سيّد البيت الأبيض الجديد وتأثيره في الأزمة السورية
أشهر قليلة تفصل العالم عن الانتخابات الأميركية، والصراع بين الديموقراطيين والجمهوريين وصل إلى أعلى مستوى، فمن سيفوز في الانتخابات؟ وهل سيكون لسيد البيت الأبيض الجديد تأثير إيجابي في المنطقة؟
عندما بدأ الرئيس باراك أوباما هجومه على سوريا في آذار/مارس 2011، اعتقد أنَّ الرئيس السوري بشار الأسد سيترك منصبه، كما فعل زين العابدين بن علي من تونس وحسني مبارك من مصر. رغم ذلك، أخطأ أوباما في تقدير الدعم المحلي والخارجي للأسد. قال العديد من المحللين إنَّ الطائفة السنية في سوريا هي التي أبقت على البلاد، وحافظت على الوحدة، من خلال دعم الأسد طوال الصّراع المستمرّ منذ 10 سنوات.
تحبّ الديموقراطيات الغربية الإشارة إلى حقيقة أنَّ الأسد من طائفة أقلية وسط 80% من الأغلبية السنيّة، ما يثبت أنهم لا يفهمون سوريا أو المجتمع السوري. سوريا دولة علمانية تتكون من 18 طائفة وسط حرية دينية، ويعيش فيها اليهود والمسيحيون والمسلمون جنباً إلى جنب. على الأقل، فعلوا ذلك حتى وصل الإرهابيون عبر الحدود من الأردن إلى درعا في آذار/مارس 2011.
كان الهدف من حرب الولايات المتحدة والناتو على سوريا “تغيير النظام”، وكسر الطريق السريع بين طهران وبغداد ودمشق وبيروت. الأسد وأغلبية السوريين ملتزمون بمقاومة احتلال فلسطين. إن إيديولوجية المقاومة هذه متأصّلة في الذاكرة الوطنية السورية فيما تخلَّت بعض الدول العربية عن القضية الفلسطينية.
إن الطريق السريع “أوتوستراد طهران بغداد دمشق” هو شريان الحياة للمقاومة، ويمكن تغييره في لحظة إلى طريق شامل للتجارة والسفر. إذا كانت خطّة الغرب هي قطع الطريق السريع، فيجب أن تكون خطة الشرق هي قطع سلسلة الولايات المتحدة وتل أبيب التي تربطهم.
ركض ترامب في العام 2016 على وعد بإعادة القوات من الحروب الخارجية إلى الوطن، ووقف التدخل الأميركي في الحرب السورية التي بدأها أوباما. بعد تولّيه منصبه، حقّق ترامب العديد من وعود الحملة. وفي العام 2017، أوقف برنامج وكالة المخابرات المركزية السرية”Timber Sycamore” . لقد دمَّر أوباما سوريا، وهو مسؤول عن مئات الآلاف من القتلى، لكنه لم يغزها قط. أتيحت له الفرصة للغزو في العام 2013، ولكن بعد أن أبلغه معمل الدفاع البريطاني في بورتاداون أن عيّنة السارين من هجوم الغاز في الغوطة الشرقية ليست من مصادر الحكومة السورية، ألغى الهجوم المخطط له. وقد أثبتت ذلك مدعية الأمم المتحدة، كارلا ديل بونتي.
أمر ترامب بغزو سوريا تحت ستار قتال داعش. وبينما كان حليف ترامب، إردوغان من تركيا، يدعم داعش، كانت العراق وروسيا وسوريا تقاتلها. رفض ترامب التعاون مع روسيا وسوريا اللتين كانتا بالفعل على الأرض تقاتلان داعش، وبدلاً من ذلك أصرَّت إدارته على خطة مكلفة للغاية لتدريب ودعم الانفصاليين الكرد في شمال شرق سوريا، لإسقاطهم مثل صخرة عندما تنتهي المعركة.
ربما لم يكن نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن العقل المدبر للحرب على سوريا، لكنه كان الرجل الثاني في شراكة تركت سوريا مدمرة، ومن دون مساعدة في الأفق، بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليها، والتي تمنع إعادة الإعمار، وشراء المستلزمات لمكافحة “COVID-19″، وأدوية العلاج الكيميائي.
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس: “إنني أشجّع على التنازل عن العقوبات المفروضة على الدول لضمان الحصول على الغذاء، والإمدادات الصحية الأساسية، والدعم الطبي. هذا هو الوقت المناسب للتضامن وليس الإقصاء”، وأضاف: “دعونا نتذكر أننا أقوياء فقط مثل أضعف نظام صحي في عالمنا المترابط.”
إذا أُعيد انتخاب ترامب في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، فهل سيرفع العقوبات ويعيد القوات إلى خارج سوريا؟ هل تسمح إعادة انتخابه لسوريا بإجراء انتخابات رئاسية في العام 2021 بسلام؟ مع رفع العقوبات، يمكن لسوريا استيراد الأدوية والإمدادات التي تحتاجها لمحاربة فيروس كورونا وغيرها من الأجزاء والعناصر المتخصصة التي لا يمكن تصنيعها في سوريا، ولكن يجب طلبها من الخارج، وهي الآن محظورة من قبل الولايات المتحدة وبسبب عقوباتها
كتب سيمور م. هيرش “الخط الأحمر وخط الجرذ”، وشرح بالتفصيل سلسلة الإمداد الأميركية للأسلحة ذات التقنية العالية من ليبيا إلى تركيا. وكشف القتل الشنيع للسفير الأميركي كريستوفر ستيفنز في 11 أيلول/سبتمبر 2012 في بنغازي عن تورط إدارة أوباما في إمداد إرهابيي القاعدة بالقتال في سوريا من أجل تغيير النظام. واجه جو بايدن حاكم قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وورد أنه قال: “إذا منحتني خياراً بين الأسد والنصرة، فسأختار الأسد”.
في كليّة “كينيدي” للعلوم الحكومية في جامعة “هارفارد” في العام 2014، قال بايدن: “كان حلفاؤنا في المنطقة أكبر مشاكلنا في سوريا. كان الأتراك أصدقاء عظماء، ولديَّ علاقة كبيرة مع إردوغان، الذي قضيت الكثير من الوقت معه، والسعوديين، والإمارات، وما إلى ذلك. ماذا كانوا يفعلون؟ لقد كانوا مصمّمين على إسقاط الأسد، ولديهم بشكل أساسي حرب شيعية سنية بالوكالة، ماذا فعلوا؟ قدموا مئات الملايين من الدولارات وعشرات الأطنان من الأسلحة لأي شخص سيقاتل ضد الأسد – إلا أن الأشخاص الذين يتم توريدهم، كانوا النصرة، والقاعدة، وعناصر متطرفة من الجهاديين الذين قدموا من أجزاء أخرى من العالم”.
اعترف كلّ من ترامب وبايدن بأنَّ الولايات المتحدة استخدمت الإرهابيين بعد الإسلام الراديكالي للقتال في سوريا، من أجل هدف إدارة أوباما المعلن بتغيير النظام. من غير الواضح ما إذا كان ترامب أو بايدن يهتمان بإنهاء معاناة جميع السوريين، أو الاستمرار في مساعدة محافظة صغيرة واحدة: إدلب. إن معاناة حوالى 14 مليون سوري يعيشون في دمشق وحماه وحمص وحلب واللاذقية، قد لا تكون في ذهن الناخبين في الولايات المتحدة أو المرشحين.
الميادين-ستيفن صهيوني
إضافة تعليق جديد