في حمص كتب على الرصيف بأسعار تنافس البطاطا
الجمل ـ حمص – يامن حسين: كتبٌ على الرصيف , كتبٌ في كافة المجالات الأدب, الشعر , المسرح , السياسة , الدين.. كتبٌ: أطفال يتامى على رصيفٍ بارد بانتظار من يتبناها ويدفئ صفحاتها بنظرة أو بلمسة يد.. هذا هو المنظر الذي يطالعك وأنت تمشي أمام الساعة الجديدة في مدينة حمص..
تخبرك الكتب بحالها وأحوالها وما آلت إليه ثقافتنا ففي زمن مضى كانت سبباً لثورات وأحيانا أودت بكاتبها إلى القبر أو السجن وفجأة وجدت نفسها متعبة بورق قديم وغلاف مجعد كوجه أبو علي العجوز ذو الخمس والستين عاماً الذي يتاجر بالكتب المستعملة منذ عشر سنين ليعيل نفسه وزوجته
في كل صباح وبعد فنجان قهوته يحمل أبوعلي بضاعته الثقافية وكرسيه الخشبي القديم ويتجه إلى نفس الرصيف يفرش الكتب على قطعة نايلون برفقٍ خوفاً من تلفها ويعرض على المارة أسعاره المنافسة حتى للبطاطا .. !!
يأتي شاب يسأله عن سلسلة المسرح العالمي التي أصدرتها وزارة الثقافة الكويتية ويبازره على السعر ويستقر الطرفان عند سعر ال (25 ليرة في حال أخذ مسرحية واحدة وعشرين ليرة في حال أخذ اكثر من 5 مسرحيات)
بعد ساعة تأتي شابة في مقتبل العمر تشتري ديوان شعر لنزار قباني مستفيدةً من رخص الأسعار ومن جودة الطبعات كما عبرت..
تمر شابة تسأل عن مجلدات رأس المال لكارل ماركس فيعدها أبو علي بتأمين طلبها بعد يومين .. وتخبرنا أن أغلب مقتنياتها من الكتب هي من الباعة على الأرصفة ,وتضيف: ثمة جمالية كبيرة عندما ترى أحداً قبلك قد وضع خطاً تحت عبارة مهمة أو وصف جميل وكثيراً ما تجد تاريخاً مكتوباً في أول صفحة دونه مقتنيه الأصلي والبعض من هذه التواريخ يعود للسبعينيات وربما تصادفك عبارة في رأس الصفحة فيها إسمٌ لعاشقين أو تاريخ لذكرى مهمة أو توثيق لتاريخ إنتهاء صاحب الكتاب من قراءته وفي أي ساعة إنها تفاصيل بسيطة ربما لكن ليست تافهة إنها جزء من دورة حياة الكتاب التي تشبهنا نحن البشر..
أما أبو علي فيروي لنا حكايته مع الكتب التي قرأ معظمها وحفظ أبيات شعر كثيرة من دواوين نزار وبدوي الجبل وأبو النواس وأحياناً يقرأها للمارة لترغيبهم بالشراء ,ويعبر عن فرحه لرؤيته جيلاً من الشباب
لازال يقرأ ويقول: إن هذه الكتب التي باعها أصحابها لي نتيجة فقر أو لأن ورثتها لم يدركوا أهميتها ، تجد الأن من يرعاها ويعيد لها الحياة ومازلت أرى في شباب بلدنا أملاً في جيل مثقف وما عليك سوى أن تراهم وتحصيهم وهم يشترون هذه الكتب لتقدر بنفسك ..!
الجمل
إضافة تعليق جديد