ماري سيدة الممالك
تعتبر ماري من أهم التلال الأثرية التي أعطتنا فكرة متكاملة عن أثار العصور البرونزية في منطقة وادي الفرات وتقسم هذه العصور إلى ثلاث أقسام هي / عصر البرونز القديم : 3200 - 2100 ق.م / عصر البرونز الوسيط : 2100 - 1600 ق.م /عصر البرونز الحديث : 1600 - 1200 ق.م / كانت ماري معروفة
من وثائق نيبور وكيش كما ذكرت النصوص الأثرية المكتشفة أسماء خمس ملوك حكموها مابين /2700 -2500 ق.م / ثم أضافت مكتشفات أخرى أسماء ملوك حتى القرن الثالث عشر ق.م وتشير جميع الاكتشافات الأثرية إلى أن موقع تل ماري الذي يبعد حوالي 10 كم عن البوكمال وعلى الضفة اليمنى لنهر الفرات كان مقر السلالة العاشرة بعد الطوفان التي حكمت ماري .
إن تل الحرير ماري القديمة تل كبير قطرة حوالي / 1200 م / وارتفاعه / 15 م / تم إكتشافه صدفة وبدا التنقيب فيه منذ عام /1933 م / الباحث الفرنسي أندريه بارو حتى عام / 1974 م / وتابع البحث بعده جلن كلود مارغون وما زالت أعماله مستمرة حتى الأن .
يسمي الفرنسيون فترة الألف الثالث ق.م بالعهد الذي سبق سارجون الأكادي أو عصر فجر السلالات والذي قسم إلى ثلاث مراحل عصر فجر السلالات الأول والثاني والثالث وقد كان يحكم ماري السلالة العاشرة .
العمارة وتقسيماتها في ماري :
- العمارة الدينية : حظيت عمارة المعابد في ماري بالأهتمام الأكبر فقد بنى سكان ماري معابد ألهتهم وفق طراز معماري متميز حيث تم العثور على عدة معابد هامة منها معبد عشتار ومعبد دجن زنيني زازا أن النمط المحلي لهذه المعابد يمثل شكل شبه منحرف يتالف من باحة مركزية مربعة وأخرى مستطيلة وعلى امتداد الجدران تمتد مصطبة كانت توضع عليها التماثيل للمتعبدين أما النمط الآخر فيتالف من حرم رئيسي مربع الشكل فيه مصاطب والى الشرق من المعبد تقوم باحه مربعة أخرى فيها حوض ماء ومذبح ومصطبة مرتفعة .
- العمارة المدنية: تطورت فنون العمارة ودل على ذلك بناء القصور ومما دل على تطور فن الإدارة فالقصر يحوي الملك أسرته وحاشيته وهنا بدا الفصل بين السلطتين الدينية والمدنية ودلت المكتشفات الأثرية على وجود منشات معمارية ضخمة سميت بقصور عصر ما قبل سارجون لكن القصر المحفوظ بشكل جيد يؤرخ في نهاية عصر السلالات الباكرة وبداية العصر الأكادي يتميز هذا القصر يتشابه مع مخططات بناء المعابد أي أن ذلك يدل على تداخل وظيفته الدينية والمدنية يتالف من قاعة مركزية مربعة الشكل جدرانها مزينة بالعضادات تحيط بها القاعات وهناك قاعة العرش مستطيلة الشكل وقاعة صغيرة يوجد فيها محراب وهناك عدة ممرات تسهل الدخول إلى القصر .
- لم يتم العثور على أي رقم فخاري في مرحلة الألف الثالث ق.م في ماري لكن التنقيبات الحديثة كشفت عن لوحات ورقم كتابية معاصرة للأكاديين وقد عثر على ما يؤكد أن مملكة ماري كانت تابعة للأكاديين وذلك بسبب العثور على أواني برونزية تحمل اسم نارام سن وميكار وغيرهم من ملوك أكاد وكذلك أشارة بعض النصوص إلى وجود علاقات وتنوعت بين ماري وايبلا وكيش وينسب الطراز المعماري في هذه الفترة إلى نموذج بناء معبد نينهور ساغ .
- في الربع الأول من الألف الثاني قبل الميلاد وفي هذه المرحلة عاشت ماري مرحلة الازدهار وعندها كانت تخضع لأشور ويحكمها / يسمح حدد / بعد وفاته تمكن زمري ليم وبمساعدة ملوك يمحاض من السيطرة على ماري وبلغت في عهده قمة تطورها وازدهارها حتى أتي حمورابي ودمرها وقدكشفت التنقيبات الآرية في هذه الفترة على أوابد معمارية هامة وأرشيف ملكي تجاوز /25 / ألف رقم مسماري أعطى معلومات هامة عن تاريخ المنطقة .
- مملكة ماري معروفة منذ القديم وهي الآن من ابرز المعالم الأثرية المكتشفة فقد نالت شهرتها قديما وذاع صيت معالمها الأثرية حديثا وأهمها القصر الذي يعرف باسم قصر (زمري - ليم ) فهو أحد اكبر وأكمل الاكتشافات التي أتحفنا بها تل الحرير فان كان يدل على شيء فهو يدل على تطور فنون العمارة خلال الربع الأول من الألف الثاني قبل الميلاد حيث إنتشر العموريون في الشرق القديم وعاشت ماري في هذه الفترة مرحلة ازدهارها وبعد تولي زمري ليم الحكم في ماري بلغت قمة تطورها وازدهارها في عصره
كشفت التنقيبات الأثرية خلال هذه الفترة أوابد معمارية هامة وأرشيف ملكي تجاوز العشرين ألف رقم اعطى معلومات هامة وغيره عن تاريخ سورية والمشرق القديم
كتب عن قصر زمري ليم الأب فنسان وقال عنه / انه درة العمارة الشرقية القديمة / لذلك تذكر النصوص بان ملك اوغاريت أرسل ابنه لزيارة هذا القصر و اعتبره الباحثون المثل الأفضل للقصور الرافدية
تبلغ مساحة القصر حوالي هكتارين ونصف ويضم حوالي / 300 / غرفة وباحة كان يؤلف مدينة داخل مدينة محاطة بسور ضخم أبعاده 200 - 120 م
ويتألف القصر من قسمين شرقي وغربي وتقع المكاتب والإدارة في قسمه الشمالي الغربي حيث يوجد سكن الملك وعائلته
أما مدخل القصر وهو الوحيد في جداره الشمالي ويتألف من غرفة واحدة يرتفع على جانبيها برجان دفاعيان يتقدمها مدرج مبلط بالحجارة ثم تليها غرف متتالية وممرات متعرجة يصل المرء من خلالها إلى باحة سماوية هي اكبر باحات القصر أطلق عليها اسم باحة النخيل وقد ذكرت في احد الرسوم الجدارية في القصر تبلغ مساحتها / 49 - 33 م / مبلطة باجر مربع ومن خلال هذه الباحة يتم الوصول إلى مختلف أقسام القصر كما خصصت قاعات لجلسات الملك تطل من خلال باب عريض على غرفة يوجد فيها منصة منخفضة تدل على موضع العرش وهناك قاعات أخرى للاحتفالات الدينية
أما الباحة التالية اعتبرت من أفخم باحات القصر كونها مزينة بتكوينات تصويرية وفيها منصة تستند على مذبح ثم إلى قاعات هامة تابعة للعرش متطاولة أبعادها 6,35 م - 11,70 م / يوجد داخلها موضع للعرش ويؤدي إليها درج مؤلف من إحدى عشرة درجة كلها من الأجر المطلي وفي أسفل السدة عثر على أروع التماثيل تمثال / أيلوم / حاكم ماري وهو باني معبد داغان نحت من الحجر البازلتي أما تمثال ربة الينبوع المنحوت من الحجر الأبيض وجد قطعتان منه أسفل السدة بينما القي الرأس في احد أحواض الباحة نفسها
كذلك عثر في قصر زمري ليم على الرسوم الجدارية التي دلت على إتقان رفيع المستوى وتميز باستخدام اللون الأبيض والأسود والأحمر في عمليات الرسوم وظهرت فيها عدة تأثيرات سومرية وعمورية على جدار القصر بجانب لوحة التنصيب رسم مشهدا يظهر موكب لأشخاص وهم يسيرون وعلى رأسه رجل كبير يرتدي قبعة يسير وخلفه عدة رجال يقودون ثورين زينت قرونها بالذهب
واهم واكبر الرسم الجدارية في ماري مشهد تنصيب زمري ليم حيث رسمت المشاهد طولانية في ثلاث حقول
نعود لذكر الجناح الخاص حيث اختاره المعماريون في الزاوية الشمالية الغربية لسكن أسرة الملك وإبعادهم عن الصخب أو تحت سبب أخر ربما حيطة أمنية ويدل على ذلك سماكة السور الغير عادية والتي تبلغ /13,10 م /
وقد ضم الجناح الخاص لأسرة الملك / 23 / غرفة متوضعة حول باحة ويعتبر السكن متواضع جدا ولم يكن من اليسير تحديد غرفة الملك وغرفة الملكة من خلال الأثاث وقد زود السكن بغرف الحمام ومغاطس الماء والمطابخ ومخازن الطعام .
- لقد تم تحديد موقع المدرسة بين الجناح الملكي والجناح الرسمي وهي أول مدرسة عرفت التنظيم في التاريخ فقد تميزت بمصاطب مرتبة كترتيب مقاعد الصف مع وجود فواصل بينها لتسهيل مرور الطلاب هناك قاعتان للدراسة تضم الأولى / 24 / مقعدا والثانية / 25 / مقعدا مبلطة الأرضيات بالآجر والجدران مطلية بالطين كما عثر بين المقاعد على الألواح الطينية والرقم التي كانت تستخدم في المدرسة واهم ما كان يتعلمه الطلبة في المدرسة الكتابة والتعاليم الدينية والحساب وقد دل على ذلك العثور على أعداد كبيرة من الصدف يتعلمون بواسطتها على الأرقام وبعض العمليات الحسابية البسيطة مثل الجمع والطرح .
- وتعد أضخم مكتبة تم العثور عليها فقد ذكر بأنه تم العثور على أكثر من /25/ ألف رقم في القصر الملكي داخل مكتبة القصر وقد شكلت معظمها المحفوظات الإدارية والمراسلات والعلاقات الدولية حول تنظيم المملكة وحول الحياة في القصر كما أشارت إلى الأوضاع الاقتصادية والسياسية والفكرية التي كانت سائدة في تلك الفترة وتعود أهمية الأرشيف إلى كونه قد صحح تاريخ الألف الثاني ق م وقد كانت تلك اللوحات الطينية مكتوبة بنقوش مسمارية وبلغة مسمارية أكادية قديمة
- الأختام الاسطوانة من سمات التملك في الشرق القديم تعكس الأختام حقيقة أساسية هي حب الإنسان ونزوعه إلى التملك واعتقاده بالقوة ولا شك أن الختم قد تطور عن التميمة إذ أن الغرض من التميمة دفع البلبلة والأذى عن الإنسان والختم تمييز ملكية الأشياء وعائداتها وبفضل تطور الحياة الاقتصادية ونمو التجارة التي دفعت الإنسان إلى ابتكار وسائل تميز ملكية السلعة وتبينها فكان الختم
صنعت الأختام في البداية من الطين ثم من الحجر الكلسي الطري وأخرها من الحجر القاسي المشذب وتنوعت أشكالها وأحجامها منها الهرمي والمخروطي والموشوري والمنجلي والاسطواني والمربع والمثلث مثقوبة بالطرف المقابل للسطح المزخرف لتعليقها فطورت أحجامها بما يناسب السلع فبعضها ما يقارب ارتفاعها / 2 - 8 / سم وسماكتها / 1 - 6 / سم
أما الرسوم التي زينت هذه الأختام فقد بدأت بالخطوط المتقاطعة أو المتوازية والواقع أن الأختام قد اختلفت بين موقع وأخر حيث عثر على مجموعة كبيرة من الأختام نقشت فيها أشكال حيوانية وبشرية بإسلوب طبيعي ووزعت الأشكال على سطح دائري بل تجاوز ذلك قصور شهر كامل على الختم مع التأثيرات الخارجية
وتطور الختم لتعبر كل طبقة على موقف معين أهمها المشاهد الدينية والمعارك وحيوانات مفترسة تهاجم حيوانات أخرى وحيوانات خرافية ومقصد الفنان هنا تصوير الأفكار وتطويرها إضافة إلى تصوير الحكايا الشعبية
ويمثل المشهد الديني بشخص يرتدي مئزرا مشبكا وعمامة وشعر رأسه مسترسل يمسك بيديه غصنين خلفه حزمتان من القصب مربوطة يتدلى منها قضيب دقيق وهما شعار الربة انانا / عشتار /
أما في المراحل المتقدمة من نشوء الممالك فقد فسح التطور في جميع نواحي الحياة المجال لازدهار حرفة النقش على الختم ونقش عليها مواضيع تلائم المجتمع كما جمع بين النسر وملك الغابة في شكل واحد والإنسان إلى جانب الثور وحرص الفنان على أن تكون الأجسام متساوية ولهذا القرص رسم الحيوان منتصب على قوائمه كما صورت مواضيع مجالس الشراب والذبائح والألعاب ولا ننسى أن نذكر جرأة الفنان على حفر أشكال عميقة في سطح الحجر حتى تظهر بارزة واضحة حين الطبع وكذلك تم تسطير اسم صاحب الختم واسم الرب والربة حامياه 0
أهم الأختام التي عثر عليها :
خاتم إسطواني يمثل قتال بين اسود وبطل يدافع عن حيوان أليف / من تل براك / مصنوع من حجر الحبة الارتفاع 2,5 سم القطر 1,2 سم
خاتم إسطواني يمثل مشهد قتال بين بطل وثور له وجه بشر ضد ماعز بري وأسد وجد في قبر بماري مصنع من العقيق الأحمر وله غطاءان ذهبيان الارتفاع 3,5 سم القطر 1,4 سم
