ضد المتدينين المتدعوشين
المتدينون لا يصنعون ثورات وإنما يصنعون حرباً طائفية ودولاً داعشية .. المشرفون على حظيرة الدين لا يسمحون بأي حرية للرعية خارج أسلاك الدين القدسية.. إذاً هل هم دعاة ثورات لأجل المستقبل أم ردة نحو الماضي السلفي.. هل يوجد بين جماعات الثورة في سورية من يتخذ اسماً أو لقبا غير ديني ويهتدي بأفكار تحررية لا توافق رأي شيخه.. هل يوجد تنسيقية أو جريدة الكترونية معارضة تتكلم باسمهم ولا تنضح بلغة الكراهية الدينية والشتائم الطائفية .. إنها ثورة نكوص عن نظام الجمهورية وحقوق المواطنة لصالح الشريعة والخلافة ودعوشة الناس داخل حظيرة الدين حيث القدسية للأسوار وليست للكائنات التي ترعى بداخلها وتُؤخذ إلى المسلخ ساعة يشاء شيخ الحضيرة ومولاه المحتجب خلف القناع ..
ملايين السوريين هم مسلمون ومسيحيون بالولادة فقط؛ مواطنون صالحون مؤمنون بالله دون اهتمام بممارسة طقوس المسرح الديني التي يتعالى علينا بها عنصريو الأديان ومافيات الطوائف التي ما فتئت تحفر أنفاقاً لبعضها وتُفخخها منذ بداية نشوئها: سلفيون محاربون لأجل الكراهية والغنائم والسبايا وليس من أجل الله والوطن.. كل ثورات العالم الجديد بدأت بالتمرد على قيود السياج والحظيرة والراعي وكلاب الحراسة لتغدو ثورة حرية بينما يحصل العكس في بلادنا العربية، إذ كل ثوراتها قامت من أجل استبدال الفساد السياسي بالعبودية الدينية !؟
لقد حاربنا إسرائيل كدولة دينية قرناً من الزمان من أجل ماذا؟ هل من أجل إنشاء دولة عنصرية دينية مماثلة في البنية مختلفة في التسمية: إذ لا حدود لإسرائيل كما لا حدود لدولة الخلافة ! كل من يناهض دولة إسرائيل اليهودية معادٍ للسامية وكذلك دولة الخلافة الإسلامية ترى في كل من يناهضها مشركاً يجب قتله! كراهية الدين الآخر هي الدليل على قوة تدينك وولائك لدولتك الدينية وليس محبة الآخر التي قد تشكل اتهاماً ضدك بكونك عميلاً خارج دائرة الدين الحنيف، حيث تتشابك العقيدة الدينية الإسلامية ـ اليهودية مع بعضها بدءاً بالختان مروراً بالنقاب وانتهاءً بسفك دم الأضحية التي لأبينا إبراهيم الخليل المسلم ـ اليهودي قُدّس سره.. إذاً هل فهمتم سبب التعاون بين عصابات الثورة السورية والدولة اليهودية ؟
وإذا عدنا إلى التاريخ الحديث بالمعاينة والمقارنة نلاحظ أن الاستعمار الفرنسي الغاشم الذي احتل بلادنا كان أقل سوءاً من الثورة التي طلع علينا بها اليوم جمهور القاعدة وعموم الجهاديين المسلمين، ذلك أن الإستعمار جاءنا بمفهوم الجمهورية والمساواة والمواطنة التي أطلقتها الثورة الفرنسية، بينما عموم إخوتنا الشرعيين جاؤونا بالذبح والجزية والسبي والخطف والتنكيل والتقطيع والتعزيز، وهاذا ماحصل سابقا في الجمهوريات الإسلامية بعد انفصالها عن الإتحاد السوفياتي وسقوطها في هوة الماضي المنسي بعدما كانت جزءاً من ثاني أقوى دولة في العالم..
