إسرائيل تنقل تهويلها من السويداء إلى «حضر»: لن نستقبل لاجئين دروزاً
لم تعلن اسرائيل بعد فشل خططها وتهويلها تجاه البلدات الدرزية في منطقة السويداء، التي ثبّتت بالدم موقفها المؤيد للجيش السوري عبر خوضها المعارك الاخيرة الى جانبه في مطار الثعلة وانتصارهما فيه، الا ان تل ابيب نقلت امس تهويلها شرقاً، باتجاه بلدة حضر القريبة من الحدود في الجولان، واستغلت الاشتباكات التي دارت امس بين الجيش السوري واهالي البلدة في مواجهة المسلحين، لتكرر حديثها عن المجازر المقبلة، ودراسة سبل توفير الحماية للبلدة.
ونشطت اسرائيل امس في اتجاهين اثنين استغلالاً للاشتباكات القريبة من حضر: تهويل مشابه لتهويل السويداء بالمجازر، في مقابل الحديث عن الحماية والمساعدة الاسرائيليتين. لكن هذه المرة، لم تحصر تل ابيب نقل موقفها ومقاربتها عبر اعلامها فقط، بل تدخل الجيش الاسرائيلي ورئيس اركانه لنقل الموقف، الذي شدّد على دراسة كل الخيارات من اجل «منع المذبحة بحق اللاجئين»، المتوقع وصولهم الى الحدود من حضر.أعلنت إسرائيل أنها أرسلت رسالة الى «النصرة» عبر «الحر»
وأمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، اشار رئيس اركان الجيش الاسرائيلي، غادي ايزنكوت، الى ان الحرب الداخلية في سوريا والواقع الحالي في الجولان، يؤثر على اسرائيل وهو مقلق جداً. واضاف ان «هناك احتمال أن نضطر إلى مواجهة قضية لاجئين من داخل سوريا سيتوافدون الى الحدود الاسرائيلية، لكننا في كل الاحوال سنعمل على منع وقوع مذبحة بحق الدروز، وسنقدم المساعدة الطبية اللازمة للجرحى، ومن سيأتي الينا لن نقفل الباب في وجهه».
وتوقف عدد من المحللين امام كلام ايزنكوت، الصادر عن رأس الهرم في المؤسسة العسكرية والمعبر عن موقفها الرسمي، مدرجين اياه في خانة التهويل على سكان حضر، بعد اشارته الى احتمال سقوطها بأيدي المسلحين، وأن يسبب سقوطها حركة لجوء درزية كبيرة الى الحدود.
ونقلت الاذاعة العبرية عن قائد المنطقة الشمالية في الجيش الاسرائيلي، افيف كوخافي، ان الجيش يتابع باستمرار الاوضاع في البلدات الدرزية الواقعة في الطرف الآخر من الحدود في الجولان، وبحسب الاذاعة، فان ايزنكوت اوعز الى قيادة المنطقة الشمالية بالاستمرار في متابعة الموضوع، واشار (ايزنكوت) الى «حلف الدم» الذي يربط اسرائيل بالطائفة الدرزية.
وأضافت الاذاعة في تقريرها ان ضابطي احتياط في الجيش الإسرائيلي، هما امير طريف ويائير فينك، طلبا من وزير الأمن موشيه يعلون، أن لا يهمل الدروز خلال الحرب الدائرة في سوريا، وان يقوم بما تقتضيه الضرورة لمنع المذابح بحقهم. واشار الضابطان الى ان الدروز يقفون الى جانب اسرائيل منذ فترة ما قبل اقامة الدولة، وعلى اسرائيل ان تمدّ يد العون لهم، بسبب الاوضاع الخطيرة التي يعيشونها.
وأمس ضخّمت اسرائيل الاشتباكات في محيط حضر الى حد كادت ان تعلن عن حالة طوارئ عسكرية في منطقة الجولان، فيما تكفل الناطق باسم الجيش الإسرائيلي بإصدار بيانات على مدار الساعة وعبر المراسلين العسكريين، حول مجريات المعركة في حضر، وكأن سقوطها مسألة ساعات، فيما كانت الغلبة العسكرية واضحة للجيش السوري ولسكان البلدة.
