سورية...القصة ذاتها سمعناها في ليبيا

17-10-2012

سورية...القصة ذاتها سمعناها في ليبيا

الجمل ـ ويليام بلام ـ ترجمة: رندة القاسم: قالت هيلاري كلينتون: (اليوم يتساءل الكثير من الأميركيين، و بالطبع أنا أسال نفسي، كيف حدث هذا؟ كيف لهذا أن يحدث في بلد ساعدنا على تحريره، في مدينة ساعدنا لإنقاذها من الدمار؟ هذا السؤال يعكس إلى أي حد يمكن أن يكون عالمنا معقدا و بنفس الوقت مربكا).
و وزيرة الخارجية الأميركية كانت تشير إلى الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي الليبية في الحادي عشر من أيلول الذي أدى إلى مقتل السفير و ثلاثة أميركيين آخرين. و ذكرت استخبارات الولايات المتحدة أن المهاجمين مرتبطون بالقاعدة في المغرب الإسلامي.
نعم، العالم بلا شك معقد و مربك، و لكننا علمنا بضعة أمور. الولايات المتحدة بدأت قصف ليبيا بالصورايخ مع معرفة كاملة بأنها تقاتل على نفس الجبهة مع نماذج من القاعدة. فبنغازي كانت و لا تزال معقل الإسلاميين الأصوليين بأنواع مختلفة في شمال إفريقيا.و لكن، من غير الصحيح الإدعاء بأن الولايات المتحدة (بمسمى الناتو) أنقذت المدينة من الدمار. فقصة غزو بنغازي "الوشيك" من قبل قوات معمر القذافي السنة الماضية كانت بروبوغندا لتبرير التدخل الغربي.
و اليوم تتدخل الولايات المتحدة، بدون قصف فعلي كما هو معروف إلى حد ما، ضد الحكومة السورية، و هي تعلم تماما أنها ثانية إلى جانب نماذج من القاعدة. فالاندفاع تجاه التفجيرات الانتحارية ضد أهداف سورية حكومية كاف بحد ذاته لتبديد أي شك حول هذا الأمر. و ثانية ، الولايات المتحدة تشارك في إسقاط حكومة شرق أوسطية علمانية.
و بنفس الوقت، لا يملك الأصوليون الإسلاميون في سورية، كما في ليبيا، أي وهم بأن أميركا تحبهم. فنصف قرن من الهجمات الأميركية على دول الشرق الأوسط، و إنشاء قواعد أميركية في الأرض المقدسة في السعودية، و دعم الولايات المتحدة للدكتاتوريات و لمجازر إسرائيل بحق الفلسطينيين قد حررتهم من هكذا أفكار خيالية.
إذن، لماذا تتطلع الولايات المتحدة بهذه الشراسة نحو تدخل ثان؟ إنها القصة التي رويت مرات كثيرة، و هي الهيمنة على العالم ، إسرائيل، النفط ...الخ. و سورية الأسد لم تظهر بشائر تدل على أنها ستكون دولة تابعة موثوقة و حيوية للإمبراطورية الأميركية. 
وحدها العوائق التي وضعتها كل من الصين و روسيا في مجلس الأمن من منع الناتو(بمسمى الولايات المتحدة) من إطلاق آلاف الصواريخ الجوية ل "تحرير" سورية كما فعل في ليبيا. أعلن قادة روسيا و الصين أن الولايات المتحدة خدعتهم في ليبيا، إذ اتفقوا جميعا على فرض "حظر جوي"، لا سبعة أشهر من الهجمات الصاروخية شبه اليومية ضد أرض و شعب ليبيا.
 و صحيح أن من حسن الحظ رفض هاتين القوتين منح الولايات المتحدة ضوءا أخضرا آخر، و لكن يصعب تصديق أنهما فعلا خدعتا فيما يتعلق بليبيا الربيع الماضي. فالناتو لا يقوم بحفظ السلام أو التدخلات الإنسانية، انه يشن حروبا، حروبا دموية فظيعة، و تغييرات أنظمة. و لابد أنهم متلهفون كثيرا لإظهار صفاتهم المميزة في سورية، و ربما دون مباركة مجلس الأمن، باستثناء أن الناتو و الولايات المتحدة يفضلون مهاجمة شعب أعزل بشكل استثنائي، و سورية تملك قدرات الصورايخ البالستية و أسلحة كيماوية.
و على الأرجح ساعدت الانتخابات الأميركية على منع أوباما من توسيع دور الولايات المتحدة في سورية. فربما استنتج أن هناك أصواتا أكثر في الحزب الديمقراطي هذه المرة على أساس السلام عوضا عن  شن حرب ضد بلد ثامن.
لقد بلغ انحياز وسائل الإعلام الغربية أقصى حدوده. فيوما إثر يوم، و شهرا بعد شهر، يخبرونا عن هجمات الحكومة السورية مستخدمة وسائل فظيعة، شبه ثابتة، مع ضحايا يوصفون بالمدنيين العزل، و دون أي دليل، و لا منطق، على أن الحكومة فعليا من يقف وراء هذه الهجمات, و نكتشف أن مصادر القصص منظمات معادية للحكومة، نادرا ما تخبرنا بتصرفات مشابهة من جانب المتمردين.
في أيار، عرضت الـ BBC صورا لمقابر جماعية في العراق خلال تغطيتها لمجزرة في الحولة، و زعم أنها تمت بيد الحكومة السورية، و فيما بعد قدمت المحطة اعتذارا عن الصور قائلة بأنها سلمت لل BBC عن طريق جماعة تمرد. و في السابع من حزيران، ذكرت الصحيفة اليومية الألمانية الرائدة  Frankfurter Allgemeine Zeitung على لسان خصوم للأسد أن مجزرة الحولة ارتكبت في الواقع على يد ميليشيات سنية معادية للأسد و أن معظم الضحايا من الأقليات العلوية و الشيعية،و كانوا مؤيدين للأسد بقوة.
وفقا لتقرير ل Stratfort و هي مؤسسة استخبارات أميركية خاصة ذات صلات عالية المستوى و قد حصل ويكيليكس على كثير من رسائلها الإلكترونية : (أكثر إدعاءات المعارضة السورية خطورة  ثبت المبالغة فيها بشكل فاضح أو أنها ببساطة غير صحيحة. لقد قالوا أن قوات الحكومة حاصرت حمص و فرضت موعدا أقصاه 72 ساعة للمتمردين  السوريين لتسليم أنفسهم و أسلحتهم أو سيواجهون مجزرة محتملة). و تصدر هذا الخبر العناوين الدولية. غير أن تحقيقات Stratfort وجدت انه  (ما من إشارة الى مذبحة) و حذرت من أن (قوات المعارضة لها مصلحة في تصوير مذبحة وشيكة، مع أمل محاكاة الظروف التي دفعت تجاه تدخل عسكري أجنبي في ليبيا) و تحدثت Stratfort   عن عدم أرجحية أية افتراضات لمذابح، لأن الحكومة السورية تتخذ إجراءاتها الصارمة لتفادي هكذا سيناريو، ممكن أن يؤدي إلى تدخل لأسباب إنسانية).
Democracy Now  (برنامج إخباري يومي تبثه أكثر  من 950 محطة راديو و تلفزيون في شمال أميركا و تستضيفه الصحفية الأميركية آمي غودمان) و الذي أعتبر طويلا مثال البرنامج التقدمي، كان بدرجة سوء ال CNN و الجزيرة (الأخيرة تملكها قطر، و هي مشارك عسكري فعال في كل من ليبيا و سورية).
فالانحياز الكبير ل Democracy Now في هذه الفترة يعود الى  بدايات الربيع العربي. و قد قام البرنامج باختيارات خاطئة لمراسلي أخبار الشرق الأوسط، ربما لأنهم فقط يتحدثون العربية او لديهم ارتباطات بالمنطقة. الى أين أنت ذاهبة يا آمي غودمان؟ روسيا اليوم تقف تقريبا وحيدة وسط محطات الأخبار التلفزيونية الناطقة باللغة الإنكليزية من حيث أنها تمثل البديل للخط الغربي الرسمي.
كتب مايكل تشوسودفسكي في Global Research  أن العراق و أفغانستان و ليبيا و الآن سورية سلسلة محطات  في خريطة طريق عالمية نحو حرب دائمة ستميل أيضا إلى إيران. أما روسيا و الصين فهما الهدف النهائي. و إذا سقطت الحكومة السورية فان نماذج القاعدة ستسيطر على النسخة السورية من بنغازي، و يجب أن ينصح السفير الأميركي آنذاك بعدم الزيارة.


بقلم الكاتب و المؤرخ الأميركي ويليام بلام
عن موقع Dissident Voice
الجمل: قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...