مصر: إبن قيادي سلفي يقتل فتى ويشعل حي شبرا
مباراة كرة قدم في حي شبرا العتيق، راح ضحيتها ثلاثة قتلى وأكثر من 50 مصاباً، واحترقت على اثرها عشرات السيارات والمحال، كشفت من جديد عن الوجه الدموي لقيادات الإسلام السياسي من جهة، وعن استمرار غياب الدولة في مصر من جهة أخرى.
كعادة المراهقين في مصر، استأجر العشرات منهم ملعبا تابعا لإحدى المدارس في حي شبرا، ليلعبوا مباراة كرة قدم. وكما يحدث أحيانا، تعرض الفريقان اللذان يلعبان المباراة، إلى هجوم من قبل مجموعة أخرى من المراهقين، تستهدف إخراجهم من الملعب، ليقوموا هم باللعب.
الأمور تطورت إلى اشتباكات وعراك بين الفريقين، قبل أن يقوم واحد من المهاجمين، ويدعى أحمد (16 عاماً)، باستخدام سلاح أبيض «مطواة» يعتدي بها على الصبي سعد درة (16 عاماً)، ليسقط الأخير مضرجا بدمائه قتيلا، ولتشتعل المنطقة عراكا بين العائلتين والمؤيدين لكل عائلة في الحي الذي كان يعرف في الماضي بالتعايش السمح بين الأقباط والمسيحيين.
المفاجأة كانت في الاسم الثلاثي للمتهم بالقتل، أحمد جمال صابر، فهو ابن القيادي السلفي، ومؤسس حركة «لازم حازم» التي كانت أول من تبنت ترشيح السلفي المثير للجدل حازم أبو إسماعيل في الانتخابات الرئاسية قبل أن يتبين لاحقا أن الرجل غير مؤهل قانونا لخوض الانتخابات لأن والدته تحمل الجنسية الأميركية.
جمال صابر ـ يملك مصنعا للبلاط ويظهر مقدما للبرامج في فضائية «الحافظ» الإسلامية المتشددة ـ تنصل بالطبع من اتهام ابنه بالتورط في جريمة القتل، والأحداث الدامية التي لفت الحي الشعبي، بل وتعمد أن يضيف بعدا طائفيا على الواقعة بالرغم من أن الخلاف كان بين عائلتين من المسلمين، قائلا بأن هناك من يفتعل هذه الأزمة، ويزج باسمه فيها للإساءة إلى الإسلاميين من جهة، والتغطية على هدم مسجد في المنطقة.
الرواية الغرائبية لم تقنع النيابة التي باشرت التحقيقات في القضية، خاصة مع تأكيد والد المجني عليه وشهود عيان أن ابن القيادي السلفي هو الذي قام بالفعل بقتل الفتى مستخدما سلاحا حادا تم توجيهه ناحية القلب.
وبالرغم من أن النيابة أصدرت بالأمس قرارا بضبط وإحضار 30 متهما في القضية، من بينهم ابن جمال صابر، إلا أن المعركة التي وقعت رحاها في شبرا لأكثر من 90 دقيقة قبل وصول الشرطة، كشفت عن استمرار الغياب الأمني بطريقة تجعل الدولة مسؤولة عن هذه الجريمة وغيرها، إذ إن شبرا اشتعلت بالفعل خلال الساعة ونصف الساعة التي اختفت فيها الشرطة، وربما لو تواجدت مبكرا، لساهم ذلك في تقليل الخسائر، بالرغم من أن بعض الشهود قال للنيابة أن اثنين من القتلى سقطا بفعل رصاصات طائشة من قوات الأمن خلال محاولتها لوقف الاشتباكات، وهو أمر لو ثبتت صحته، لورّط أجهزة الأمن في معركة إضافية مع المواطنين.
صفحة ابن صابر الشخصية على موقع «فايسبوك»، كما رصدتها «السفير»، تكشف جانبا مثيرا آخر في القضية، فالمراهق المتهم بالقتل، يتابع صفحات خاصة بأنشطة المطرب الشهير عمرو دياب، وصاحبي موضة أغاني المهرجانات الشعبية «أوكا وأورتيغا» اللذين اكتسبا شهرة مدوية في العامين الماضيين، كونهما يقدمان صنفا يخلط الموسيقى «التكنو» بالكلمات الشعبية الدارجة.
وعلى النقيض، يتابع الصبي أيضا، صفحة عنوانها: «أعظم رجل في التاريخ سيدنا محمد». وهو ما يكشف التناقض اللافت في شخصيته، وربما يبرر تورطه في أحداث العنف التي وقعت في شبرا، بالرغم من كونه ابن شخصية سلفية بارزة.
لكن والد المراهق المتهم بالقتل، إضافة إلى كونه واحدا ممن دعوا إلى تكوين شرطة شعبية يقوم عليها الإسلاميون بدلا من الشرطة النظامية لفرض الأمن وتطبيق الشريعة، وإلى جانب كونه أشهر من خرجوا على الفضائيات الإسلامية ليتهم المعتصمين في ميادين التحرير والاتحادية ضد الرئيس مرسي والإخوان، بـ«العهر» و«الممارسات الجنسية العلنية»، فقد صدر ضده حكم بالسجن في تشرين الثاني من العام الماضي، لثلاثين يوما، بعدما امتنع عن دفع النفقة الخاصة بابنته البالغة من العمر ثلاث سنوات، من زوجته الأولى التي طلقها.
مرة أخرى يتكشف جزء من أزمة الإسلاميين مع أبنائهم، من اندفاع أبناء الرئيس محمد مرسي ونائب المرشد خيرت الشاطر في توجيه السباب وأقذع الشتائم والاتهامات بالكفر للمعارضين، إلى تورط ابن قيادي سلفي في جريمة قتل.
محمد هشام عبيه
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد