رسالة حمص : الأصوات الانهزامية والمهادنة يجب أن تخرس
الجمل ـ حمص ـ باسل ديوب :لم يتمالك أبو خالد نفسه وقد طفرت عيناه بدمعة نشوة ،فهتف الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، وصفق بحرارة بعد أن ختم نصر الله كلمته القصيرة مساء أمس بخبر تدمير بارجة صهيونية قبالة شاطئ ء بيروت ،في رسالة " مغامرة" وجهها لعتاولة الحكمة والعقلانية العربية .
يوم أمس الجمعة كمعظم الأسر السورية تحلقت الأسر في حمص حول شاشات التلفزة ،وبدلاً من التنقل الرشيق بين روتانا و إي أر تي والتو و الميلودي و الدريم وقناة الأفلام كما تفعل معظم الفتيات والنساء في الأيام العادية تنقلت الأسر بكل أفرادها بين الجزيرة والمنار وNew TV و ANB والعالم والفضائية السورية و العربية،وسط مشاعر تختلط فيها الفرحة والعزة والفخر بالأسى والقلق من المجهول ، فالعملية النوعية التي نفذتها المقاومة اللبنانية بعد حوالي العشرة أيام من أسر شقيقتها الفلسطينية لجندي صهيوني في غزة ، والتي أثمرت عن أسر اثنين ومقتل ثمانية ، كانت بلسماً لأناس يتوقون لوقفة عز وكرامة كهذه، تشد من أزر الموقف الصامد لغزة تحت القصف والحصار والتجويع ،وتعيد عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار ورفاقه الآخرين من معتقلين عرب لعائلاتهم وأحبابهم.
في قلب هؤلاء رجل تثير فيهم لحيته وإيمانه العميق ورباطة جأشه كل مشاعر الإعجاب ، لكن كل جيل وكل شريحة تعبر عن ذلك بطريقتها ، فأبو العبد سائق تاكسي أربعيني قال " هذا ما كنا ننتظره من السيد حسن نصر الله حماه الله ، الشعب يُذبح بوحشية في غزة والعرب نائمون ، العملية ردت لنا الروح كما أن إهابته بالشيعة والسنة في العراق أن يتحدوا وينتبهوا لدسائس أمريكا كانت رائعة هذا هو الرجل المؤمن الكبير وليس من يظهر من كهوف تورا بورا كلما أراده بوش ، نصر الله يظهر ويضرب حقيقة لا كذباً وقبل أن ينتهي من كلامه كانت بارجتهم تغرق "
أما الشاب "محمود" الذي انتبه لاحتراق سيخ الشاورما فسارع لفتله ،وسن سكينه لمتابعة قطع اللحم قال " والله ليس ينفع معهم إلا السيف وأشار بسكينه الطويلة كالسيف في الهواء ، ليعرف اللبنانيون أن سورية وراءهم وحدها، وأن زمرة 14 آذار كانت مخطئة في تجييش اللبنانيين ضد سورية ،اليوم الكل يتآمر على المقاومة – ويعدد أسماء ملوك ورؤساء عرب _ وسورية ستثبت أنها الوحيدة مع لبنان، أنا كنت ضد تزويدهم بالكهرباء لأنهم يعادوننا ويحرضون علينا،أما الآن وبعد تدمير المحطات ومن أجل المقاومة وعيون أبو هادي فلتقطع الكهرباء عنا نحن السوريين وتعطى لهم وكذلك الاسمنت لبناء ما تهدم من جسور "
وتساءل ألن يحتاجوا لعمال سوريين غداً ؟؟؟
كلامه لم يكن في الهواء ومجاناً فمحمود وقبل أن ينتهي من كلامه كان قد أعد سندويشة شاورما وقدمها لنا على شرف المقاومة .
لكن للمقاومة وسيدها شعبية لا يضاهيها شيء عند النساء فهو أبو الشهيد ولعل الأمهات هن الأقدر على تحسس هذا الشعور أن يفقد الإنسان فلذة كبده بكل طواعية ورضا وتسليم .
كانت تجلس على شرفة المنزل عندما سمعت أصوات تكبير وتصفيق وزغاريد، لم تعر للأمر اهتماما فكأس العالم جعل انبعاث هذه الأصوات والتصفيق من المنازل حدثاً عادياً ، تقول أم محسن بلهجتها الساحلية " الله ينصرك يا بو هادي الله ينصرك بجاه الحبيب محمد الله ينصره هالطاهر هالشريف ، كل أبشوف هالأطفال بفلسطين قلبي بيتقطع ، يخرب بيتهن ما تركوا جسر وإلا ضربوه ، الله ينصرك يا شريف يا طاهر "
لم تنس "أم محسن" المصابة بالضغط والسكر وبأكثر من جلطة و التي يؤلمها تحريك يديها أن تطلب من ابنها الشاب أن يصفق ثانية عندما سمعت نصر الله يخبر عن ضرب البارجة قبالة شاطئ بيروت .
"كامل الخليل" مهندس كهرباء سارع للاتصال بصديقه ليزف له خبر ضرب البارجة الصهيونية " صارت البارجة الإسرائيلية بالقاع حط ع النيو تي في عندهم مشاهد لها هذه أول المفاجآت"
كان ذلك اتصاله الخامس لأصدقائه
وربما كان "كامل" الأكثر تسييساً ممن التقيناهم من الشبان " لقد عبر السيد حسن نصر الله بقوة عن جوهر فكر المقاومة ، الأصوات المهادنة والانهزامية يجب أن تخرس، يدعون الحرص على لبنان والسياحة و البنى التحتية فليوقفوا العدوان إذا كانوا صادقين ، إسرائيل تعمل وفق مخطط مسبق من الأفضل المقاومة ونحن ننتظر المزيد من المفاجآت التي وعد بها نصر الله ، واعتقد أن تلك الأصوات متواطئة مع مخطط العدو منذ إخراج سوريا من لبنان ومع حكام عرب يعتبرون الفعل الحر المقاوم مجرد مغامرة لأنهم بلا شرف "
منذ أسر الجندي في غزة و"عبد الحكيم" يتبع صلواته بالدعاء للمجاهدين بالنصر ، وهو مستاء جداً كون لا تلفاز في الورشة التي يعمل فيها ليشاهد آخر التطورات ويخشى بعد تعرض إذاعة النور للقصف أن ينقطع بثها فهي مصدره الأول للمعلومات إلا أنه يسجل احتراماً للتلفزيون السوري الذي تبين له أنه " متحسن على غير العادة "
لكن وقعاً لطيفاً كان لتأكيد نصر الله في خطابه أنه مغامر كمقاوم ، وأنهم وصفوا منذ بدء المقاومة بأنهم مجانين وأنه اختار الجنون و ترك العقل للحكام العرب ، ولعل هذا الأمر أطرب الحماصنة بشدة يقول عماد / طالب جامعي
"نحن مجانين مثل المقاومة الكل يصفنا بالجنون ونحن نضحك ونقول نعم ، إلا أننا الأكثر ذكاء وعقلانية ، لكن صيت الجنون يلاحقنا كحماصنة ،و يا ليت العرب يجنون مثل جنون المقاومة، هذا أجمل جنون في العالم ، عقلانية الحكام العرب هي الصمت بعد تلقي الصفعات والركلات ، لكنهم يجودون على المتظاهرين المتضامنين مع فلسطين ولبنان بالرصاص والقنابل المسيلة للدموع والسجون "
كان لافتاً في خطابه الأول توجهه للشعب العراقي بالتنبه للفتنة ما جعل الكثيرين يشيدون بكلامه هذا الذي يؤمل منه أن يرأب صدعاً يسعى الأمريكيون والإسرائيليون وجهات أخرى إلى تعميقه بين العراقيين
يقول الحاج محمد الرفاعي " هذه الوحدة الإسلامية التي نريدها، في غزة الناس تهتف للمقاومة ولحزب الله ، العدو واحد وهو الذي يشق الصف العربي في العراق علينا الصمود وأنا أؤيد كل خطوة لدعم حماس وحزب الله والعراق بما فيها الاشتراك في الحرب "
قد لا يكون ما شاهدناه في الشارع هو كامل المشهد فقلة من السوريين يشدها الرأي الآخر على مبدأ جكارة بالطهارة!!
لكننا لم نتمكن من لقاء أحد من هؤلاء المشدودين و المثقفين " جداً" ، إلا أن عدنان الحوراني وهو ضابط مسرح وسجين سياسي قال " هي معركة شرف حقيقية والحكومة الإسرائيلية تتصرف بحماقة وتهور ، ولا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يقوم به العدو، قد يوسعون هجومهم نحو سورية ، المقاومة تتحلى بالهدوء والثقة و ستنتصر لا محالة ، هي مسالة أيام فقط وستسعى أمريكا وجوقتها العربية لتحصيل ما يمكن تحصيله لإسرائيل من هذه المواجهة الخاسرة ،والتي سيكون لها أثر طيب على الفلسطينيين والمقاومة في العراق " ويعتقد الحوراني أن في جعبة حزب الله مفاجآت أخرى من العيار الثقيل ، مستنكراً مواقف حكام مصر والأردن والسعودية الذين أسقطوا برقع الحياء :
" غريب أمرهم لكن كلام نصر الله بحقهم أثلج صدور الشعب العربي كله، خيار المقاومة والصمود هو ما يعيد الحقوق لا سلام الأنظمة ولا تخر صات المثقفين الجدد من مدرسة 14 آذار"
انتصفت الليلة الثالثة ولا زال الحماصنة يتنقلون بين المحطات لكي يعيشوا الحالة مع أهلها ، فجنون المقاومة الذي يجعل نصف مليون صهيوني يبيتون في الملاجئ ويغرق البوارج ويتوعد طائرات القتل والتدمير يروق جداً لمزاجهم الجنوني المقاوم .
الجمل
إضافة تعليق جديد