خاتم إسطواني آلهة على عرشها أمامها ملك عابد والهة شقيقة / تل العشارة / صنع من الحجر الأحمر الحديدي ارتفاعه 2,7 سم وقطره 1,6 سم
- الرسوم الجدارية هي وثائق تؤرخ لحياة الشعوب والأمم خلال مختلف عصورها وتزود المؤرخين بمعلومات قيمة عن تاريخ الفن والأديان والعبادات والطقوس اليومية وفي التراث الحضاري السوري الكثير من نماذج هذه الرسومات التي اكتشفت في الممالك القديمة التي سادت على هذه الأرض قبل آلاف السنين أو في الحضارة الإسلامية خلال مراحلها التاريخية المتعاقبة 0
ولعل ابرز ما وصلنا من فنون الرسم القديمة على الجدران ما اكتشف في مملكة ماري الواقعة على بعد 13 كيلو متر غربي مدينة البوكمال على ضفة الفرات اليمنى من ألواح جداريه مرسومة وهي تؤلف رغم تخريبها مجموعة ذات أهمية عظيمة لدراسة فن الرسم العموري في الألف الثاني قبل الميلاد وتؤكد هذه الألواح وجود جو فني تنافس فيه الفنانون في إبراز عبقريتهم وتخليدها بلوحات رائعة توضح أسمى مكان يحلم فيه الفنان وقد ساعد ملوك الشعب العموري على إيجاد هذا الجو بان تبنوا الفنان واصبح له حظوة مرموقة في بلاطهم واستطاع الفنان العموري بحسه السليم ومعرفته للمبادئ والأصول الفنية والتمكن من الصنعة وباطلاعه الواسع على فنون عصره ومتطلبات واقعة أن يصوغ روائع إنتاجه ولحسن الحظ فان هذه الوثائق الفنية التي وصلتنا رغم إساءة المعاملة لها من قبل المعتدين والمخربين ورغم افتئات الزمن وعوارض الطبيعة ظلت شواهد على أن مدرسة الفن في مدينة ماري قد فاقت غيرها من مدارس العصر انذاك وحتى مدارس العصور التي لحقت به 0
- تعتبر رسوم ماري الجدارية الملونة إبداعات منقطعة النظير بطريقة تنفيذها المميزة وبتشكيلها اللوني الرائع الثري بالمشاهد ويعد الرسم الجداري الذي يطلق عليه اسم تنصيب الملك / زيمري ليم / والذي اكتشف في موضعه الأصلي على الجدار إلى يمين المدخل المؤدي من فناء النخيل إلى الصالة في قصر ماري من افضل الرسوم الجدارية الباقية إلى الأن ونفذت هذه الصورة الجدارية على الطينة واستخدم لتلوينها كل من اللون الأمغر الضارب إلى الحمرة والبرتقالي والأحمر والصفر والأزرق والأخضر والأبيض والأسود وتسمية / التنصيب / التي تطلق على المشهد الرئيسي المنفذ في القسم العلوي من الصورة مضللة وذلك لان هذا المشهد لا يمثل حفلا رسميا ينصب فيه الملك من قبل الألهة وإنما يصور احتفالا طقسيا يظهر الملك / زيمري ليم / رافعا يده بالتحية إجلالا للألهة عشتار وتتميز عشتار بتاجها ذو القرون وبأسلحتها النامية من كتفيها وبالأسد الهاجع عند قدميها ويحيط بهذا المشهد الرئيسي الهات متشفعات وغيرهن من اللواتي يحملن / ماء الحياة / وكائنات خليطه للحماية وأشجار تحمل الثمار المقدسة وأشجار نخيل ينطلق من قمة إحداها طائر ازرق بينما يتسلق بعض البشر جذوعها ويعبر هذا المشهد كما هو الحال في الرسوم الجدارية الأخرى في القصر عن عرض مثير للممارسات الطقسية والأسطورية بجانب بعضها البعض وهي تشكل مثالا نموذجيا للتنوع الفني في قصر ماري حيث ينبئ تصوير الألهة عشتار والألهات المتشفعات عن تأثيرات بابلية بينما يرجع إسلوب تنفيذ النخيل بتفاصيله القريبة إلى الطبيعة إلى عالم التصوير المصري القديم أما / الملك / فيظهر بالزي السوري الذي هو عبارة عن رداء غني بالزخارف معتمرا بقعة عالية وإلى جانب مشهد التنصيب يوجد قطعتان كبيرتان تمثلان تقديم أضحية تحت رئاسة الملك الذي يتقدم بخطى ثابتة على راس حاشية يصحبها كاهن يسوق الثيران المخصصة للتضحية وهناك تكوينات مختلفة مثل النار وسط مشاهد إسطورية يصعب تأويلها مثل المارد الذي يمد ذراعه عبر سماء مرصعة بالنجوم .
- عثر في ماري على مجموعة من التماثيل الهامة التي سبق ذكر بعض منها تماثيل معبد عشتار أو تماثيل نيني زازا وهناك تماثيل تشكل صور حقيقية كتمثال الوكيل أييه - إبل الطحان إيدي - نارام - الملكين لمجي ماري وايكوشاماغان تماثيل أولئك المتعبدين الملتحين ونادرا ما يكونون حالقين الرأس أيديهم مضمومة جذعهم عار ونستطيع القول بان معظم مواضيعها دينية فقد جسدت هذه التماثيل أصحابها كونها نحتت بواقعية تجاوزت مثيلاتها الرافدية من جهة تأكيد طابعها الديني من خلال الكتابات التي نقشت عليها تحمل أسماء أصحابها الألهة المهداة لهم إضافة إلى ذلك التماثيل النسائية المبتكرة بطرق فنية رائعة في الدقة والجمال نذكر منها تمثال مغنية المعبد الشهيرة / أو رنينا / تمثال راس الكاهنة غريهم كانت الأحجار الكلسية هي المادة الخام المستخدمة في نحت التماثيل ولقد جسدت هذه التماثيل أيضا الملوك الكهنة الكتاب المغنيين الموظفين وكبار التجار معظم التماثيل نحتت للرجال بوضعية الوقوف حفاة القدم اليسرى أمام اليمنى اليدان مضمومتان على الصدر النصف الأعلى للصدر عار يرتدي مئزرا يشد إلى الخصر حزام اللحى طويلة أما تماثيل النساء فكن نحتن أما واقفات القدمان على نفس المستوى أو جالسات اليدان مضمومتان إلى الصدر يلبسن رداء يستر الكتف أحيانا ارتدين القبعات نزلت العيون بالصدف والمواد الأخرى 0
تمثال ايكو شاماغان : عثر على هذا التمثال في معبد عشتار ويعود إلى عصر السلالات الملكية الأولى الأحدث حقبة وحتى بداية حقبة اور الأولى 2650 ق 0 م صنع هذا التمثال من الحجر الجصي وحجر الستياتيت ارتفاعه 114 سم وعرض القاعدة 36 سم ومحفوظ في متحف دمشق ايكوشاماغان ملك ماري نذر تمثاله لنيني زازا حليق الرأس ذو وجه تسيطر عليه عينان واسعتان تبرزهما التطعيمات المنزلة ولحية طويلة مجعدة وراحتان يشبكهما أمام صدره تظهر على كتفه الأيمن كتابة واضحة ويتصف بشيء من التحديد 0
تمثال لمجي ماري : عثر على هذا التمثال في معبد عشتار الباحة 20 يعود إلى نهاية عصر السلالات الملكية الأولى حتى بداية الفترة الاكادية حوالي 2460 ق 0 م مصنوع من الحجر الأبيض ارتفاعه 27,7 سم ومحفوظ في متحف حلب تمثال صغير تغطي الكتابات الجزء الأعلى العاري من الظهر والعضو الأيمن ويسمى نفسه كاهن انليل الأكبر وانليل الأكبر هو الأله السومري ويغطي الكتف والذراع الأيسر ويحيط بشعر الرأس عصبة مضفورة ومعقودة من الخلف ولباسه هذا كانوا يرتدونه في المناسبات .
