صورة سورية الشيطانية في مراكز الأبحاث الإسرائيلية - الأمريكية

24-03-2008

صورة سورية الشيطانية في مراكز الأبحاث الإسرائيلية - الأمريكية

الجمل: توجد في إسرائيل العديد من مراكز الدراسات، والتي برغم تعدد اختصاصاتها، فإنها تركز على البحث العميق في قضايا ومسائل الصراع العربي- الإسرائيلي، ومحاولة تقديم الإجابات والحلول الاستباقية للتساؤلات والمشاكل المتعلقة بأمن إسرائيل.
* مراكز الدراسات الإسرائيلية وتشكيل الإدراك الإسرائيلي:
المجتمع الإسرائيلي الذي يتكون من الأفراد والجماعات اليهودية التي تعيش ضمن الكيان الجيو- سياسي الإسرائيلي المصطنع، هو في حقيقة الأمر مجتمع لا يعرف عن البيئة السياسية- الاجتماعية الشرق أوسطية التي تم زرعه فيها، سوى أنها بيئة ترفض وجوده جملة وتفصيلاً، وبالتالي فإن وجوده إلى زوال مهما كانت فعالية القوة العسكرية الإسرائيلية، ومهما كانت درجة تعامل وتعاون بعض الأطراف العربية الحالية مع إسرائيل.. وتأكيداً على ما سبق، فإن مراكز الدراسات الإسرائيلية وجدت الباب والسبيل واسعاً أمامها للقيام بمهمة تشكيل الوعي الإسرائيلي إزاء الواقع الداخلي والإقليمي غير المواتي لوجود إسرائيل..
ولما كانت مراكز الدراسات الإسرائيلية، خاضعة بالكامل، لنفوذ جماعات المصالح التي تدير دولاب لعبة المصالح داخل إسرائيل، فقد أصبحت الأطروحات التي تتبناها هذه المراكز، لا تمثل سوى الجانب "الفكري التجريدي" لحملات الترويج والتسويق الهادفة لخدمة مصالح الأطراف الراعية لهذه المراكز.
* الإدراك الإسرائيلي إزاء سوريا: إشكالية التنميط السلبي:
الإدراك الإسرائيلي إزاء سوريا، يقوم على أساس أكثر الاعتبارات غلواً وتطرفاً في السياسة الإسرائيلية التي تركز على البنى الليكودية الموغلة في التطرف التلمودي اليهودي، وبكلمات أخرى، تمثل سوريا بالنسبة للإسرائيليين الإرادة العربية التي ظلت على مدى أكثر من ستين عاماً عصية على كل محاولات الترويض الصهيوني- الإسرائيلي، سواء عن طريق الترغيب أو الترهيب.
خلال الفترة التي أعقبت غزو واحتلال القوات الأمريكية للعراق ظلت سوريا هدفاً لواحدة من أبرز العمليات النفسية- الإعلامية الإسرائيلية، وتميزت هذه العلمية بالآتي:
- التخطيط العلمي المدروس
- الشمول الفكري والمعنوي
- اتساع النطاق
- تعدد الأطراف التي تقدم المساندة والمؤازرة للجهد الإسرائيلي
- تورط بعض الأطراف العربية.
وعلى ما يبدو، أو بالأحرى، كما هو واضح، فقد بدأت هذه العملية النفسية المعنوية في أروقة مراكز الدراسات، والتي وضعت البذرة الأساس لمشروع "تنميط" سوريا، باعتبارها بؤرة ومركز الشر في منطقة الشرق الأوسط.
تقول معطيات الحرب النفسية- المعنوية، القائمة على أساس اعتبارات تعميم تطبيق إنجازات علم النفس الاجتماعي، بأن عملية "التنميط: steriotyping" هي أحد المفاصل المهمة في الحرب النفسية، وذلك لأنها تؤدي إلى تثبيت الصورة السلبية التي تم إعدادها بشكل مسبق، تم فيه تعمد إضفاء التشويهات عليها، بما يجعلها تقوم بدور فاعل في:
- توليد طاقة المشاعر السلبية
- تهيئة الأطراف الثالثة لتقبل المواقف المتحيزة.
مراكز الدراسات الإسرائيلية والتنميط السلبي لصورة سوريا:
نشر مركز أورشليم للشؤون العامة ورقة تحليلية حملت عنوان (تشريح التوترات السورية- الإسرائيلية: تحليل الخلفية) أعدتها وحدة الشؤون الإستراتيجية التابعة للمركز، وتشير الورقة التحليلية إلى النقاط الآتية:
- تقوم سوريا بدور القناة الأولية لتزويد حزب الله اللبناني المدعوم إيرانياً بالإمداد والعتاد.
- الميزان العسكري السوري- الإسرائيلي اتسم بنمو غير متماثل لصالح سوريا.
- قامت سوريا بعملية حشد وتعبئة عسكرية خلال السنوات القليلة الماضية وأصبحت قوة عظمى إقليمية في الأسلحة الكيمائية.
- تقوم روسيا بتزويد سوريا بالأسلحة والتكنولوجيا العسكرية، ولها قاعدة بحرية على الساحل السوري، وتقوم إيران بتقديم التمويل دعماً لتزويد سوريا بالسلاح.
- دور سوريا في زعزعة وتقويض استقرار المنطقة، سبق أن أشار إليه الجنرال جورج كيسي قائد القوات الأمريكية السابق في العراق، عندما أكد بأن سوريا تقوم بدور خط الإمداد الرئيسي لصور الأسلحة والمتطوعين عبر الحدود السورية- العراقية دعماً للتمرد العراقي ضد الولايات المتحدة وقوات التحالف.
- أحد الدوافع الرئيسية لسلوك سوريا العسكري الحالي، يتمثل في أن سوريا تعمل من أجل تحرير نفسها من الضغط الدولي الذي تواجهه بسبب تورطها في زعزعة استقرار لبنان
وعلى خلفية هذه النقاط الأساسية، ركزت الورقة على تقديم تحليل يهدف إلى ترسيخ وتثبيت صورة سوريا كما رسمت معالمها النقاط السابقة، وذلك عن طريق توجيه الاتهام المباشر القائل بأن صواريخ سوريا قد ضربت شمال إسرائيل في حرب لبنان الثانية.
* العوامل الرئيسية في السلوك السوري: منظور الورقة:
أشارت ورقة مركز أورشليم إلى العوامل التالية باعتبارها الرئيسية في السلوك السوري:
• يجد الإدراك السوري خياراً عسكرياً واقعياً على أساس النظرة لنجاح حزب الله في حرب الصيف الماضية.
• استمرت سوريا في إيواء ورعاية الجماعات الإرهابية الفلسطينية.
• تركيز الحشد والتعبئة العسكرية السورية بشكل أساسي على صواريخ سكود (بي، سي، ودي) الثقيلة والرؤوس الحربية الكيميائية.
• تسريع سوريا لزخم تدريباتها العسكرية وتعزيز بنياتها التحتية على الجانب السوري من مرتفعات الجولان.
* دور سوريا في زعزعة وتقويض استقرار المنطقة: منظور الورقة:
تخلص الورقة إلى أن التوترات السورية – الإسرائيلية سببها الحاجة الإستراتيجية السورية للخلاص من الضغط الدولي الناتج من تورط سوريا في زعزعة استقرار لبنان، إضافة إلى مصلحة دمشق في خلخلة الضغط الدولي الذي سببه اتهام سوريا بالقيام بدور في عملية اغتيال رفيق الحريري.
وتؤكد الورقة على قيام سوريا بتمرير الإمدادات إلى حزب الله الذي "يهدد إسرائيل" وتقدم التسهيلات والإمدادات للتمرد العراقي الذي "يهدد أمريكا وحلفاءها".
* اللوبي الإسرائيلي ومساندة مراكز الدراسات الإسرائيلية:
ورقة مركز أورشليم للشؤون العامة هدفت إلى تنميط سوريا وشكلت الخطوة الأولى التمهيدية التي ركزت على تحديد الخطوط العامة، وعلى خلفية هذه الورقة جاءت ورقة أخرى، حملت عنوان «دور سوريا في تقويض الاستقرار الإقليمي: وجهة نظر أمريكية». وقد تم إعداد الورقة هذه المرة بواسطة اليهودي الأمريكي ديفيد شينكر، خبير الشؤون السورية واللبنانية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، والمحلل المختص بالشؤون السورية واللبنانية بمكتب وزير الدفاع الأمريكي.
النقاط الأساسية الواردة في ورقة شينكر تمثلت في الآتي:
• بعد الغارة الجوية الإسرائيلية على سوريا، حذر الدكتور أندرو زيميل (مساعد وزير الخارجية الأمريكية لسياسة ضبط التسلح وشؤون التفاوض) من احتمالات أن يكون لسوريا عدد من "المزودين السريين" الذين يوفرون الإمدادات لبرنامجها النووي السري.
• الجنرال ديفيد بتراوس (قائد القوات الأمريكية في العراق في إفادته أمام الكونغرس الأمريكي، أبرز خريطة توضح دور سوريا في دعم التمرد العراقي).
• لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في مقتل الحريري أشارت بالاتهام إلى بعض الشخصيات السورية.
• أشارت وزارة الدفاع الأمريكية إلى تورط سوريا وإيران في بيروت الذي استهدف في عام 1983م مقر قوات المارينز في بيروت وأدى لمقتل 241 جندي أمريكي.
• خلال حرب الصيف بين إسرائيل وحزب الله، لم تقم سوريا بتسهيل مرور الأسلحة الإيرانية فحسب، وإنما قامت أيضاً بتقديم أسلحة إلى حزب الله.
إضافة لذلك، فقد حاول اليهودي الأمريكي ديفيد شينكر التركيز على الجوانب الأخرى، بحيث تكتمل الصورة التي حاولت رسمها ورقة مركز أورشيم. بكلمات أخرى، فقد ركزت ورقة المركز على الجوانب المحلية والإقليمية، أما ورقة ديفيد شينكر فركزت على الجوانب الدولية التي كان من أبرزها:
• التطرق لملف التحقيق الدولي في مقتل الحريري بالتركيز على استنتاجات المحقق الدولي السابق اليهودي الألماني ديتليف ميليس، الذي استقال من منصبه كمحقق دولي بعد انكشاف فضيحة تركيب الأدلة المزورة التي كان يقوم بإعدادها ضد سوريا بمساعدة بعض زعماء قوى 14 آذار اللبنانيين.
• التطرق لملف برنامج أسلحة الدمار الشامل السورية المزعومة، بالتركيز وتضخيم مزاعم الخبير أندرو زيميل وغيرها من زعماء جماعة المحافظين الجدد وخبراء معهد واشنطن ومعهد المسعى الأمريكي.
• التطرق للمزاعم القائلة بأن سوريا تقوم بالتحضير لشن الحرب ضد إسرائيل، وهي المزاعم التي سبق أن روج لها بعض الخبراء والزعماء الإسرائيليين.
تشير معطيات العملية النفسية الإسرائيلية الجارية حالياً، إلى أن المطلوب هو رسم صورة شيطانية لسوريا، في القيام لاحقاً بتحميلها أكبر ما يمكن من الآثام والشرور التي تحدث في المنطقة، وعلى خلفية هذه الصورة النمطية المشوهة، تستطيع أجهزة الموساد والشين بيت ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية وجماعة المافيا الروسية – الإسرائيلية، وغيرها القيام بتحميل المزيد من العمليات السرية في المنطقة لسوريا طالما أن الرأي العام العالمي قد تم إعداده وتهيئته لتقبل ذلك عن طريق الصورة النمطية التي تمت زراعتها مسبقاً في البنى الشعورية والإدراكية. بكلمات أخرى، يمكن توسيع دائرة العمليات السرية عن طريق قيام الموساد وغيره بتنفيذ المزيد من الاغتيالات في الساحة اللبنانية والأردنية والخليجية وغيرها ثم تحميل المسؤولية لسوريا.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...