لبنان في خطة سياسة جوارالاتحادالأوروبي والشياطين الكامنة في تفاصيلها

07-01-2008

لبنان في خطة سياسة جوارالاتحادالأوروبي والشياطين الكامنة في تفاصيلها

الجمل: أكدت كل الأعراف والقيم السائدة على مبدأ أن العلاقات الدبلوماسية السائدة في بيئة النظام الدولي الإقليمي تكون بالأساس علاقات بين الدول، وتكون الحكومات هي المسؤولة عنها إضافة إلى المنظمات الدولية كالأمم المتحدة والإقليمية كالجامعة العربية. وبرغم ذلك، أصبحنا نشهد خلال الفترة التي أعقبت هجمات الحادي عشر من أيلول 2001م نمطاً جديداً من العلاقات غير المتماثلة والفواعل غير المتكافئة. بكلمات أخرى، إضافة إلى الدبلوماسية الأمريكية والأوروبية إزاء دول المنطقة مثل سوريا ولبنان والأردن والعراق وغيرها، أصبحت هناك دبلوماسية أمريكية – أوروبية إزاء الحركات والقوى السياسية الموزعة في المنطقة كحركة حماس وحزب الله اللبناني.
* الإدارة الأمريكية – الاتحاد الأوروبي: دبلوماسية الفواعل غير الحكومية:
دبلوماسية الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي إزاء حزب الله وحركة حماس هي دبلوماسية تميزت خلال الأعوام الأخيرة بتأثيراتها المتشابكة والمزدوجة:
• لجهة القوى:
* التأثير سلباً على حزب الله وحركة حماس.
* التأثير إيجاباً على خصوم حزب الله ممثلين في قوى 14 آذار وخصوم حركة حماس ممثلين في حركة فتح.
• لجهة الحكومات:
* التأثير إيجاباً في حكومة السنيورة والسلطة الفلسطينية.
* التأثير سلباً في الحكومة السورية والحكومة الإيرانية.
أما على أساس اعتبارات الصراع الكلي، فقد هدفت هذه الدبلوماسية إلى إضعاف سوريا في صراعها مع إسرائيل أولاً، وإضعاف إيران الداعمة لسوريا وحزب الله اللبناني وحركة حماس ثانياً.
ولكن برغم التخطيط المحكم لدبلوماسية الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، فقد جاءت النتائج معاكسة ومغايرة تماماً لكل الأهداف المرسومة:
• أصبحت سوريا وإيران أكثر قوة.
• أصبحت الروابط بين سوريا وإيران أكثر حيوية.
• أصبح حزب الله وحركة حماس أكثر قوة.
• أصبحت الروابط بين حزب الله وحركة حماس أكثر حيوية.
كذلك لم تفلح دبلوماسية الإدارة الأمريكية – الاتحاد الأوروبي في تعزيز قوة وحيوية خصوم سوريا وإيران وحزب الله وحركة حماس، وبدلاً عن ذلك انعزل هؤلاء الخصوم من جهة وتزايد التأييد والسند الداخلي في الشارع العربي للمستهدفين الأربعة، ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد وإنما امتدت العزلة إلى نظام حسني مبارك والعاهل الأردني المؤيدين والحليفين للإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
* التغذية العكسية: مأزق دبلوماسية الإدارة الأمريكية – الاتحاد الأوروبي:
تقوم فرضية دبلوماسية الإدارة الأمريكية – الاتحاد الأوروبي على نموذج نشر الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط، والآن أصبح نموذج نشر الديمقراطية هو مصدر الخطر الرئيسي الذي يهدد توجهات ومصالح الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، ومن أبرز المؤشرات الدالة على ذلك أن تطبيق الديمقراطية في الأراضي الفلسطينية أدى إلى صعود حركة حماس.
وإزاء هذه الإشكالية أصبحت دبلوماسية الإدارة الأمريكية – الاتحاد الأوروبي تعمل من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه عن طريق عرقلة الديمقراطية التي ظلوا يطالبون بها:
• في لبنان، ترفض الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي إجراء انتخابات برلمانية مبكرة لحل الأزمة، لأن إدراك الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوربي بأن الشعب اللبناني سوف يستخدم صناديق الاقتراع لإسقاط قوى 14 آذار الحليفة للغرب وتصعيد قوى 8 آذار المعارضة لمشروع الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
• في الأراضي الفلسطينية تحاول الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي القضاء على الديمقراطية الفلسطينية وإدخال المزيد من التعديلات التي تشوه التقاليد الديمقراطية وتمنع الشعب الفلسطيني من استخدام حقه في الخيار الحر عبر صناديق الاقتراع.
* المخطط القادم لاستهداف سوريا ولبنان عبر الديمقراطية اللبنانية:
آليات التأثير الدبلوماسي المعروفة نوعان:
• آليات بنائية مؤسسية: وتتمثل في التحالفات والاتفاقيات والكيانات النظامية.
• آليات وظيفية سلوكية: تتمثل في المعاملات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية.
هذا، وتتفاوت خطورة هذه الآليات بحسب مدى ونطاق التأثير فالآليات البنائية المؤسسية تؤثر على المدى الطويل والقدرة على تكييف المسرح. أما الآليات الوظيفية السلوكية تؤثر على المدى القصير وقدرة الحصول على سرعة الإجابة.
