هل ستطبع السعودية علاقاتها مع دمشق؟
في ظل مساعي التقارب العربي والخليجي مع الدولة السورية، سمحت المملكة العربية السعودية بعبور الشاحنات السورية عبر أراضيها، بعد منعها لسنوات طويلة.
وأعلنت مديرة اتحاد شركات شحن البضائع الدولي في سوريا، نجوى الشعار، أن السعودية سمحت بعبور الشاحنات السورية عبر أراضيها بعد منعها لسنوات.
وقال مراقبون إن هناك محاولات للتقارب بين دول الخليج عامة وسوريا، وذلك بعد أن افتتحت الإمارات سفارتها في دمشق، مؤكدين أن الأمر ممكن رغم الخلاف بينهما على بعض الملفات.
قرار سعودي
وأوضحت مديرة اتحاد شركات شحن البضائع الدولي في سوريا نجوى الشعار، في تصريح سابق لـ”سبوتنيك”، أن حركة عبور الشاحنات من دول الخليج إلى سوريا ثم إلى لبنان لم تتوقف خلال الفترة الماضية، حيث استمر مرور الشاحنات عبر الأراضي السورية، فيما توقف فقط خروج الشاحنات من الأراضي السورية بعد قرار السلطات الأردنية إغلاق معبر جابر.
وأشارت الشعار إلى أنه وبعد افتتاح المعبر، دخلت حوالي 200 شاحنة من الشاحنات التي كانت عالقة على الحدود إلى الأراضي الأردنية، مبينة أن غالبية هذه الشاحنات كانت لبنانية محملة ببضائع مختلفة، وشاحنات خليجية تحتوي على بضائع سورية، إضافة إلى الشاحنات السورية، حيث اتجهت إلى دول الخليج عبر الأردن.
وأكدت الشعار أن الحركة عادت طبيعية على معبر نصيب، حيث أصبح هناك عدد كبير من الشاحنات التي تدخل بشكل يومي إلى الأراضي الأردنية متجهة إلى الدول الخليجية، منوهة إلى وجود تسهيلات في الاجراءات على طرفي الحدود لعبور الشاحنات، مضيفة أن البضائع الأكثر التي تخرج من سوريا هي الخضار والفواكه، إضافة إلى أنواع أخرى من البضائع.
ولفتت مديرة اتحاد شركات شحن البضائع إلى أن سائقي الشاحنات السورية كانوا لا يعطون تأشيرة دخول “فيزا” إلى دول الجوار، لكن مؤخرا أصدرت المملكة العربية السعودية قرارا بمنح السائق السوري “فيزا” عند معبر الحديثة على الحدود السعودية الأردنية، الأمر الذي يخوله عبور الأراضي السعودية إلى دول الخليج، ما سهل على سائقي الشاحنات، حيث كان القرار بالنسبة لهم بمثابة الإنجاز.
وبيّنت الشعار أن هذا الإجراء إضافة إلى قرار فتح معبر جابر أمام الشاحنات السورية وغيرها، خفّف من الضغط على حركة التجارة ونقل البضائع في سوريا وساهم بتنشيطها، حيث يعتبر معبر نصيب أحد أهم المعابر لدخول وخروج البضائع من وإلى الأراضي السورية.
وأضافت، أن دمشق لم تغلق حدودها أمام الشاحنات القادمة من دول الخليج طيلة الأعوام السابقة، حيث كانت تدخل الشاحنات الخليجية إلى الأراضي السورية وتحمّل البضائع وتعود، بينما الشاحنات السورية كانت شبه متوقفة عن العمل لأنها كانت ممنوعة من الدخول إلى الأراضي الأردنية أو السعودية.
وتابعت:
كانت تتم عملية مناقلة بالمعبر وتفرغ بضائع الشاحنات السورية في المنطقة الحدوية الفاصلة، وتنقل إلى شاحنات أخرى ليصار إلى نقلها إلى داخل الأراضي الأردنية ومنها إلى دول الخليج العربي.
ونوّهت الشعار إلى أن السلطات الأردنية فرضت خلال الفترات السابقة قيودا على البضائع السورية، ومنعت دخول العديد منها إلى أراضيها، مثل زيت الزيتون السوري الذي منع دخوله إلى الأردن بقرار من وزير الزراعة الأردني تحت ذريعة عدم المضاربة على الزيت الأردني والفلسطيني.
وتابعت بالقول “إلا أننا نأمل بعد افتتاح المعبر أن يكون هناك تعاون أكبر من قبل الجانب الأردني لما فيه مصلحة الجانبين السوري والأردني”.
وختمت مديرة اتحاد شركات شحن البضائع بالإشارة إلى أن السلطات السورية قبل الحرب كانت تسمح للشاحنات العربية بالمرور فوق أراضيها دون دفع أي رسوم تذكر، وهو ما تغير بعد سنين الحرب وإعادة افتتاح معبر نصيب عام 2018.
