زيارة فيون لدمشق والمستجدات على خط الدبلوماسية الفرنسية-السورية

20-02-2010

زيارة فيون لدمشق والمستجدات على خط الدبلوماسية الفرنسية-السورية

الجمل: شهد يوم أمس الجمعة 19 شباط (فبراير) 2010م, وصول رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون إلى العاصمة السورية دمشق, وبرفقته وزير الاقتصاد الفرنسي كريستين لاغارد, ووزير الثقافة الفرنسي فريدريالرئيس الأسد يستقبل رئيس الوزراء الفرنسي فغانسوا فيلونك ميتيداند, إضافة إلى بعض كبار رجال الأعمال الفرنسيين:
الجديد في علاقات خط دمشق-باريس؟
جدول أعمال رئيس الوزراء الفرنسي: ماذا تحمل الترسيمات؟
تقول التقارير والمعلومات المتداولة بان زيارة رئيس الوزراء الفرنسي والوفد الرفيع المستوى المرافق له, تهدف إلى تحقيق النقاط الآتية:
• عقد اللقاءات مع القيادة السورية.
• تعزيز الروابط الدبلوماسية السورية-الفرنسية.
• صياغة علاقات اقتصادية سورية-فرنسية جديدة.
• توقيع العديد من الاتفاقيات في المجالات الاقتصادية والثقافية.
تحدث رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون قائلا, بأنه يسعى لبناء شراكة سورية-فرنسية, إضافة إلى السعي إلى إفساح المجال والسبل أمام علاقات دمشق-باريس, لكي نمضي قدما للأمام.
هذا, وأشار تقرير وكالة فرانس برس (AFP), إلى التوقعات, بأن يقوم رئيس الوزراء الفرنسي خلال لقاءاته في دمشق, بمناقشة ملف عملية سلام الشرق الأوسط, وملف الأزمة الإيرانية. وأضاف تقرير الوكالة, بأن رئيس الوزراء الفرنسي, سوف يغادر العاصمة السورية دمشق, متوجها إلى العاصمة الأردنية عمان, وذلك لإجراء المزيد من المحادثات مع الأردنيين.
سلوك السياسة الخارجية الفرنسية الشرق أوسطية:
يتضمن تحليل سلوك السياسة الخارجية الفرنسية الشرق أوسطية, الإشارة إلى العديد من الجوانب والأبعاد والعوامل, التي ظلت تلازم هذا السلوك, ومن أبرزها:
• متغير التوجهات: يتميز هذا المتغير بالتأرجح والتقاطعات المتعاكسة, ففي جانب تسعى فرنسا إلى الزعم بأنها تقوم بشكل مستقل لجهة الالتزام بواجباتها في منطقة الشرق الأوسط, وذلك من منطلق مسئوليتها التاريخية والحضارية, ولكن من الجهة الأخرى, نلاحظ أن هذه الاستقلالية السياسية-الدبلوماسية تختفي تماما, عندما يتعلق الأمر بملفات الصراع العربي-الإسرائيلي, وعلى وجه الخصوص ملف تحرير الجولان, وملف حقوق الشعب الفلسطيني, وملف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة ضد لبنان.
• متغير الأهداف: يرتبط متغير الأهداف بالتفضيلات المتعلقة بالمستقبل, وتحديدا بتفضيلات باريس المتعلقة بمستقبل مصالحها مع سوريا, ومع منطقة الشرق الأوسط, ومن المفترض, أن يقوم صناع القرار الدبلوماسي الفرنسيين بتحديد أهداف السياسة الخارجية الفرنسية إزاء علاقات خط دمشق-باريس, وعلاقات فرنسا مع بقية دول المنطقة, ومن المعروف بداهة بواسطة كل خبراء النظام الدولي, بأن دمشق هي البوابة والمفتاح لكل منطقة الشرق الأوسط, فهل يا ترى سوف يلتزم صانعوا القرار الدبلوماسي-الفرنسي بهذه الحقيقة في تحديد أهداف وتفضيلات السياسة الخارجية الفرنسية. أم أنهم سوف يسعون إلى اعتماد نفس رهانات السياسة الخارجية الأميركية الشرق أوسطية, التي تعتمد على مقاربة الملفات الشرق أوسطية من خلال إصدار القرارات التي لا تنسجم مع واقع المنطقة, ولا داعي هنا لأن نشير إلى المأزق الإشكالي الذي وقعت فيه السياسة الخارجية الفرنسية خلال حرب صيف عام 2006 (حرب لبنان الثانية), وخلال الأحداث التي أعقبت اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري, نقول لا داعي لان باريس تدرك تماما خلفيات ملفات هذه الأحداث.