كل متدينٍ بداخله خلايا داعشية نائمة وشدة الكراهية تحرضها على الاستيقاظ، ولا يعني هاذا أن ندمر الجسد لكي نتخلص من سرطانه وإنما ترشيده صحياً ونفسياً لزيادة مناعته والابتعاد عن تحريضه بحيث نقتصر على البعد الاجتماعي والأخلاقي في الدين مع وضع قوانين مانعة رادعة لأي نوع من العنصرية الدينية بين الطوائف والأديان، كما في بلدان الغرب التي تفوقت علينا بلجم وحوشها المقدسة منذ زمن طويل راكمت فيه خبراتها العقلية والفنية والثقافية لتصنع دولاً قوية يحلم حتى كارهوها الإسلاميون بالعيش فيها!؟
فياإخوتي المتشددين وأخواتي المتشددات: لقد بح صوتنا ومللنا تحجركم ومزاودتكم على الله ومنافسته في إدارة عباده حتى غدوتم تفترسون بعضكم كما لو أنكم ضباعاً خارجة من صفحات التلمود مع كل هاذا الجوع التاريخي للحم الإنسان.. ترى هل يُشفى سرطانكم بغير الكيماوي؟
أخيراً أقول: الموت هو أنبل وأصدق ما يحصل للكائنات الحية.. تخيلوا لو أن أبي الدرداء وأبي قتادة والقعقاع وهند وأبي سفيان والحجاج مازالوا أحياء بيننا.. لو أن الديناصورات الزاحفة والطائرة والمماليك والعثمانيين يعيشون بيننا.. إن ما تفعله (الكتائب الثورية) إن هو سوى إعادة إحياء ديناصورات الماضي الفتاكة لتدمير ما أنجزته الحضارة، كما في أفلام (الزومبي) حيث الأموات يفترسون الأحياء ويحولون المدن المسالمة إلى مسالخ كبيرة.. هل ترغبون الحياة في مقابر الأديان وعبادة موتاها؟ أنتم تفعلون ولا تدركون أنكم بتقمص الماضي تتحولون إلى أحياء ـ أموات تهيم أشباحكم داخل جدران المقبرة المقدسة.. اخرجوا من عصبياتكم وأديانكم السلفية وتوجهوا بالصلاة إلى إله المحبة والعقل بدلاً من عزازيل وعزرائيل؛ قال تعالى: «قد ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر» وقال صاحبنا الرجيم الملقب بأدونيس: «هذا الزحام لا أحد»...أنتم مجرد مقبرة طائفية ..
تذكير: لطالما فرقنا بين الإيمان والتدين وأن لا علاقة للنقد الديني بالإلحاد بعكس ما أوهمنا به (شيخ الملحدين) سابقا صادق جلال العظم قبل نصف قرن من الزمان، حيث ساهمت فجاجته الآيديولوجية في شحذ أنياب وشراسة الكائنات المتدينة ثم بات اليوم حليفا لها، وهذا يؤكد ما قلناه آنفاً من أن الإيمان أسمى وأرفع من التدين.. فالتدين منتج أرضي والإيمان فعل سماوي وما أبعد المسافة بينهما..
ملاحظة: قد يقول البعض بوجود متدينين صالحين.. والواقع أن طينته الجيدة وليس دينه هي مايصنع من الفرد مواطنا صالحا..
نبيل صالح
التعليقات
من ابلغ ما كتبت يا نبيل
نعم للعلمانية!
التعصب والإيمان
أستاذ نبيل جميلة العودة إلى
ادبيات الثوره السوريه وداعش
لا دين .. بل اقتصاد
العبادة - العلم
هناك صنف من المسلمين مستعد ان
الوحدة الوطنية
الكلمة ليس لها جدوى في هذا
رد سريع
نبيل صالح
To kangaroo
تكبيير
الطرف الآخر أي المعارصة
لا لتقديس النصوص والشخوص ولا طائف واحدة ناجية
لا أحد يحب سماع النقد حتى و
تناقض ام غباء
كان شعار عمر بن عبدالعزيز في
Bravo Alysse
كلام مكرر
إضافة تعليق جديد