رياض نجيب الريس سفير فوق العادة في معرض بيروت العربي للكتاب
رياض نجيب الريس، رجل المعرض، يسكن إلى الضوء إلى واجهة المعرض وكما في كل عام في صالة عرض طويلة هي الكبرى. يأخذ مقعده في الوسط، مقعد للجلوس أشبه «بالديوانية» في الصالون الكبير وراء ضحكات وابتسامة عريضة تقيم في ألوان الأغلفة والكتب والعناوين العديدة الملصقة على الجدران. اللقطينة رفيقته المفضلة، مسرح الديكور أو ديكور المسرح تنتشر في أكثر من ممر، سرّ العرض وتكثر هذه الدورة وربما غداً تحل محل الكتاب نفسه! يا لأسرار اللقطينة، يعرفها الرئيس جيداً بتفاصيلها الدقيقة ويا للونها الأصفر النافذ، واللون الأصفر هو لون الغيرة وربما هنا في المكان رداً للغيرة. لا مغالاة في القول إن معرضاً ليس فيه رياض نجيب الريس هو معرض فاقد لأشيائه الكثيرة، الرجل صار رائحة المعرض، جزءاً من نسيجه، وهو الهاضم لأصوات المعرض المتعددة وكيف إذا صار عميد المعرض الوحيد. وبعدما انقطت بالضرورة صلة المعرض بأعمدته الكبار أمثال نبيل خوري وزهير عسيران وشيئاً ما من عميد «دار النهار» غسان تويني أمد الله بعمره وصحته وعافيته، بعد هذا القطع يبقى رياض الريس عافية المعرض، لا بل روح المعرض الذي نعرف.. هو الرجل بصموده، بألقه، بأحاديثه الناقدة والنافذة في السياسة والصحافة والوجوه والاجتماع صوت المعرض العالي جداً. لو كنت مكان الهيئة الإدارية في النادي الثقافي العربي وفي نقابة اتحاد الناشرين لعمدت إليه برئاسة المعرض هكذا بطريقة اوليغارشية هذه المرة، مع العلم أنه بعيد عن كل أشكال السلطة. في كل ظروف البلد الصعبة، لم يترك بيروت ولم يترك المعرض، ديناصوراً أليفاً من ديناصوراته الكبرى لكن المحببة. هو عاشق بيروت بامتياز. للأسف غابت منذ فترة مقالاته الصحافية الكبرى، التي كان يندفع بها بالحديث عن الصحافي وهمومه والسياسة ومغامراتها، ولا ندري إلى الحين أي شيء حل مكانها؟ ينتابك شعور ما وأنت تصافحه بصداقة عميقة جداً جداً مع المدينة العربية، مع رجل يحب لبنان كما والده مع السيرة التي تتدفق غنائياً. ليث صحافي، مديني، عربي، علماني من الرقي بمكان، من جيل آخر المشاركين في النهضة العربية الأولى والمندفعين بقوة إلى نهضة عربية ثانية بعد كل رياح الشمال والجنوب والشرق وبعد كل رياح السموم، حين تهدأ العاصفة. من دونه طعم معرض الكتاب سيكون لذيذاً بالضرورة ولكنه يذهب إلى طعم آخر. لو كان الأمر بيدنا لاقترحناه سفيراً للنوايا الطيبة بين سوريا ولبنان ولوضعنا حجراً من كتاب على رأس المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري. لكنه الصحافي المشاكس، كثير الازعاج كما كتبه ودار نشره، يكمل خمسين سنة أخرى من تدفق أحاديث البيت الصحافي. وبعد والده نجيب الريس (1898 ـ 1952) الذي صدر أخيراً كتابه بمقدمة رائعة عن حياته وجريدته وما كتب عنه، بعد ذلك «القبس»، وما يجري تداوله عن نجيب الريس الأب يكاد يكتمل بتظاهرة ابنه، والابن رياض يرث أبيه في تفضيل الصحافة على أي شيء آخر. رجل مدهش حقاً، عالياً في المكان، جغرافيا لا بل خارج الطريق إلى معرض بيروت للكتاب العربي.
يقظان التقي
المصدر: المستقبل
إضافة تعليق جديد