• متغير المعاملات: يتضمن هذا المتغير التحركات العملية على أرض الواقع, أي مسرح العلاقات السورية-الفرنسية, وفي هذا الخصوص, وبرغم انفتاح دمشق المستمر والمتجدد إزاء الحوار والتعاون مع باريس, فقد ظلت باريس خلال الخمسة أعوام الماضية أكثر ميلا, لجهة الرهان على مشروع دبلوماسية واشنطن إزاء دمشق, فالسلوك التصويتي الفرنسي في مؤسسات المجتمع الدولي كان أكثر تطابقا مع وجهة النظر الأميركية-الإسرائلية, والأداء الدبلوماسي الفرنسي كان وإن سعى لأن يظهر بمظهر المستقل, فإنه كان أكثر تطابقا وانسجاما مع الأداء الدبلوماسي الأميركي.
لن نمضي بعيدا في انتقاد الأداء السلوكي الدبلوماسي الفرنسي الشرق أوسطي إزاء سوريا خلال الخمسة أعوام الماضية, فبرغم السلبيات, فقد حدثت العديد من المؤشرات الاتصالية الإيجابية, منها على سبيل المثال لا الحصر:
• زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى فرنسا في عام 2008م.
• زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى فرنسا في نهاية عام 2009م.
• زيارة الرئيس الفرنسي ساركوزي إلى سوريا في عام 2009م.
وإضافة لذلك, فقد ظلت تتواتر زيارات كبار المسئولين السوريين لفرنسا, وكبار المسئولين الفرنسيين لسوريا, ومنها زيارة رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيلون والوفد المرافق له إلى دمشق, يوم أمس الجمعة.
السياسة الخارجية الفرنسية إزاء سوريا: إشكالية ثنائية الاستمرارية والتغيير:
تنصرف السياسة الخارجية إلى مجال المعاملات الخارجية, وفي هذا الخصوص تأخذ علاقات السياسة الخارجية إما طابع الصراع, أو طابع التعاون, وتأسيسا على ذلك فقد أخذت العلاقات السياسية الخارجية السورية-الفرنسية أوضاعا تأرجحت فيها لجهة الانتقال من حالة التعاون إلى حالة الصراع في أحيان, وفي أحيان أخرى من حالة الصراع إلى حالة التعاون, وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بإدارة أزمة الملف اللبناني.
إن إحداث المزيد من التغييرات الإيجابية بحيث تنتقل علاقات خط دمشق-باريس إلى مرحلة التعاون الكامل, فمن المطلوب أن تتأسس هذه التغييرات الإيجابية على حقيقة أن التغيير الإيجابي يحدث في معرض الاستجابة للمحفزات الإيجابية, والتي من أبرزها:
• متغير السلام في المنطقة.
• متغير احترام سيادة دول المنطقة.
• متغير المعاملات القائمة على توازن المصالح.
ولكي تتم عملية ضبط وتفعيل هذه المتغيرات على أرض الواقع, فإن على الجانب الفرنسي, أن يسعى إلى إعادة ضبط عملية صنع قرار السياسة الخارجية الفرنسية الشرق أوسطية ضمن سياقات الإدراك الحقيقي الواقعي, فالسلام سوف يتحقق حصرا عن طريق التسوية القائمة على رد الحقوق العادلة لشعوب ودول المنطقة, واحترام سيادة دول المنطقة, يمكن أن يتحقق عن طريق الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة, ويمكن القيام بإجراء المعاملات القائمة على توازن المصالح بين فرنسا وسوريا وبقية دول المنطقة, وهذا التوازن قابل للتحقق حصرا إذا امتنعت باريس عن ربط مصالحها في المنطقة بمصالح الأطراف الخارجية الأخرى المتنافرة مع المنطقة, وعلى وجه الخصوص محور واشنطن-تل أبيب.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...