تمثال المغنية أو رنينا: عثر على التمثال في معبد نيني زازا ويعود إلى عصر السلالات الأولى / 2645- 2460 ق.م / مصنوع من حجر الجص ارتفاعه 26سم وهو الأن محفوظ في متحف دمشق ويعد هذا التمثال من افضل الأعمال التي قام بها نحاتو ماري كتب على كتف التمثال اسم الألهة أو رنينا تجلس متربعة فوق أريكة وقد فقد ذراعها ووضعيتها كانت تدل على أنها تمسك آلة موسيقية شعرها مسبل خلف أذنيها على ظهرها كما ظهرت في هذه الفترة لوحات وكنوز وتماثيل متنوعة سوف نختار منها عددا هاما لنتحدث عنه عثر في ماري على لوحة الحرب الكبرى التي ظهرت في معبد عشتار وهي عبارة عن أصحاب المناصب يتقدمون بوقار والبلطة على أكتافهم والوشاح المبرقش بالمسامير وقد تكرر مثل هذه اللوحات في مشاهد الحرب والسلم وكانت تتخللها مشاهد صيادين وحمالين وصناع وموسيقيين وأسرى 0
تمثال ربة الينبوع: يعتبر هذا التمثال من أروع القطع الفنية التي وجدة في ماري ولكنه وجد محطم وينتمي هذا التمثال إلى أسرة ربات الخصب نحت من حجر ابيض فهو تمثال الربة التي تجلب الماء الواهب للحياة فالماء ينسكب من خزان يرتفع شاقوليا حسب نظام الأواني المستطرقة في قناة محفورة في قلب التمثال حتى الجرة التي تمسك بها الربة بيدها
معابد الألهة في ماري: كانت ديانة سكان مملكة ماري هي الديانة السائدة في بلاد الشام وعلى رأسها تقديس الماء الموجود في نهر الفرات لذلك نشأ عندهم ألهة الينابيع والهة الخصب و المعبد في المفهوم الشرقي القديم يعني بيت الرب يؤدي به الإنسان العبادة الفردية وخدمة أرباب وإقامة الشعائر والتقديس وتقديم الأضحيات وتكريس الهدايا وإقامة التماثيل لأشخاص بوقفة التعبد والتبجيل وتفيدنا الكتابات المكتشفة في ماري أن القصر خصص سنويا 87 راس غنم تقدم لمختلف المعابد فيها 0
والمعابد جميعها قد شيدت باللبن واكتشفت في المواسم الأولى للحفريات ولم يعد للمشاهد أن يشاهد سوى مواقعها :
الزقوة : وتقع قرب القصر وهي أعلى مرتفع في المدينة شيدت على غرار الزقورات في بلاد الرافدين وكانت تحتوي على معبد فوق كتفها المشيدة باللبن يصله المرء بواسطة ثلاث ممرات مدرجة ويعود تاريخ بناءها إلى فترة أور الثالثة 2100 ق 0 م 0
معبد عشتار : ويقع على حافة المدينة الغربية اكتشف عام 1934 وكان المعبد متميزا بمساحة واسعة وذات نتؤات بارزة التي تحتوي على منصات لتقديم القرابين وعلى قاعة للهيكل تقام فيها طقوس العبادة وخصص المعبد لعشتار إلهة الحب والخصب والحرب في فترة ما قبل سارجون
معبد شمس : ويقع في الشمال الشرقي من القصر ويتالف من باحة يحيط بها جدار ذو بروزات وقد أشيد المعبد في فترة ما قبل سارجون
معبد نينهورساغ : ويقع في الزاوية الشمالية الشرقية للقصر وشرقي معبد داغان وقد أشاده الحاكم نيوارميز في الألف الثالثة قبل الميلاد وفي فترة لاحقة وسع وأضيف إليه بوابة بعمودين تشبه طراز العمارة الشرقي المسمى حيلاني وخصص المعبد للألهة التي تمثل الأم الحامية للأطفال
معبد داغان : أشيد هذا المعبد في الألف الثانية قبل الميلاد على جنوبي الزقوة وقد سمى أيضا معبد الأسود لوجود أسدين من البرونز كانا يقومان عند المدخل وعثر فيه على العديد من التماثيل والأسود الصغيرة وخصص لعبادة الأله داغان الذي عبد في ماري وترقا ويوازي الأله انليل عند السومريين
نينيزازا : ويقع في معبد شمس وأشيد في فترة ما قبل سارجون وخصص لعبادة الأله عشتار المحبوبة.
المصدر: الفرات
إضافة تعليق جديد