وأوضحت أن دمشق فرضت رسم على الشاحنات التي تستخدم أراضيها للعبور، واستثنيت من الرسوم الشاحنات اللبنانية التي تنقل البضائع إلى داخل الأراضي السورية مقابل إعفاء الشاحنات السورية من الرسوم عند نقلها البضائع إلى الأراضي اللبنانية بموجب اتفاق بين الجانبين.
ملفات مشتركة
الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي العضو السابق في الوفد الحكومي السوري المفاوض في جنيف، قال إن “هناك مؤشرات عديدة على مثل هذا التوجه، ومن ذلك إعادة افتتاح السفارة الإماراتية في دمشق، وعدد من المبادرات الدبلوماسية ما بين مسؤولين سياسيين وأعضاء في السلك الدبلوماسي خليجيين وسوريين”.
وأضاف أن “هناك تحديات مشتركة تفرض على الجانبين التقارب في بعض الملفات، وبالمقابل توجد ملفات أخرى يبدو فيها الجانبان الخليجي والسوري على طرفي نقيض”.
وتابع: “الانتشار التركي، والإخواني تعاني منه اليوم سوريا وليبيا على قدم المساواة، كما يمثل في الوقت ذاته تهديدا للأمن الوطني لكل من مصر والسعودية والإمارات، وحتى لبنان مؤخرا، وهذا يضع الطرفين السوري والخليجي ضمن تحدٍ مشترك يتطلب الحد الأدنى من التنسيق، ومن جانب آخر تمثل العلاقة مع إيران، والتطبيع مع اسرائيل، ملفات خلافية لا يستهان بها بين الجانبين”.
وأكد أن “الكرة اليوم في الملعب الخليجي، فإذا تمكن هذا الطرف من فصل الملفات عن بعضها لكانت العودة إلى التواصل الدبلوماسي والسياسي بوتائر مثمرة أمر قابل للتحقيق، وربما سريعا أيضا”.
واستطرد:
على الطرف الخليجي، والسعودي- الإماراتي بالتحديد، أن يعرف أن سوريا ملتزمة بتحرير أرضها المحتلة ممثلة في الجولان العربي السوري المحتل، وملتزمة أيضا بإيجاد حل عادل وشامل ودائم للصراع العربي الإسرائيلي، وعلى الطرف الخليجي بالتالي أن لا يتوقع تغييراً سوريا في هذا الإطار.
ومضى قائلا: “فإذا لم يكن قادرا أو راغبا في التضامن مع الشعب والحكومة السورية في قضية استعادة الجولان، فعليه أن لا يتوقع من سوريا أن تتخلى عن حقوقها، أو أن تسير في مسار التطبيع مع إسرائيل، كذلك لا يمكن لهذا الطرف (الخليجي) أن يشترط على سوريا منظوره لمنظومة التحالفات الإقليمية والدولية لسوريا ما دامت الأخيرة لا تسعى للتدخل في علاقات الدول الخليجية إقليميا ودوليا”.
عودة تدريجية
من جانبه قال المحلل السياسي السعودي، الدكتور شاهر النهاري، إن “المملكة العربية السعودية تسعى إلى تقريب وجهات النظر بينها وبين الحكومة السورية، وكذلك بينها وبين مجلس جامعة الدول العربية”.
وأضاف أن “هذه التحركات ليست جديدة، فهناك قرار منذ أكثر من عام بشأن إعادة العلاقات مع الحكومة السورية، بشكل تدريجي”.
وتابع: “موضوع الجمارك جاء بعد إعلان السعودية تخفيف الإجراءات الاحترازية، وإعادة فتح جميع مخارج ومداخل المملكة، وما يطبق على باقي الدول العربية يطبق على سوريا، لكن بشكل الترانزيت فقط، وليس بالشكل المباشر”.
ومضى قائلا: “كلنا نتمنى أن تحل مشكلة سوريا، وتعود العلاقات بينها وبين الدول العربية، بعد التخلص من التدخلات الدولية والإقليمية، والسعودية تحاول أن تصلح الأمر، والسياسة لا تعرف موقفا دائما، وإنما يتغير بحسب مستجدات الأوضاع سواء في الداخل السعودي، أو على المستوى الدولي والإقليمي”.
واُفتتح معبر نصيب في تشرين الأول 2018، بعد ثلاث سنوات على إغلاقه نتيجة سيطرة المجموعات المسلحة على المنطقة الحدودية، حيث عادت الحركة التجارية وحركة المسافرين إلى المعبر وسط صغوطات غربية كبيرة على عمان لإغلاقه بهدف حصار سوريا.
سبوتنيك
إضافة تعليق جديد