مؤتمر ايكتا: الفجوة الرقمية تتصدر اهتمامات الخبراء في مؤتمر إيكتا

02-05-2008

مؤتمر ايكتا: الفجوة الرقمية تتصدر اهتمامات الخبراء في مؤتمر إيكتا

استطاعت «شبكة العلماء والتقنيين والمبتكرين السوريين في المغترب» (نوستيا)، أن تقود بنجاح أعمال «المؤتمر الثالث لتقنية المعلومات والاتصالات»، ويُشار اليه باسم «ايكتا 2008» IGTTA 2008 الذي لقي أيضاً رعاية خاصة من الرئيس بشار الأسد. وعُقد المؤتمر تحت شعار «من النظرية إلى التطبيق». وعرض المستجدّات العلمية عبر مجموعة من الدراسات والبحوث النظرية والتطبيقات العملية في مجال المعلوماتية والاتصالات المتطورة.

واستقطب المؤتمر، الذي اختتم أعماله أخيراً في «قصر الأمويين» في دمشق، أكثر من ألف باحث وخبير في تقنيات المعلومات والاتصالات. وجاء المشاركون من 40 دولة. وسعوا للمساهمة في تطوير البحث العلمي في سورية وربطه بالمجتمع والاقتصاد، والعمل على تقليص «الفجوة الرقمية» في سورية.

ويُطلق تعبير «الفجوة الرقمية» Digital Divide للتعبير عن الفارق في التطور بين الدول المتقدمة والنامية في المعلوماتية وعلومها وتقنياتها.

رسم المؤتمر صورة بانورامية عن أهم التطورات في مجتمع المعلومات وسياساته وتطبيقاته وخدماته، وكذلك الأمر بالنسبة للاتصالات الرقمية وخدماتها المتنوعة وشبكاتها وتحدياتها الكبرى مثل صناعة برمجيات الخليوي والتطبيقات المتصلة بتطور شبكات الهواتف النقّالة وغيرها.

وفي إطار المؤتمر عينه، أكّد عماد الصابوني وزير الاتصالات والتقنية السوري عزم الحكومة على إصدار تشريعات مهمة خلال العامين المقبلين في مجال المعاملات الإلكترونية ومكافحة الجريمة الحاسوبية وحماية البيانات الشخصية وتنظيم قطاع الاتصالات ووضع إطار قانوني لمنح التراخيص في ذلك القطاع. وقال: «هناك مشاريع عدّة صيغت أخيراً لإغناء المحتوى الرقمي المحلي على الانترنت وإنشاء مراكز النفاذ المجتمعي (خصوصاً في الأرياف) وتأهيل الشركات التي تعمل في صناعة البرمجيات والخدمات المعلوماتية، وذلك لأهمية مساهمتها في بناء الاقتصاد الوطني».

وناقش المؤتمر على مدى أربعة أيام أكثر من 500 ورقة عمل تناولت آخر ما توصل اليه العلم في مجال الأنشطة التي باتت تُدار بصورة إلكترونية مؤتمتة، مثل التجارة والمصارف والخدمات الصحية والمعلومات العلمية (خصوصاً في مجال البيولوجيا) وأنظمة صناعة القرار وقواعد المعلومات وغيرها. كما بحث في التوجهات المعاصرة في اكتشاف المعرفة، وأمن شبكات الاتصال المحمولة واللاسلكية والاتصالات البصرية وغيرها. وعرض للمسائل المتصلة بتطبيق الحكومة الإلكترونية سورياً، إضافة إلى مجموعة من الموضوعات في العلوم الرقمية المُعاصرة.

كما أوضح الدكتور محمد بن احمد (من تونس) «ان المشكلة الآن ليست في أن تكون لدينا شبكات محلية أو قطرية أو وطنية، بل في معايير الجودة التي تُطبّق في تلك الشبكات... يتصل الأمر بكيفية تمكّن الأكثرية من الولوج إلى المعرفة وتطويعها لتصبح أداة للإنتاج يستفيد منها الجميع». ولفت إلى «أن موضوع «نقل التقنية» ليس هو الحل، فالمسألة تتعلق بتوطين التقنية والتحكّم فيها أيضاً». ووصف شبكات الاتصالات في الوطن العربي بأنها ذات مواصفات رديئة. وزاد: «يستطيع المواطن الكوري الجنوبي استخدام حزمة عريضة في منزله تقدر بـ 20 ميغابايت في الثانية؛ بينما لدينا خطوط للانترنت السريعة من نوع «دي اس ال» D S L لا تزيد قدرتها على 256 كيلوبايت... في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وسنغافورة واليابان تخلوا الآن عن الانترنت الذي نستعمله نحن وغيرنا وانتقلوا إلى «الانترنت 2» الذي تصل سرعته إلى «بتا بايت» (البيتا تساوي ألفاً مضروبة بنفسها 5 مرات) فالفجوة كبيرة بيننا وبينهم».
وفي سياق المؤتمر، قدّم البروفسور أيمن عبدالغني فلو بحثاً تناول فيه بعض الأمور الأمنية في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كالتعرف رقمياً على البصمات. ولفت إلى أن الكومبيوتر محدود بسرعات معينة، الأمر الذي يدفع الباحثين إلى التفكير في الاستعانة بسرعة الضوء للتمكن من ربح الوقت. وعرضَ فلو للتقنيات الضوئية التي تساعد على التعرّف إلى الهوية الشخصية مثل العين والوجه والبصمة. وفي سياق مشابه، قدم الباحث توماس شولز من إحدى الشركات الألمانية، بحثاً عن استخدام «المحطات الإذاعية المتنقلة غير الجماهيرية». وبيّن أن هذه المحطات باتت أساسية في المهمات الحرجة، إذ لأنها «تستخدم في الأمن وتدعيم سلامة المواطن عبر التواصل مع نقاط محددة مثل الإسعاف والإطفاء والشرطة ومحطات النقل العامة وغيرها».

وناقش المؤتمر أيضاً بحثاً عن «قضايا هندسة المرور في استخدام الشبكات الثابتة». وعرض البحث لآليات جديدة من شأنها إعطاء تحكّم أفضل لما يعبر في الألياف الضوئية من تدفقات إلكترونية. وبيّن أن هذه الآليات تفضي إلى صنع نوع من الشبكات الإلكترونية الثابتة تتمتع بهندسة مبتكرة، ما يرفع سرعة تدفق المعلومات فيها إلى مستويات هائلة.

وحمل بحث آخر عنوان «النُظُم البيئية الرقمية المستقرة». وناقش إمكان النظر إلى شبكة الإنترنت باعتبارها «بيئة رقمية طبيعية مستقرة تتعايش فيها المؤسسات وتتطور كما تتطور الكائنات الحيّة، بحيث تصبح قادرة على الاعتماد على نفسها عبر التفاعل طبيعياً مع غيرها».

وقدّم الدكتور جان كوما ورقة حول تجربة المستشفيات الفرنسية في «الطب من بُعد»، الذي يُشار إليه بمصطلح «تيلي ميديسن» Tele Medicine. وتحدث عن الملف الإلكتروني للمريض وكيفية أرشفته وتوثيق معلوماته والتعامل مع ما يحتويه من صور وتقارير، وكذلك طُرُق نقله من مركز إلى آخر من خلال استخدام بطاقة الكترونية شخصية. وفي سياق متصل، عرض أحد الباحثين مجموعة من أنظمة فك التشفير التي يمكن الاعتماد عليها لحماية الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية.

ورأى مدير «الشركة الألمانية - السورية للاتصالات» خالد الحمصي «أن القاسم المشترك بين جميع البحوث التي عرضت يتمثّل بأنها بحوث تقنية عميقة تحتاج إلى مستوى من الخبرة والمعرفة العلمية كي يستطيع المتلقي استيعابها... المؤتمر موجّه إلى المهندسين والعلماء في مجال تقنية المعلومات». وفي تصريح إلى «الحياة»، بيّن الحمصي «أن مؤتمر «ايكتا 2008» تميّز عن الأعوام الماضية باهتمامه بربط التكنولوجيا واستخداماتها بمختلف نواحي الحياة مثل الطبية والتعليمية والحكومات الإلكترونية». ولفت إلى «أن السائد حالياً على المستوى العالمي هو أتمتة الخدمات الحياتية في شكل عام».

ومنحت اللجنة العلمية جوائز لأفضل ثلاثة بحوث قدمت في المؤتمر. وذهبت أولاها إلى بحث عن «تطوير إطار دقيق للتعامل مع عائلة اللغات البرمجية المرتبطة بالتطبيقات»، والثانية لبحث تناول «التمثيل الثلاثي الأبعاد بالوقت الآني للغابات في أنظمة محاكاة الطيران». ومنحت الجائزة الثالثة لبحثين الأول بعنوان «تحويل طول موجة ضوئية اعتماداً على عدم خطية الاستقطاب في مضخم أنصاف نواقل ضوئي»، والثاني «استخدام تقنية الشباك لحل مسألة الفيزياء النظرية - استقرار الحقول المحددة لشكل الأبعاد الإضافية في نظرية الأوتار».

وفي إطار المؤتمر عينه، حذّر رئيس مجلس أمناء شبكة «نوستيا» باسل سليمان من أن الفجوة الرقمية أخذت تتسع و «سوف تزداد في حال لم نسارع إلى تطبيق هذه التقنيات في المجتمعات العربية... أما بالنسبة إلى الحكومة الإلكترونية، فلدينا كل القدرات لتنظيم المعلومات وفقاً لقواعد البيانات والبحث عن المعلومات وربط هذه القواعد بشبكات الحواسيب». ولفت إلى «أن الحكومة الإلكترونية تعتمد على تقديم خدمات للمواطن العادي لكي يحصل على ما يريد، من دون الحاجة إلى الذهاب إلى وزارات الدولة... هذا بات واقعاً في الدول الأوروبية ولكن إلى الآن هذا الاستخدام غائب في معظم الدول العربية. ونرى مضيعة للوقت وازدحاماً مرورياً والجميع يذهب إلى المؤسسات الحكومية». وأخيراً، شدّد سليمان على ان العلماء والخبراء في المغترب «لا يقدمون وجبات جاهزة وإنما الآليات والخبرات لكيفية تحضير الطعام».

نور الدين الأعثر

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...