيا إلى وكيل الامن الاسرائيلي. ولا يساعد على ذلك، أن يحذر الاميركيون اسرائيل من شن ضربة على ايران بدون توضيح ما تنوي أميركا فعله عندما يتم تجاوز خطوطها الحمراء». ويختم يادلين بالقول إنه إذا لم يوضح اوباما الضمانات الأميركية لاسرائيل بالتحرك في الوقت المناسب «فسيكون على قادة اسرائيل أن يختاروا التحرك ما داموا لا يزالون يستطيعون ذلك».
في المقابل، أظهر استطلاع للرأي ان غالبية واسعة النطاق من الإسرائيليين إما تعارض قيام اسرائيل بعمل عسكري ضد ايران وإما تفضل أن يتم هذا بموافقة الولايات المتحدة. ونشر الاستطلاع الذي أجرته جامعة ماريلاند بالاشتراك مع معهد داهاف الاسرائيلي قبل محادثات نتنياهو وأوباما بشأن برنامج ايران النووي. ووجد الاستطلاع أن 34 في المئة من 500 شخص استطلعت آراؤهم يعتقدون أن على اسرائيل ألا تشن هجوما على ايران فيما قال 42 في المئة إن عليها الا تهاجمها الا اذا أيدت الولايات المتحدة القرار. ولا يعتقد سوى 19 في المئة أن على اسرائيل أن تهاجم ايران بدون تأييد واشنطن التي قالت إنه لا يزال أمام سياسة الرئيس أوباما التي تقوم على استخدام الدبلوماسية وزيادة العقوبات لكبح البرنامج النووي الإيراني، وقت كي تنجح.
وصرح المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ان «اي عملية عسكرية في تلك المنطقة تهدد بمزيد من عدم الاستقرار». وقد تكررت التصريحات الاسرائيلية في الاسابيع الماضية بشأن امكان مهاجمة ايران حول برنامجها النووي المثير للجدل. وقال كارني خلال لقائه الصحافي اليومي ان ايران «لديها حدود مع افغانستان والعراق ولدينا طاقم مدني في العراق وجنود ومدنيون ايضا في افغانستان». وتابع قائلا ان الولايات المتحدة لا تملك حتى الآن ادلة قاطعة على ان ايران تطور سلاحا نوويا.
وقال كارني «نواصل زيادة الضغوط على طهران ومن المهم ان نلاحظ انه لو ان ايران لم ترق الى التزاماتها الدولية الا اننا قادرون على الاطلاع على برامجها». وأضاف كارني ان عدم وجود ادلة بان ايران تطور اسلحة نووية اعطى الولايات المتحدة «الوقت والمجال للاستمرار في السياسة التي طبقناها منذ تولي الرئيس مهامه».
من جهته، التقى وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك في واشنطن وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا وبحث معه خصوصا موضوع ايران، بحسب المتحدث باسم البنتاغون جورج ليتل.
وأعلن قائد سلاح الجو الاميركي الجنرال نورتون شوارتز ان الولايات المتحدة تمتلك قنابل قوية جاهزة للاستعمال في حال تقرر القيام بعمل عسكري ضد المنشآت النووي الايرانية. ورفض الجنرال شوارتز مع ذلك الافصاح عما اذا كانت الاسلحة الاميركية ومن بينها 30 الف قنبلة خارقة للتحصينات، قادرة على ضرب المواقع النووية الايرانية تحت الارض. وقال ردا على سؤال حول هذه القنابل «نملك قدرات عملانية ومن الافضل الا تتواجدوا حيث يمكن استعمالها». وأضاف «هذا الامر لا يعني اننا لن نواصل اجراء تحسينات وهذا ما نقوم به». وأوضح ان «المهم هو اننا نملك قدرات وأننا لن نكتفي بما لدينا، وسنواصل تحسينها».
إلى ذلك، قالت الحكومة الأميركية إن إيران أبرمت صفقة شراء نادرة لقمح من الولايات المتحدة وهي تحاول بناء مخزوناتها الغذائية وسط عقوبات مشددة مفروضة عليها من اميركا وأوروبا بسبب برنامجها النووي.
وقالت وزارة الزراعة الأميركية إن إيران اشترت 120 ألف طن من القمح الأميركي وهي كمية تكفي حمولة سفينتين كبيرتين للبضائع. وقالت المتحدثة باسم وزارة الزراعة الأميركية سالي كلاوساريتز إن أي مبيعات من الحبوب لإيران تتطلب موافقة وزارة الخزانة.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد