مقاربات الحدث السوري من منظور الخبير الأمريكي إليوت أبراهام
الجمل: أبدى اليهودي الأمريكي إيليوت أبراهام الخبير في شؤون الشرق الأوسط اهتماماً بالغاً منقطع النظير بتطورات الوقائع الجارية في الحدث السوري، وفي هذا الخصوص نشرت الوسائط الإعلامية الأمريكية والإسرائيلية العديد من تحليلات إيليوت أبراهام: فمن هو إيليوت أبراهام، وما هي أهميته وتأثيراته على توجهات السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية إزاء سوريا؟
* الحدث السوري: مداخلات إيليوت أبراهام
سعى الخبير اليهودي الأمريكي إيليوت أبراهام إلى متابعة كل التطورات الجارية الشرق أوسطية، وذلك من خلال سلسلة من التحليلات السياسية التي نشرها في كبريات الصحف الأمريكية: وول ستريت جورنال، الواشنطن بوست الأمريكية، ونيويورك تايمز، مجلة كومينتري، مجلة ناشونال ريفيو، مجلة فورين بوليسي، مجلة ويكلي ستاندارد. وما هو جدير بالملاحظة أن جميع تحليلات إيليوت أبراهام قد أعاد نشرها مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي النافذ التأثير على عملية صنع واتخاذ قرار السياسة الخارجية الأمريكية خلال فترة سيطرة الحزبب الديمقراطي على البيت الأبيض على أساس اعتبارات المحتوى والمضمون فقد ركزت مداخلات إيليوت أبراهام لجهة الآتي:
• التأكيد على صواب توجهات إدارة بوش الجمهورية السابقة المتعلقة بتفعيل ملف مشروع نشر الديموقراطية في الشرق الأوسط.
• التأكيد على عدم صواب توجهات إدارة أوباما الديموقراطية الحالية، المتعلقة بالتعامل المتردد إزاء تفعيل ملف مشروع نشر الديموقراطية في منطقة الشرق الأوسط.
هذا، ولجهة التعريف بالخبير إيليوت أبراهام، نقول بأنه كان من أبرز المتورطين في فضيحة إيران كونترا أيام الرئيس ريغان، وقد تبين لاحقاً أن إيليوت أبراهام كان المهندس الرئيسي لجهة إعداد الصفقة وتنفيذها، وذلك لأنه كان يقوم بدور صلة الوصل بين إسرائيل والأجهزة الأمريكية. وإضافة لذلك، يعتبر إيليوت أبراهام من كبار رموز جماعة المحافظين الجدد، باعتباره المؤسس لمذهبية الريغانية الجديدة كأساس للسياسة الخارجية الأمريكية، هذا، وقد سعت إدارة بوش إلى تسليم اليهودي الأمريكي منصب مساعد مستشار مجلس الأمن القومي الأمريكي، وتقول التسريبات بأن إيليوت أبراهام كان هو مستشار الأمن القومي الأمريكي الحقيقي، وذلك لأنه كان يمسك بكل شيء داخل مجلس الأمن القومي الأمريكي خلال فترة إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش. هذا وتقول التسريبات بأن إيليوت أبراهام المتميز بتوجهاته الدينية اليهودية الليكودية، يشكل مع دينيس روس الثنائي الذي يقوم بإدارة دولاب شبكات عناصر اللوبي الإسرائيلي في داخل أجهزة الإدارة الأمريكية والبيت الأبيض والكونغرس الأمريكي.
* مقاربة الحدث السوري، من منظور إيليوت أبراهام
أعد ونشر إيليوت أبراهام العديد من التحليلات السياسية التي سعت إلى مقاربة الحدث السوري، ويمكن الإشارة إلى ظهور أبرز هذه التحليلات على النحو الآتي:
• مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي بتاريخ 11 نيسان (أبريل) 2011 م.
• صحيفة واشنطن بوست الأمريكية بتاريخ 25 آذار (مارس) 2011 م.
• مجلة ناشونال ريفيو الأمريكية بتاريخ 29 آذار (مارس) 2011 م.
• مجلة فورين بوليسي الأمريكية بتاريخ 4 شباط (فبراير) 2011 م.
• صحيفة واشنطن بوست الأمريكية بتاريخ 29 كانون الثاني (يناير) 2011 م.
• صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بتاريخ 22 كانون الثاني (يناير) 2011 م.
هذا، وإضافة لذلك فقد سعى إيليوت أبراهام لتقديم إفاداته أمام أعضاء الكونغرس الأمريكي، وتحديداً في جلسة لجنة الشؤون الخارجية التي خصصت لمناقشة التطورات الشرق أوسطية الجارية في الساحة اللبنانية والمصرية ومدى تأثيرها على السياسة الخارجية الأمريكية وعلى حلفاء أمريكا في منطقة الشرق الأوسط الكبير.
سعى إيليوت أبراهام إلى الاختيار الانتقائي للوقائع التالية لجهة تحميل دمشق المسؤولية عن الآتي:
• اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، إضافة إلى سلسلة الاغتيالات التي أعقبت ذلك في لبنان.
• السعي لتجميع المسلحين الجهاديين الإسلاميين في سوريا، وتنظيم عمليات إدخالهم للأراضي العراقية من أجل القيام باستهداف وقتل الأمريكيين.
• السماح لقيادات المنظمات الإرهابية مثل حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي وغيرها بالبقاء والعمل في سوريا.
• توجد في سوريا أغلبية سنية، وبرغم ذلك فقد سعت دمشق إلى بناء الروابط مع حزب الله الشيعي وإيران الشيعية.
هذا، وعلى خلفية هذه التعليلات والذرائع التي تحمل طابع التبسيط ، فقد سعى "الخبير" إيليوت أبراهام لجهة تحديد مسؤولية الإدارة الأمريكية إزاء سوريا، عن طريق تحديد التوصيات الآتية:
• قيام كبار المسؤولين الأمريكيين بإطلاق المزيد من التصريحات التي تدين وتندد بدمشق.
• إلزام كبار المسؤولين الأمريكيين مثل السيناتور الديموقراطي جون كيري بضرورة الكف عن المطالبة بالتعامل مع دمشق إضافة إلى ضرورة المشاركة في التصريحات المنددة بدمشق.
• قيام واشنطن بإنفاذ مخطط لاستهداف دمشق عبر المؤسسات الدولية، وعلى وجه الخصوص مجلس الأمن الدولي، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
• العمل من أجل تحويل ملف دمشق إلى المحكمة الجنائية الدولية.
• مطالبة الحكومات الجديدة في مصر وتونس إضافة إلى حلفاء أمريكا في المنطقة لجهة عقد جلسة خاصة لجامعة الدول العربية، وإبطال عضوية سوريا في الجامعة على غرار ما حدث مع ليبيا.
• الضغوط على دول الاتحاد الأوروبي من أجل القيام بفرض العقوبات ضد سوريا.
• استدعاء السفير الأمريكي الموجود في سوريا.
هذا، واختتم اليهودي الأمريكي إيليوت أبراهام مقاربته للحدث السوري قائلاً، بأن التصريحات الفرنسية المعادية لدمشق يمكن أن تكون نقطة البداية لجهة قيام واشنطن بتحرك أوروبي ضد سوريا، وأضاف قائلاً بأن واشنطن قد ارتكبت خطأً فادحاً عندما قررت إرجاع السفير الأمريكي لدمشق خاصة أن إرجاع السفير الأمريكي لدمشق قد أدى إلى انطباع سائد مفاده أن واشنطن قد قررت تخفيف ضغوطها على دمشق.
تميزت مقاربة إيليوت أبراهام بالضعف الشديد في بناء الذرائع، وذلك لأن لاجديد في الذرائع التي استخدمها ضد دمشق، وهو يعيد استخدام نفس أسلوب وخطاب جماعة المحافظين الجدد، وهو توجيه الاتهامات ـ أي اتهامات ـ دون أي اهتمام بمدى مصداقيتها، ثم بعد ذلك الوصول إلى الغاية المطلوبة، وهي استهداف دمشق. هذا، وعلى ما يبدو فإن مذهبية الغاية تبرر الوسيلة تبدو واضحة كل الوضوح عند الربط بين تحليل إيليوت أبراهام الذي استهدف فيه سوريا (الواشنطن بوست بتاريخ 25 آذار (مارس) 2011 م)، ومقاله الذي طالب فيه إسرائيل باستغلال الفرصة (مجلة ويكلي ستاندارد بتاريخ 11 نيسان (أبريل) 2011 م) والذي سعى من خلاله إلى حث صديقه الزعيم الليكودي بنيامين نتانياهو لجهة القيام بالآتي:
• استغلال فرصة التوترات الجارية في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط لجهة قيام إسرائيل بتحقيق الآتي:
ـ الضغط على اللجنة الرباعية المعنية بعملية سلام الشرق الأوسط (أمريكا ـ الأمم المتحدة ـ الاتحاد الأوروبي ـ روسيا) وذلك بما يتيح جعلها تخفض سقف التزامها المتعلق بعملية سلام الشرق الأوسط، والقبول بتوسيع الاستيطان اليهودي كأمر واقع على غرار ما فعلت أمريكا.
ـ توسيع التحركات الإسرائيلية ـ الأمريكية بما يؤدي إلى إضعاف الموقف الفلسطيني داخل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي سوف ينعقد خلال شهر أيلول (سبتمبر) 2011 م القادم والمتوقع أن يتم فيه الاعتراف الأممي الكامل بالدولة الفلسطينية.
ـ العمل لجهة إنفاذ "انقلاب قصر" داخل السلطة الفلسطينية بحيث تعمل إسرائيل لجهة إسقاط محمود عباس وسلام فياض، والعمل لاستبدالهم بطاقم فلسطيني جديد بما يؤدي إلى إضعاف موقف حركة حماس في أوساط الرأي العام الفلسطيني والعربي.
ـ إعادة ترتيب التحالفات الإسرائيلية في المنطقة عن طريق استخدام محور واشنطن ـ عمان كقناة لبناء الروابط مع القاهرة وتونس.
هذا، وإضافة لذلك سعى إيليوت أبراهام لجهة التأكيد على أن نجاح العمليات السرية الإسرائيلية ـ الأمريكية لتأمين فعاليات استمرار الاضطرابات في سوريا بحيث تكون بلا نهاية سوف يفيد كثيراً لجهة إضعاف سوريا وإتاحة الفرصة لإسرائيل للقيام بابتزاز دمشق في أي مفاوضات سلام قادمة معها.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
مقاربة الحدث السوري، من منظور إيليوت أبراهام
إضافة تعليق جديد