هل يعجل الانسحاب من العراق بخروج أميركا من سوريا؟
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالًا للكاتبين تشارلز ليستر وجوزيف إل فوتيل حول قرب توصل الولايات المتحدة والعراق لاتفاقية بشأن سحب قوات التحالف الدولي من العراق خلال العامين المقبلين.
يشير المقال إلى أن هذه الخطوة جاءت استجابةً لضغوط من الفصائل المدعومة من إيران في بغداد التي طالبت بإنهاء الوجود العسكري الأمريكي. كما يتناول تأثير هذا الانسحاب المحتمل على العمليات الأمريكية في سوريا، حيث تواصل الولايات المتحدة مكافحة تنظيم “داعش”.
ويتناول الكاتبان التحديات الأمنية المحتملة واستراتيجيات التعامل مع احتمالية عودة نشاط التنظيم في المنطقة، ويؤكدان على ضرورة حماية المصالح الأمريكية في هذه المرحلة.
بعد أكثر من ستة أشهر من المفاوضات، يبدو أن الولايات المتحدة والعراق اقتربا من الإعلان عن اتفاقية لسحب التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم “داعش” من العراق بشكل كامل خلال العامين المقبلين.
طالب الفصائل السياسية المرتبطة بإيران في بغداد منذ فترة طويلة بانسحاب القوات الأمريكية من العراق، خصوصًا بعد التصعيد الإقليمي الذي حدث في السابع من أكتوبر الماضي. في هذا السياق، استخدم الحلفاء السياسيون لإيران نفوذهم داخل الحكومة، بينما شن مقاتلون تابعون لإيران 222 هجومًا على القوات الأمريكية للضغط نحو اتخاذ هذا القرار، ويبدو أنهم نجحوا هذه المرة.
حاليًا، يوجد حوالي 2500 جندي أمريكي في العراق لدعم الحملة المستمرة ضد تنظيم “داعش”، ويعتبر هذا الوجود جزءًا لا يتجزأ من التواجد الأمريكي في سوريا المجاورة، حيث يشارك 900 جندي أمريكي في العمليات بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد). وبدون هذا الوجود في العراق، يصعب تصور استمرار بقاء القوات الأمريكية في سوريا لفترة طويلة.
من المتوقع أن يؤدي الإعلان عن الانسحاب من العراق في غضون عامين إلى تعزيز ثقة التنظيم بنفسه، وفي ظل تراجع عدد القوات، سيحاول التنظيم بلا شك استغلال الفراغ. وتؤكد تقارير المفتش العام لوزارة الدفاع أن القوات الأمريكية تلعب دورًا حاسمًا في عدة جوانب من جهود مكافحة التنظيم في العراق.
وبناءً على الوضع الحالي لتنظيم “داعش” واستمرار النزاعات في المنطقة واقتراب الانتخابات الأمريكية، يبدو قرار الانسحاب محيرًا، ولكنه لا مفر منه في الوقت الحالي. إذا كان هذا هو الحال، فعلى الولايات المتحدة وحلفائها تحديد شروط الانتقال بحيث يحافظ على النفوذ الأمريكي ويحمي مصالح الولايات المتحدة دون التسبب في مزيد من الاضطراب في المنطقة.
لذا من الضروري أولًا الحفاظ على العلاقة مع قوات الأمن العراقية التي أظهرت قدرة على تحرير البلاد وضرب تنظيم “داعش” بقوة. وقد يتجسد هذا التعاون في إطار أمني ضمن البعثة الدبلوماسية الأمريكية في العراق، مما يتيح استمرار الدعم المؤسساتي للقوات العراقية دون الاضطرار للمشاركة في عمليات قتالية مباشرة.
ثانيًا، ينبغي للولايات المتحدة تطوير خطة تتيح لها الوصول إلى العراق عبر كردستان، لمواصلة دعم جهودها في شمال شرق سوريا. ويتطلب ذلك مزيدًا من المفاوضات مع الحكومة العراقية، مع إمكانية تخصيص عدد صغير من قوات العمليات الخاصة للقيام بمهام محددة عند الحاجة.
وأخيرًا، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها الحفاظ على التعاون مع الشركاء الإقليميين، مثل الأردن، لضمان جاهزية القوات والقواعد العسكرية والقدرة على الوصول لمواجهة احتمال عودة تنظيم الدولة للظهور.
سبق للولايات المتحدة أن سارت على هذا الطريق من قبل، ولقد رأينا كيف تعيد التنظيمات الإرهابية تنظيم صفوفها في حال سنحت لها الفرصة، ولكن وبما أن الولايات المتحدة قررت وبشكل مؤسف أن تنسحب، لذا فعليها اليوم أن تحدد شروط الانتقال الناجح، والمقصود بذلك الانتقال الذي يمنح الولايات المتحدة أفضل ثقل ممكن لمواجهة الخطر المتزايد
The Washington Post
إضافة تعليق جديد