ولما كانت الساحة اللبنانية على مدى الخمسين عاماً الماضية قد مثلت مزرعة التجارب والمخبر الرئيسي لكافة الوسائل التي يمكن أن تعزز قدرة إسرائيل في استهداف سوريا ولبنان فإن معطيات خبرة الواقع السوري – اللبناني أكدت على عدم جدوى كل الوسائل الوظيفية السلوكية التي تضمنت الوسائل الاقتصادية والعسكرية والأمنية في تحقيق الهدف المتشدد المتمثل في استهداف سوريا بعد السيطرة على لبنان. وتأسيساً على ذلك فقد أصبح الخيار البديل لدبلوماسية الإدارة الأمريكية – الاتحاد الأوروبي هو اللجوء لاستخدام الآليات البنائية المؤسسية.
لم ينتبه أحد بالقدر الكافي إلى ما حدث في عام 2003م عندما قرر الاتحاد الأوروبي تضمين اسم لبنان في برنامج سياسة دول الجوار الأوروبي، وهو يمثل المربع الأول. هدأ الأمر ولم يلتفت المراقبون كثيراً لتداعياته، وفي العام 2007م تقدم الاتحاد الأوروبي إلى المربع الثاني، باعتماد ونشر خطة عمل سياسة الجوار الأوروبي المخصصة للبنان، وفي تفاصيل خطة العمل هذه تمت زراعة الشيطان الإسرائيلي الجديد، ويمكن الإشارة إلى ذلك من خلال الملاحظات الآتية:
• تضمنت خطة عمل لبنان عدداًَ كبيراً من الأولويات والشروط.
• تم ترتيب هذه الأولويات بطريقة "خاصة جداً".
• تم الربط بين هذه الأولويات بطريقة "خاصة جداً" أيضاً.
وبالتدقيق أكثر فأكثر في خطة عمل سياسة جوار الاتحاد الأوروبي الخاصة بلبنان تبين لنا الآتي:
• احتفظ الطرف الأوروبي لنفسه بمزايا حرية الحركة والمناورة الواسعة على النحو الذي يتيح له مزايا التدخل الكامل في كل شيء والتراجع الكامل عن كل شيء.
• وضع الطرف اللبناني تحت قيود القبول المطلق بكل شيء وعدم التراجع عن أي شيء.
الخطوط العامة لخطة عمل لبنان تتضمن الآتي:
• في مجال نشر الديمقراطية: إصلاح القانون الانتخابي.
• في مجال حقوق الإنسان وحكم القانون: تطبيق إستراتيجية حقوق الإنسان.
• في مجال بناء المؤسسات: إصلاح قطاع الأمن.
ومن أجل دفع لبنان للمضي قدماً في هذه المسارات أعرب الاتحاد الأوروبي عن رغبته في القيام بالآتي:
• دعم التعاون والحوار اللبناني – الأوروبي.
• دعم الإجراءات التشريعية الهادفة إلى إزالة الحواجز التجارية بين لبنان والاتحاد الأوروبي.
وإذا حاولنا البحث عن الشياطين الكامنة في التفاصيل نلاحظ:
• إن التعاون والحوار الأوروبي – اللبناني هو الذي يسبق القيام بعمليات: إصلاح القانون الانتخابي، إستراتيجية حقوق الإنسان، وإصلاح قطاع الأمن.
• نلاحظ عدم وجود أي أسبقية لأولوية الدعم الاقتصادي للبنان برغم أن لبنا يحتاج أولاً وقبل كل شيء للمساعدات الاقتصادية، فإن ما تم تذييله في خطة عمل لبنان هو رعاية مؤتمرات المانحين التي تقدم الوعود بمنح المساعدات المشروطة بتنفيذ أولويات خطة عمل لبنان والتي تأتي في مقدمتها عملية التعاون والحوار وقد تم وضع التعاون قبل الحوار في إشارة واضحة إلى أن على اللبنانيين أن "يتعاونوا" أولاً قبل الخوض في أي حوار.بكلمات أخرى، إن عليهم أن يتعاونوا في ملف حزب الله وملف الحدود السورية – اللبنانية، ملف المحكمة الدولية، وملف تنفيذ القرارات الدولية.. ثم بعد ذلك على اللبنانيين واستناداً إلى قائمة الأولويات أن يقوموا بإصلاح القانون الانتخابي اللبناني عن طريق التعاون مع الأوروبيين قبل الحوار معهم حول طبيعة هذه الإصلاحات، وفي هذا الصدد هناك توقعات بأن تصور الاتحاد الأوروبي للإصلاحات الجديدة الخاصة بالقانون الانتخابي سوف يركز بشكل رئيسي على إعادة ترسيم جغرافيا الانتخابات الإقليمية يعطي وزناً أقل لمناطق نفوذ حزب الله اللبناني وحركة أمل، وتأكيداً لذلك، جاء بند تطبيق إستراتيجية حقوق الإنسان بعد بند إصلاح القانون الانتخابي لأن تطبيق إستراتيجية حقوق الإنسان قبل إصلاح القانون الانتخابي سوف يتناقض تماماً مع مخطط حرمان الموالين لحزب الله وحركة أمل من حقوقهم الانتخابية. وهكذا فإن الوسائل البنائية المؤسسية التي لجأت إليها دبلوماسية الإدارة الأمريكية – الاتحاد الأوربي إزاء لبنان، والتي برزت تداعياتها أكثر فأكثر من خلال مفهوم التعاون قبل الحوار، قد تجلت بشكل واضح في تحركات الاتحاد الأوروبي الأخيرة إزاء الملف اللبناني، والتي تمت تحت الرعاية والإشراف الفرنسي وركزت على ممارسة الضغوط من أجل الحصول على "التعاون" على النحو الذي يؤدي لتوجيه دفة الملف اللبناني وفقاً للأولويات المدرجة ضمن أجندة علاقات عبر الأطلنطي والتي تهدف إلى تحويل لبنان إلى قاعدة من أجل فرض السيطرة والنفوذ على منطقة الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص سوريا والساحة الفلسطينية.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...