وأكثر من ذلك، حرصت تل ابيب واعلامها على الإعلان ان رئيس الاركان ايزنكوت، عقد جلسة تقدير وضع خاصة حول الدروز في سوريا وحول التهديدات الماثلة امامهم، الا ان بياناً صدر عن الناطق باسم الجيش في اعقاب هذه الجلسة، اشار الى ان «الوضع تحت السيطرة ونتابع الأمور عن قرب».
ولاحقاً صدر عن الجيش بيان آخر اعلن فيه منطقة شمال شرق الجولان منطقة عسكرية مغلقة، يمنع فيها حركة الأشخاص من غير سكان المنطقة، وبحسب مراسل صحيفة معاريف فإن «الجيش الإسرائيلي يتابع احداث الحرب في سوريا وفي الجولان، ويعمل على المحافظة على امن المنطقة، اما لجهة اقفالها فيندرج ضمن هدف منع تجمعات قرب السياج الحدودي، تعيق نشاطات الجيش العسكرية».
الا ان موقع «واللا» العبري ردّ قرار الجيش الاسرائيلي بإغلاق المنطقة ربطاً بخشية المؤسسة الأمنية من ان ينفذ «دروز إسرائيل» تهديداتهم، ويحاولوا تجاوز الحدود والشريط الشائك الى الجانب السوري من الجولان، لتقديم يد العون والمساعدة لأبناء عائلاتهم في قرية حضر.
وفيما كانت حضر تعلن صدها للمسلحين في محيط البلدة، اعلنت اسرائيل عبر وسائل اعلامها انها ارسلت رسالة الى «جبهة النصرة» عبر فصائل «الجيش الحر»، تحذر فيه من إقدام الجبهة على ضرب الدروز في حضر، مشيرة الى انها لن تسمح بمجازر، وستقدم الحماية اللازمة لدروز البلدة. والرسالة ومضمونها والجهة الناقلة تحمل اكثر من علامة استفهام.
ولتوضيح كلام ايزنكوت بأن «من سيأتي الينا لن نقفل الباب في وجهه»، اشارت القناة الثانية العبرية في نشرتها المركزية امس، الى ان اسرائيل تخشى من موجات لاجئين من قرية حضر، الأمر الذي يدفع تل ابيب الى بذل جهد خاص مع «جبهة النصرة» لوقف الهجوم على القرية، وبحسب القناة فإن اسرائيل لن تسمح لنفسها بفتح حدودها في الجولان امام سيل اللاجئين الدروز، سواء من حضر او من جبل الدروز.
وكانت وسائل الاعلام العبرية قد تناقلت امس توجهاً لدى الجيش الاسرائيلي لإقامة مستشفى ميداني بالقرب من الحدود لمعالجة الجرحى من بلدة حضر، وبحسب موقع صحيفة «معاريف»، فإن اقفال الطرق المؤدية الى الحدود جاء تسهيلاً للبدء بتشييد المستشفى، لكن بحسب الموقع نفسه فإن اسرائيل قررت تجميد التوجه بعد ان تراجعت حدة الاشتباكات وعاد الوضع الامني الى حالته الطبيعية.
وسجل امس نشاط مكثف للمتناغمين من التوجهات الاسرائيلية تجاه البلدات البلدات الدرزية في سوريا، وتحديداً نائب وزير التعاون الاقليمي، ايوب قرا (الليكود)، الذي أعلن جمع تبرعات في القرى والبلدات الدرزية في اسرائيل (10 ملايين شيكل = 2.7 مليون دولار) سيعمل على ارسالها الى منطقة السويداء عبر الاردن، بهدف شراء اسلحة لأغراض الأمن الذاتي الدرزي، وبحسب قرا، فإن هذا المبلغ ليس كبيراً وليس كافياً لتشكيل جيش، لكنه فقط بداية.
واشار ايوب قرا، الى انه توجه الى رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، طالباً منه تجميد العمل بالقانون الإسرائيلي في ما يتعلق بالبلدات الدرزية السورية، ونزع توصيفها كأرض تابعة لدولة عدوة، الأمر الذي يسهل حركة الشبان الدروز الذين يريدون تقديم المساعدة لإخوانهم في سوريا، وكذلك نقل الاموال والمساعدات اليهم، من دون ان يخشوا الملاحقة القانونية اللاحقة.
يحيى دبوق
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد