من جديد ...الإرهاب يضرب فرنسا
الجمل ـ Oscar Grenfell ـ ترجمة: وصال صالح: وفقاً للتقارير الأولية، قُتل 84 شخصاً على الأقل ونحو 130 جريحاً بعدما اقتحمت شاحنة عمداً وبسرعة عالية الحشود المحتفلة بيوم الباستيل في مدينة نيس جنوب فرنسا في وقت متأخر من ليلة الخميس وما يزال عدد قتلى الهجوم المروع مرشح للارتفاع، مع وجود ضحايا من الأطفال.
الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي كان يُحيي مراسم الاحتفال في جنوب البلاد سافر على جناح السرعة إلى العاصمة باريس مترأساً خلية أزمة، في حين غمرت المياه شوارع نيس مع تواجد كثيف لرجال الشرطة المدججين بالسلاح، وسرعان ما أكد هولاند خلال مؤتمر صحفي في ساعة مبكرة من صباح يوم الجمعة "الطبيعة الإرهابية" للعمل الفظيع قائلاً بأن حكومته لن تنهي "حالة الطوارئ" في 26 تموزالتي كان قد أشار إليها في الكلمة التي كان قد ألقاها قبل ساعات من الهجوم، وبدلاً من ذلك ستمدد لثلاثة أشهر.
وفقاً لتقارير هيئة الإذاعة الفرنسية iTele فقد حددت الشرطة هوية سائق الشاحنة الذي كان معروفاً بالنسبة لهم ، وذكرت وسائل الإعلام المحلية مثل –نيس ماتان- أن الشاب في ال31 من العمر ويحمل جنسية مزدوجة فرنسية- تونسية، كريستيان إستروسي وهو رئيس المنطقة غرد بعد وقت قصير من وقوع الحادثة قائلاً بأن الشاحنة كان مليئة بالقنابل والمتفجرات وغيرها من الأسلحة، وحتى الآن لم تُعلن أي منظمة مسؤوليتها عن الهجوم، في حين قال شهود عيان بأنهم رأوا شاحنة بيضاء تقتحم بسرعة عالية الحشود التي تجمعت على شاطئ البحر في منتزه "آنكلايز" لمشاهدة الألعاب النارية بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني للبلاد في حوالي الساعة العاشرة والنصف مساء على شاطئ الريفيرا الفرنسي والذي يُعتبر مقصداّ للسياح وللفرنسيين في يوم عطلتهم بمناسبة العيد الوطني، ووفقاً لمعلومات قُدمت لوسائل الإعلام ، فإن الشاحنة انحرفت باتجاه الرصيف وبدت سريعة بينما هي تصدم المارة، وواصلت اندفاعها الجنوني لمسافة مئات الأمتار وقال أحد شهود العيان بأن الشاحنة "سحقت الجميع في طريقها" ووصف آخرون المشهد بالمأساوي مع الأشلاء المتناثرة على الطريق، وقال داميان آليماند وهو مراسل –نيس ماتان- الذي كان متواجداً أثناء وقوع الهجوم "الناس كانوا يجرون وسط حالة من الذعر، وكان هناك أناس مغطاة بالدماء، مايشي بأن هناك العديد من الجرحى" فيما نصحت السلطات المحلية الالتزام بمنازلهم، وأظهرت صوراً على مواقع التواصل الاجتماعي فندق نيغرسكو المجاور لمكان وقوع الحادثة وقد استخدم كمشفى مؤقت للجرحى، بينما نشرت عائلات وأقارب المفقودين صوراً على وسائل الإعلام الاجتماعية للتوصل عن أخبار تخص ذويهم.
تجدر الإشارة إلى وجود معلومات متضاربة في البداية، بخصوص المهاجمين داخل الشاحنة، وذكرت بعض التقارير بأن سائقا وحيدا خرج من الشاحنة وبدأ بإطلاق النار على الحشد، بينما أشار آخرون إلى اثنين من المهاجمين الذين أطلقوا حوالي 50 طلقة، وتمكن رجال الشرطة من رمي المهاجم بالرصاص وقتله.
إذا ما تأكدت دوافع الجناة فإن الحادث في نيس سيكون ثالث هجوم إرهابي يحصد أرواح عدد كبير من الضحايا خلال الأشهرال 18 الماضية، في الهجومين السابقين، كان الإرهابيون معروفين لأجهزة الاستخبارات الفرنسية، وهم جزءاً من الوسط الجهادي الأوسع وتربطهم علاقات حميمة بالجماعات الإسلامية التي تعمل كقوة رئيسية بالوكالة مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وتدعمه فرنسا لتغيير "النظام" في ليبيا وسورية، في 7 كانون الثاني من عام 2015 شن سعيد وشريف كواتشي هجوماً على مكاتب مجلة شارل إبدو الساخرة في أعقاب نشرها صوراً مسيئة للرسول، وأسفر الهجوم عن مقتل 11 وإصابة 11 آخرين بينما قتل أميدي كوليبالي في حادثة حصار الرهائن في سوبرماركت يهودي،يُشار إلى أن الأخوين كواتشي كانا تحت مراقبة الأجهزة الأمنية بين عامي 2010 و2015 بسبب علاقات مباشرة مع قادة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وتوقفت الاستخبارات الفرنسية عن مراقبتهما لأسباب غير مفهومة، قبل أشهر فقط من تنفيذهما للهجوم، وكُشف أيضاً أن كوليبالي حصل على أسلحة من كلود هيرمانت وهو مخبر شرطة تربطه علاقات بالجبهة الوطنية الفاشية المناهضة للمسلمين، في 13 تشرين الثاني عام 2015 قام إرهابيون تابعون للدولة الإسلامية بهجمات منسقة في أنحاء باريس وقتلوا 130 شخصاً ومثل الأخوين كواتشي كان المهاجمين معروفين جيداً للسلطات الفرنسية، صلاح عبد السلام، أحد الجناة الذي فر ووجد بعد أربعة أشهرمن ذلك وبعد رقابة مشددة في الطابق السفلي من منزل والديه في منطقة مولينبيك وهي ضاحية في بروكسل، هذا على الرغم من إلقاء القبض عليه من قبل السلطات التركية في كانون الثاني 2015 خلال محاولته دخول سورية، مع ذلك كان عبد السلام قادراً على التحرك بحرية في جميع أنحاء أوروبا، وفي آذار من هذا العام، نفذ مقاتلو الدولة الإسلامية هجوماً على مطار بروكسل وعيره من المواقع في المدينة، ما أسفر عن مقتل 31وإصابة 300، وزعمت السلطات البلجيكية وقتذاك بأنه لايوجد "نقاط متصلة" على الرغم من التقارير بأن أجهزة الاستخبارات تملك معلومات مفصلة عن المؤامرة، بما في ذلك موقعها وأهدافها.
لقد استغلت الشرطة والاستخبارات الفرنسية هذه الأعمال الإرهابية لتوسيع وتسويغ استخدامها للقوة المفرطة في أعقاب هجمات باريس، حيث فرضت حكومة هولاند حالة الطوارئ غير المسبوقة والتي تخول الشرطة بحظر المظاهرات واعتقال المشتبه بهم دون تهمة، وخلال الأشهر الأخيرة ندد ملايين العمال والطلاب الفرنسيين بقانون العمل الذي وافقت عليه حزب جكومة هولاند الاشتراكي، وشهدت البلاد موجة من الإضرابات شلت مناحي الحياة في فرنسا ضد قانون العمل المجحف الذي يسمح لأرباب العمل بزيادة ساعات العمل دون رفع الأجور.
ويأتي الهجوم الأخير وسط تصاعد حالة التوترات الاجتماعية وزيادة فرنسا لمشاركتها في العمليات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ما ادى إلى تحذيرات من قبل أجهزة الأمن من ردود أفعال إرهابية محتملة، وفي الأسبوع الماضي أدلى مايو باتريك كالفار وهو رئيس المديرية الفرنسية العامة للأمن الداخلي بسلسلة من التصريحات وتحدث عن احتمال قوع هجمات من قبل الدولة الإسلامية، بما في ذلك تفجير السيارات واستخدام العبوات الناسفة.
في خطاب يوم الباستيل في وقت سابق أمس أعلن هولاند أن فرنسا ستواصل عملياتها ضد الدولة الإسلامية وخاصة تلك التي تستهدف مدينة الموصل العراقية , قائلا "علينا أن نظهر حزماً كبيرا فيما يتعلق بالإجراءات التي نقوم بها في سورية والعراق , وكنت قد أعلنت بأننا سنواصل تعزيز الدعم الذي نقدمه للعراقيين من أجل استعادة السيطرة على مدينة الموصل" وقال أيضا بأن "بلاده لا تتدخل فعلياً على الأرض لكن سيكون هناك وجود لمستشارين عسكريين فرنسيين" .
مثل الولايات المتحدة دعمت الحكومة الفرنسية بنشاط الجماعات الإسلامية في محاولة منها لإسقاط الدولة السورية ومع ذلك , تنظر واشنطن إلى تقدم الدولة الإسلامية في العراق خلال العام 2014 كتهديد للحكومة العراقية المدعومة من الولايات المتحدة ولهيمنتها على مصادر النفط العراقي , وكانت الولايات المتحدة وحلفائها , بما في ذلك فرنسا شنت حرباً جوية على الدولة الإسلامية , مع الاستمرار في دعمها للقوى الإسلامية الأخرى داخل سورية .
عن :World Socialist Website
إضافة تعليق جديد